2024
Adsense
مقالات صحفية

هل نحنُ نُدْرِكْ أَم نُحِسْ؟

د . سعيد بن راشد الراشدي 14 /10 /2020

دائماً وبشكل متكرر في ممارستنا لحياتنا اليومية نردد ونسمع هذه الكلمات، لم أقصد هذا الكلام أو ليس هذا الذي فهمته، هذا يشير لنا أننا نرى ونفسر الأمور والظواهر والمواقف اليومية بطرق متباينة فيما بيننا. فقد يلاحظ شخصان نفس الحدث أو الموقف ولكنهما يفسران هذا المشهد بصورتين مختلفتين وتتأثر استجابة الشخص بهذا الحدث أو الموقف بالصورة التي يراها سواء كان التفسير صائباً أو خاطئاً، فمثلاً يشعر كلاً منا بالحرارة أو البرودة ضمن تقلبات الطقس المستمرة وحسب الفصول المتعاقبة للطقس التي نعيشها ويعرفها الجميع. فنفسر تلك الظواهر كلاً حسب وجهة نظره المختلفة عن الآخر.
هنا يتبين لنا بوضوح إننا ندرك ونفسر تلك الظواهر أو المواقف التي نعيشها يومياً في مختلف جوانب حياتنا بصورة تختلف، وكلاً حسب إدراكه وتفسيره لها. وهنا أجدُ سؤالاً أراه مهماً ويتمثل هذا السؤال في مفهوم الإدراك والإحساس. وهل هناك فرق بينهما؟ وأيهما يأتي أولاً؟.
ومن خلال اطلاعي وقراءاتي فإنني لم أجد تعريف موحد وشامل لمفهوم الإدراك، بل تعددت تعاريفه وفق رؤى وأفكار المؤلفون والكتاب، وسنستعرض هنا بعضاً من تعاريف مفهوم الإدراك كما جاءت في الكتب التي ناقشت هذا المفهوم.
فلقد عرفه (السلمي، كما جاء في (حسين، 2004) بأنه عملية استقبال المثيرات الخارجية من قبل الفرد تمهيداً لترجمتها إلى سلوك. كذلك هو عملية ذهنية ومعرفية نستطيع من خلالها تفسير وفهم ما يحيط بنا.

كذلك عرفه القمري؛ بأنه العملية المعرفية الأساسية الخاصة بتنظيم المعلومات التي ترد إلى العقل من البيئة الخارجية في وقت معين.
وقد جاء كذلك بأنه عملية تنظيم المعلومات الواردة من المثيرات الخارجية بواسطة حواسنا الخمس، وتفسيرها لإعطاء معنى لها وللتصرف تجاهها وفقا لمعناها أو تفسيرها.
ومن هنا يتضح إننا نُدرك الأشياء ونحس بها لكننا لا نبحث في الفروق بينهما، والغالبية منا لا يميزون بينهما إلا إن الإحساس – ويمكن أن نطلق عليه الشعور – والإدراك شيئان مختلفان. لذا نجد إن عملية الإدراك للأشياء من حولنا تأتي بعد عملية إحساسنا لتلك الأشياء أو المثيرات الخارجية من حولنا.
حيث أن الإحساس هو عملية استقبالنا للمثيرات الخارجية من خلال حواسنا الخمس ونقل المعلومات بصورتها الطبيعية للدماغ.
أما الإدراك فهو عملية أكثر تعقيداً وهو أكثر شمولية من الإحساس؛ فهو عملية معرفية ذهنية تشمل قيام الدماغ بعملية الانتقاء والاختيار للمعلومات التي توصلها الحواس إليه، ويمكننا القول بأن الدماغ يقوم بعملية فلترة لها من حيث حذف أو تعديل بعضها، والقيام بتنظيمها وتحليلها وتفسيرها وإعطائها معنى مفهوم لنا، ومن ثم ندركها على ضوء ذلك التفسير ونتأثر بها من خلال سلوكنا واتجاهاتنا.
فالحمد لله على نعم الله علينا التي لا تُعد ولا تحصى.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights