الخمسون.. صورة الرحيل
نصراء بنت محمد الغماري
يأتي نوفمبر، ومعه يأتي العيد الذي ظللنا نتدثر به من شتاء الحياة ونشعر معه بدفء الوجود طوال 49 عاما مضت، لكنه يأتي هذا العام حزينا وحيدا، ليس فيه الفرحة التي تليق به، ليس فيه الألوان التي يزهو بها كل فرد من أرض عمان الغالية، ليس فيه الاستعداد الذي رافق العمر منذ طفولته حتى هذه السنوات، يأتي نوفمبر مكللًا بحزن عميق، لكنه لا حول له ولا قوة أمام قضاء وقدر لا نملك أمامه سوى التسليم لله والإيمان بما قدر وكتب، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال القلب يشعر بكل تفصيلة من كل عام مر على بلدي، وهو يزهو بنوفمبر.
يأتي الـ 18 من نوفمبر، وفي داخلي عبارة تلازمني، وهي (اشتقت إلى فرحة ألقى بها سلطاني.. أبي قابوس)، عبارة تختزل الظمأ إلى الوالد المربي، والسلطان الحكيم، والرجل الأنقى الذي رافق البلد طوال 49 عاما، ليكون العيد الخمسون خاليًا من إطلالته.
نعم اشتقت إلى فرحة في ظل كل الظروف المحيطة، كي ألقى بها السند الذي ظل – بإخلاص ومحبة وحنان- يرعى الإنسان والأرض، ويلهم العقل والفكر، ويوقد جمر الدفء في ليالي الشتاء؛ لأنه الذي منه تعلمنا كيف نكون نحن، مختلفين ومثابرين ومنفتحين ومنسجمين ومكتفين وملمين وسائرين على النهج القويم إقليميًا وعربيًا وعالميًا، ورايات بلدنا ترفرف خفاقة في كل محفل، والشعوب تهفو إلينا من كل حدب وصوب.
نعم اشتقت إلى أبي قابوس، وسلطاني قابوس، وسند الحياة وتفاصيلها، ولكنني أعلم أنه ترك لنا من خلفه سلطانًا رأى فيه -بفراسته المعهودة-، أنه خير خلف لخير سلف، سلطاننا هيثم بن طارق هو الحياة الممتدة التي تمنحنا الكثير للمضي على نهج والدنا الراحل السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ، فبهما نحن على بر أمان الحياة التي نبغي..
يأتي العيد الخمسون المجيد هذا العام وفي عينيه دموع تمزج بين حزن على من فارقنا، وفرح بمن حل بيننا؛ فارقنا الأب المؤسس قابوس بن سعيد -رحمه الله تعالى وغفر له-، وحل بيننا حامل أمانة أمتنا العمانية سلطاننا هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، دموع تختزل المناسبتين، وسبحان الله حين يجتمع فرح وحزن في عين واحدة..
العيد الوطني الخمسون المجيد يأتي…
وأنا اشتقت إلى فرحة ألقى بها سلطاني.. أبي قابوس..
كل عام وعُمان بخير..