المدرسة حياة الكلمة الصدق…القول والفعل
د. محمد بن أحمد البرواني
الصدق ضدُّ الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقًا وصِدْقًا وتَصْداقًا، وصَدَّقه: قَبِل قولَه، وصدَقَه الحديث: أَنبأَه بالصِّدْق، ويقال: صَدَقْتُ القوم. أي: قلت لهم صِدْقًا وتصادقا في الحديث وفي المودة.
معنى الصدق اصطلاحًا:
الصدق: (هو الخبر عن الشيء على ما هو به، وهو نقيض الكذب).
وقال أحمد شوقي
والمرء ليس بصادق في قوله * حتى يؤيد قوله بفعاله
وقد ورد لفظ الصدق في القرآن الكريم في ثلاثة وخمسين ومائة موضع.
إبلاغ ابنك أو ابنتك بعد قرع الجرس بإبلاغ القارع أنك غير موجود يبقى أثره راسخًا في نفوس الأبناء ويكون سبيلاً لهم على اقتنائه ودليل لطريق قد يسلكوه.
لم نكن مدركين يومها من وسيلة التخويف التي تتبع في الماضي لمنعنا من الخروج ليلًا أو لترغيبنا للنوم كلمة ” حمرا مخصف ” أنها تعني التمر أي أحمر في الخصف والتي لازمت هذه الكلمة جوارحنا خوفاً لدى الكثير منا وحتى اليوم، فمع كل حركة لعود أو صوت لأي شيء في فترة سكون إلا وهناك ردة فعل من دافع الخوف، مما يجعل ذلك الخوف ملازماً له طيلة حياته يحدّه عن تقدير ذاته وتقديم الأفكار وتنفيذها والجرأة في القول والفعل.
أهم أمر يعيد الثقة ويعمل على بنائها الصدق في القول فعندما يرى العاملون أو الطلاب في المدرسة صدق المدير من خلال فعله فأقرب قدوة لهم هو، وأكثر ملهم لهم هو، وهو الشخص الذي يستطيع إقناعهم وهو الرجل الذي من خلاله تتعزز نفوسهم لتحقيق أهدافها. فعلى الرغم من كره كفار قريش للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنهم وصفوه بالصادق الأمين ورضوا بحكمه في رفع الحجر الأسود بل وصفوه بالصادق الأمين وصفاً دقيقاً على الرغم من حقدهم.
لقد كُلّفتُ بمدرسة كان الإنقسام فيها على مصراعيه عاملين وطلاب فقدوا ثقتهم بالإدارة، إلا أن الصدق في القول وثم الفعل جعلت من الإقبال إلى التعليم مثار الطالب ومطلبه، والمعرفة مجال لإشباع نهمه، عُزّزت بالمسابقات والفعاليات التي ترعى كل موهبه شَاهدوه فعلاً ولمسوها حقيقة فزادت من تعلّقهم وألهبت مشاعرهم فتوّهجت عواطفهم وانبرت مهاراتهم وزادت عزائمهم فانجذبوا إليها انجاذباً زاد من شبقهم، واستعاد حيويتهم وأبرز مهاراتهم وحقق أهدافهم.
اتباع حسن القول والاستماع للآخر والمشاركة في صنع القرار والتفويض والتمكين والعمل في فريق كان تحقيقاً لقول، ففعله نتاج صدق قول، فكما يقول مصطفى محمود ” إن حضارة الإنسان و تاريخه و مستقبله .. رهن كلمة صدق و صحيفة صدق و شعار صدق.. فبالحق نعيش، و ليس بالخبز وحده أبدا” . فعمل العاملون بجد واجتهاد فأبرزوا المهارات وقدّموا كلّ سبيل من أجل أن يصل المتعلمون إلى غاياتهم.
إن البعد عن الصدق ونهج سلوك مغاير يؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس وهي لها انعكاسات سلبية عديدة ومضار كثيرة ومعيقات كبيرة، فهل هناك مآل أسوأ من الركون أو النكوص أو التّقمُص أو الشيزوفرينيا أو الباراونيا، فإن كانت مآلات الفرد كذلك فما بالك بمآلات المجتمع الذي قد تصل به إلى جوانب الحياة غير المرغوبة ، فيزداد تقمص الأدوار السلبية وتتعزز الأهواء الشخصية؛ مما يفكك المجتمع ويعمل على انحلاله ويضعف اقتصاده، فبدل الإنشغال ببنائه وتقدمه ينشغلون بمشاكله.
إن وجود مراكز للدراسات تعنى بسلوك الناس وتحسين ثقتهم بمجتمعهم وتبصيرهم لغاياتهم وتوجيههم إلى إعمال العقل والمنطق والأخذ بالعلم يؤدي إلى التمييز بين ما هو صواب وخطأ وسبيل إلى درء التفاهات وإبعاد الخزعبلات، فالعلم سبيل كل طالب وبصيرة كل جاهل ومبيّن كلّ غامض.