وداعاً يا أمير الإنسانية
أبرار بنت ناصر الحضرمية
لقد رحل عن عالمنا إلى جوار ربه , رجل الحكمة , وأمير الإنسانية , وملك القلوب , الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – رحمه الله-, بعد 66 عاما من العطاء والإنجازات , التي سطرت تاريخا مشرفا في العمل الدبلوماسي والإنساني للكويت وللعالم أجمع .
ولقد عرف الراحل بمواقفه المشرفة مع أشقاؤه في كل مصيبة, وأدواره المتميزة , وحرصه على رأب صدع الأمة العربية , واهتمامه الشديد بأبناء شعبه , حيث شهدت الكويت في عهده قفزة نوعية في كافة المجالات والأصعدة, فلقد كان لحكمه علامة فارقة في تاريخ الكويت وتطورها , حيث سعى إلى تعزيز المسيرة الديمقراطية , وعمل على محاربة الفساد بكافة أشكاله من خلال إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد , وفتح آفاق التعاون والعلاقات الطيبة مع مختلف الدول, فقد كان صمام أمان الكويت واستقرارها , وجعلها تعيش حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والمعيشي.
واستطاع الأمير الراحل أن يكسب حب واحترام الجميع بإنسانيته , وأن يجعل من الكويت مركزا للعمل الإنساني حيث أطلق عليه لقب ” القائد الإنساني ” , لما قدمه من أعمال ومبادرات إنسانية ستظل خالدة ومحفورة في أذهان ووجدان كل شعوب العالم .
والحزن اليوم ليس حزنٌ للكويت فقط بل حزن للعالم , وللسلطنة التي أحبت هذا الرجل وأحبها هو, فلم يكن الخبر بالأمر الهين على أبناء عمان , فقد نزل هذا الخبر كالصاعقة على السلطنة وأهلها , فما زالت كلماته ترن في أذهاننا عندما قدم واجب العزاء في المغفور له بإذن الله والدنا السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه- حين قال ” قابوس ما مات وأنتم موجودين “.
ونحن نقول الآن ما مات أمير الإنسانية , فهو حي بداخلنا وفكره باقٍ لن يموت, فعلى الرغم من رحيله إلا أن ما صنعه وما أرساه من مبادئ وقيم لن يزول أبدا حتى وإن رحل صانعها, فسيبقى دوما في ذاكرة التاريخ الإنساني، أميرا حظي بالهيبة والوقار ممزوجة بالحب والولاء.
سيبقى الشيخ صباح – رحمه الله- أميرا للإنسانية والقلوب وسيظل أبناء شعبه يذكرون حديثه الأبوي وعبارته الشهيرة ” هذولا عيالي ” ,فعلاقته بهم ليست علاقة قائد وشعب , وإنما علاقة أب وأبناء, سائلين الله أن يغفر للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وأن يسكنه فسيح جناته , وأن يعين الشيخ نواف الأحمد الصباح على مواصلة الدرب فهو خير خلف لخير سلف , وأن يحفظ الكويت من كل مكروه.