الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي (( القلاقِل التي حدثتْ بعد انتخاب الإمام أحمد والطُّرق التي اتخذها لتثبيت سلطته على الدولة العمانية))
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الأول :-
كان عن السيرة الذاتية للإمام أحمد.
الجزء الثاني :-
استعرضنا الجَدل حَول العام الذي انتُخِب فيه الإمام أحمد بالإمامة واستعرضنا جميع الآراء المذكورة في هذا المصدر.
الجزء الثالث:-
سوف يكون هذا الجزء بإذن الله عن الأحداث التي تَلتْ تحرير عُمان من الفُرس وتثبيت الإمام أحمد لسُلطته على ربوع الدولة العمانية.
– عندما حرّر الإمام أحمد بن سعيد عُمان مِن آخِر جنديّ فارسي على أرضها حَصل على البَيعة العامّة عام ١٧٤٩م فمضى إلى بقية المُدن في الداخل العماني للحصول على البيعة لكي لا تعود الاضطرابات الداخلية مرّة أخرى.
– وصَل الإمام إلى الرستاق فسلّمتْ وبايعته، وكذلك مدينة سمائل ثمّ مرّ بإزكي فأذعنتْ، ونزوى رحّبتْ وبايعتْ ثمّ اتّجه إلى بهلا فأطاعتْ هيَ الأُخرى.
– باركتْ جميع المُدن انتخاب الإمام أحمد وشكَروه على تحريره لأرض عمان مِن الاحتلال الفارسي.
– وصَل الإمام إلى سمد الشأن وكان الوالي فيها محمد بن سليمان اليعربي الذي ولّاه عليها الإمام سلطان بن مرشد اليعربي فَسلّم المدينة للإمام فَولّاه حِصن نخل، فمضى محمد بن سليمان وتسلّم الحِصن كما أمَره الإمام أحمد.
– بعد أن استَتبّ الأمْر للإمام في عمان مِن أقصاها إلى أقصاها بدأ فوراً عملية إعادة الإعمار للمُدن التي تعرّضتْ للاحتلال الفارسيّ والتي تهدّمت بيوتها ونُهبتْ مُمتلكاتها لدرجة أنّ الأهالي نشبتْ بينهم المُنازعات لعدم تمكّنهم مِن مَعرفة وتمييز مَواقع بيوتهم لكثرة ما أصابها مِن الخراب.
– أمَر الإمام الولاة بإصلاح ما تهدّم مِن تلك البيوت وأنْ يُسكنوا أصحابها فيها فأصبحت البلاد عَماراً بعد الخَراب.
– تميّز حُكم الإمام أحمد بعدم تعرُّض البلاد لأيّ عُدوانٍ خارجيّ، ولكن عادت القبائل العمانية لإثارة الاضطرابات مرّةً أخرى، وهذا ناتجٌ عن مُحاولة اليعاربة استعادة السلطة فقاموا بسلسلةٍ مِن التمرّدات والحُروب الأهلية رغم مُحاولة الامام أحمد توطيد العلاقات معهم وذلك بزواجه مِن ابنة الإمام سيف بن سلطان اليعربي، وكذلك ترَك بعض المناطق في أيديهم حتى لا يكون في أنفسهم بأنّ الإمام احمد اضطهدهم.
– كان موقف رجال الاسرة اليعربية سلبياً منذ انتخاب الإمام من عُلماء وشيوخ الباطنة عام ١٧٤٤م وهذا موقفٌ طبيعيّ بالنسبة لرجالٍ فقدوا سُلطتهم وليس لديهم مِن الرجال مَن يُضاهي مواصفات الإمام أحمد بن سعيد.
– حرّض رجال اليعاربة الإمام اليعربي المخلوع بلعرب بن حمير وأخذوا يُرغّبوه إلى قيادتهم وتجديد بيعته لاستعادة الحُكم والإمامة.
– أخذ رجال اليعاربة يُغرون بلعرب مرّةً بالمال والرجال ومرّاتٍ باللّوم والتأنيب.
– ذهب أكابر اليعاربة الى بلعرب بن حمير وهو يومئذٍ في بلدة البزيلي الواقعة في الظاهرة فقالوا له:
((لِمَ تركتَ هذا الأمر لغيركم وهو لكم فإنك قد حاربتَ عليه سيف بن سلطان اليعربي وهو أقرب الناس إليك نسباً فما أغمدتَ السيف عنه فلِمَ أصبحت اليوم بعد العِزّ ذليلاً))
– أجاب بلعرب بن حمير اليعربي قومه على ما أرادوا ونزل تحت ضغطهم الشديد عليه فاستجاب لهم فخرج معه مِن مراكزهم الرئيسية في الحزم ونخل جيش مِقداره ما بين أربعة إلى خمسة آلاف رجل، كما ساندته جميع مراكز اليعاربة في عمان قاطبةً ضدّ الإمام أحمد.
