الدكتور : سعيد بن راشد بن سعيد الراشدي 2/12/2020
الحمد الله والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين الهادي الأمين محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وبعد:
بعونٍ من الله سبحانه وتعالى سوف أتطرق في مقالي هذا إلى مبدأ إداري مهم قامت عليه الإدارة من منظور إسلامي وهو مبدأ العدل بين الناس. ومن خلال ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من تعاليم وتوجيهات ربانية لتلك المبادئ والمواقف الإدارية التي بدون شك متى ما تم تطبيقها في الإدارات الحديثة المعاصرة؛ فإنها تعود بالنفع والفائدة بشكل كبير على كل من يعمل في المؤسسات بمختلف أهدافها وهياكلها التنظيمية، وعلى كل من يكون قائداً لفريق عمل ما.
وهناك العديد من الآيات الكريمة في القرآن الكريم نجدها تمثل وتتحدث عن مبدأ العدل وأهميته بين الناس وإرجاع الحقوق إلى أصحابها، حيث جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: ” إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً” الآية “58”من سورة النساء.
وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً” الآية “135” من سورة النساء.
وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” الآية “8” من سورة المائدة.
ومن خلال الآيات الكريمة يتضح لنا المضمون الإداري الرائع الذي يتمثل في رد الأمانات والحقوق لأصحابها، والعمل بينهم بمبدأ العدل والسواسية في كل ما يخص حياتهم، وهنا تبرز أهمية تبني الإدارات الحديثة المعاصرة بنظرياتها ومفاهيمها وأفكارها أُطر معينة وآليات ومبادئ محددة، تتمثل في إرساء مبدأ العدل والعمل به بين جميع العاملين دون تفرقة فيما بينهم. ويمكن لنا أن نخلص إلى بعض من الجوانب الإدارية المهمة لكل مؤسسة أو لكل قائد باختلاف الموقع الإداري الذي يكون فيه، والتي يمكن لنا استخلاصها من خلال الآيات الكريمة وتتمثل في الآتي:
• أهمية المحافظة على الأمانات والحقوق المتعلقة بالناس وإرجاعها إلى أصحابها.
• عدم استخدام السلطة في اغتصاب الحقوق والأمانات من أصحابها.
• أهمية ترسيخ مبدأ العدل التام بين العاملين.
• الابتعاد عن الهوى والتعصب في التعامل مع الآخرين، وترسيخ مبدأ العدل بكل صوره.
هنا يتضح لنا جلياً أهمية ترسيخ مبدأ العدل بين العاملين في أي مؤسسة كانت؛ لما لذلك من جوانب إيجابية كبيرة على المؤسسة والعاملين فيها، وهذا بدوره يُمكِّن العاملين من العطاء والعمل بكل حرية وكل تعاون؛ مما يُولِّد لديهم حالة من الرضا فيسود الود والمحبة بين العاملين، ويشعر كل فردٍ منهم بأن حقوقه محفوظة ويشعر بالاطمئنان على نفسه مما يقوده لمزيدٍ من الانتماء للمؤسسة التي يعمل فيها، ويدفعه إلى بذل المزيد من الجهد للارتقاء بالعمل والوصول للأهداف المبتغاة.
وأخيراً وليس بآخرٍ لنا بإذن الله تعالى متابعة لاحقة لمبدأ آخر من مبادئ الإدارة من منظور إسلامي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
