الصوت الناقد
أحمد بن موسى البلوشي
النقد له أوجه مختلفة، وفي كل المجالات سواء كانت علمية أو فنية أو ثقافية أو سياسية..الخ، وهنا أتكلم عن النقد بمفهومه العام، والذي يُعرف بأنّه:” إبداء وجهة النظر حول عمل ما، وتبيان جوانب القوة والضعف فيه، واقتراح الحلول البديلة لتطويره”. ويجب على الناقد عندما ينتقد عملا ما أن تكون لديه القواعد والأسس والمقومات اللازمة لذلك.
وجميعنا يعرف بأنّ النقد بشكله العام ينقسم لنوعين بنّاء وهدّام، ولن أتكلم هنا عن النوع الهدّام لأنّي لستُ من أنصاره، وهو ليس ذا جدوى وفائدة، ومردوده في النهاية يساوي صفراً، بل سأتطرق للنوع الأهم، وهو النقد البنّاء، الذي يهدف للرقي وتجويد العمل وتصحيح الأخطاء، ولا يكون مقتصرا – كما يفهم البعض- على المدح والشكر فقط، وفي ذلك يقول جرجي زيدان: “إنّ الانتقاد يعني إبراز جوانب الاستحسان والنقص على السواء، وإن كلمة (انتقاد) ليست تعني إحصاء العيوب وحدها، ونريد من باب (الانتقاد والتقريض) كلا الجانبين”.
ونلاحظ في الفترة الأخيرة كثرة الانتقادات الهدّامة، ومن أشخاص ليس لهم دراية ولا هم من أصحاب الاختصاص، فبعض القوانين والأعمال طرحت مثلًا لهدف معين؛ فيجب علينا أن ندرسها ونفهمها من جميع الاتجاهات، وأن نقدم الحلول العلمية لها، ونبين جوانب القوة والضعف فيها إن كان لدينا فهم ودراية في الموضوع!
لذلك عندما تنتقد عملًا ما نقدًا هدّاماً فهذا ليس انجازاً؛ بل يعتبر إحباطا وتثبيطا للهمم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما يتم طرح منشور مالي تلاحظ أنّ البعض يتحول فجأة إلى محلل مالي واقتصادي وصاحب خبرة في سوق المال، فيقوم ببث ونشر الرسائل السلبية، والمحبطة والتي قد تؤثر على شريحة واسعة من المواطنين دون درايته بتفاصيل هذا المنشور ودواعيه وما الإيجابيات من طرحه، فلماذا هذه النظرة السلبية لمجمل الأمور التي تطرح في الآونة الأخيرة، ونقدها نقدًا سلبيًا ليس له أي مردود إيجابي؟
وأخيرا..عزيزي المنتقد إنّ النقد مطلب من المطالب التي يطالب بها الجميع لما له من فائدة للوطن والمواطن بشرط أن يكون نقدك بنّاء وذا هدف سامٍ، فليس كل شخص يطرح سلبيات أي عمل نسميه نقدًا، فالناقد لابدّ أن تتوافر فيه صفات معينة كالمعرفة العامة عن العمل الذي يريد انتقاده، وكذلك قدرته على طرح الحلول المناسبة للتطوير، وانتقاء المصطلحات التي تجعل من الجميع يستمعون إليه، فجميع هذه الأعمال من إنتاج البشر، وهذا يعني أنّ احتمالية وجود عيوب فيها أمر وارد، ومنطقي جدا، لكنّ من غير المنطقي أن يأتي شخص ما وينسف عمل جهة معينة بأكمله وترى مجموعة من الناس تشاطره الرأي دون دراية بحيثيات الموضوع وتفاصيله؛ فاعذروني فهذا ليس نقدًا بل يُعَدّ سلخا للآخر، وجلدا للذات.