– استمرّ الصراع بين بلعرب بن حمير والإمام أحمد بن سعيد حوالي خمس سنوات من عام ١٧٤٥م – ١٧٤٩م .
– في عام ١٧٤٩م قرّر الإمام أحمد القضاء على خصمه بشكلٍ نهائيّ وذلك لتلافي اتّساع رقعة الانقسام الحالي وعودة الأمور لسابق عهدها مِن تمزُّقٍ وتشرذُم فأمَر والي سمد الشان عبدالله بن محمد البوسعيدي ليُجهّز له جيشاً من القبائل الهناوية في الشرقية وجعلان وتمّ له ذلك.
– جعل الإمام قائد الجيش ابنه هلال الذي التقى مع جيش بلعرب في معركة فرق نسبة إلى القرية التي وقعت فيها المعركة ودارت بين الطرفين رحى معركةٍ عنيفةٍ انتهتْ بمَقتل بلعرب بن حمير اليعربي وهزيمة جيشه هزيمةً ساحقة.
– بعد معركة فرق لم يستطع اليعاربة معارضة الإمام أحمد إلا في بعض الحوادث البسيطة الأخرى.
– ومِن الأحداث المؤسفة في عهد الإمام أحمد هو تمرّد ابنيه سيف وسلطان على حُكمه ولكنّهما كانا يفشلان في كلّ مرّة.
– في هذه الأثناء شاركَ في التمرّد الشيخ صقر بن رحمة القاسمي وحاصَر الرستاق بثلاثين ألف رجُل، والقواسم مِن الحِلف الغافري.
في هذا الوقت كان الإمام في مسقط وعندما عَلم بالأمر رجع إلى الرستاق، ولكنّ الشيخ رحمة عندما عَلم بتوجّه الإمام أحمد إليه لم ينتظر وإنما رجع الى رأس الخيمة.
👈 أوضاع المُقاطعات العمانية في أفريقيا:
– عند استلام الإمام أحمد بن سعيد السُّلطة في عمان وانتقال الحُكم من اليعاربة إلى البوسعيد تمرّد الولاة العمانيون الذين عيّنهم اليعاربة في المُقاطعات الأفريقية ومنهم والي ممباسا محمد بن عثمان المزروعي فأعلن استقلال المدن الإفريقية عن الوطن الأمّ عمان.
– أدرك الإمام خطورة تمرّد المزروعي وتحدّيه الصارخ لسلطته الجديدة لذلك صمّم على القضاء على هذا التمرّد بأسرعِ وقتٍ مُمكن.
– قام الإمام بإرسال قوة مقاتلة تحت قيادة سيف بن خلف واستطاعت هذه القوة القضاء على تمرّد محمد المزروعي وقتْله، كما أودع أخوه علي السجن.
– في عام ١٧٥٤م هرب علي بن عثمان المزروعي مِن السجن وقام بمهاحمة قلعة الوالي وقتله ومَن معه مِن الجنود وعادت الأمور لسابق عهدها.
– كما قام النباهنة بالاستقلال بجزيرة باتا.
– انفصلتْ بعض المُدن عن السيادة العمانية مثل مقديشو وبراوه ولامو وكوافن.
– ولكنّ بقية المُدن ظلّت على تبعيّتها للدولة العمانية مثل زنجبار التي ولّاها الإمام عبدالله بن جاعد البوسعيدي وهو قائد القوة العسكرية التي بعَث بها الإمام إلى زنجبار.
– حاول المزروعي السيطرة على زنجبار فأرسل حملةً بَحريةً بقيادة مسعود بن ناصر تمكنتْ هذه القوات مِن أن تستولي على أجزاء من الجزيرة ولكن الإمدادات المستمرة التي كانتْ تصِل إلى والي الإمام أفشلت المحاولة التي راح ضحيّتها المزروعي نفسه فعادَ جيشه مُتقهقراً إلى ممباسا.
– ظلّ تمرّد المزاريع مستمراً ولمْ ينتهي إلّا في زمن حفيد الإمام أحمد السيد سعيد بن سلطان الذي تولّى الحُكم في عام ١٨٠٦م بعد اغتيال والده في جزيرة قشم.
– لم يؤثّر تمرّد المزاريع على العلاقات التجارية مع أفريقيا بل استمرّت السفن ذهاباً وإياباً، ولذلك اهتمّ الإمام أحمد بتدعيم الوضع الداخليّ للدولة العمانية وترك الأمور على حالها إذ لم تهدّد الوضع الأمني بشكلٍ مُباشر .
– شهدتْ فترة حكم الإمام أحمد استقرار الوضع الداخلي لعمان وازدهاراً اقتصادياً.
توفي هذا الإمام الكبير في ١٥ ديسمبر عام ١٧٨٣م .
المصدر :-
– عمان في عهد الإمام أحمد بن سعيد ١٧٤٤ – ١٧٨٣م .
المؤلف :-
فاضل محمد عبد الحسين جابر