فلنحافظ على معالمنا التراثية
يعقوب بن حميد المقبالي
يتبادر إلى أذهاننا سؤالٌ يحيرنا، لماذا لا نحافظ على معالمنا التراثية؟
حيث من المُلاحظ وكذلك مما نسمع عنه أنه تمّ تغيير مُسميات المعالم الأثرية، وهذا لا تقبله أولاً وزارة التراث ولا يقبله المواطن حيث من المُفترض أنْ يبقى ذلك المَعلَم باسمه الحقيقي القديم الذي يُشهد له منذ المئات بل آلاف السنوات وقد توارث ذلك الاسم أبَاً عن جدّ، إلا أنّ هناك شيء يحدث وعلى المُختصين الانتباه إليه، وما أردتُ أنْ أشير إليه هو “بما يحدث في تغيير مُسميات المعالم التراثية” ، وذلك من عدة نقاط وهي:
أولاً: الخبير التراثي/وزارة التراث:
عندما يأتي الخبير التراثي ليوثّق أيّ مَعلم من تلك المعالم لأيّ قرية من القرى أو البلدان بعُماننا الحبيبة، يصادف أحداً من مُواطني تلك القرية أو البلدة فيسأله عن اسم ذلك المَعلم، وهذا المواطن قد يُعطيه أيّ اسم يخطر على عقله وذلك لعدم إلمامه ومعرفته، أو أنه يقول في نفسه: “التحديث واجب في أيّ مُنحنى من مُنحنيات الحياة كتحديث أسماء تلك المَعالم المتواجدة بالقرية وهي تُعتبر من الأسماء القديمة ولماذا لا نجعلها تواكب الحداثة التي نعيشها في جميع المجالات”، متناسياً أنّ ذلك الاسم الذي يقول عنه من الأسماء القديمة تمّ توارثه من آبائِنا و أجدادنا وأجداد أجدادنا.
ثانياً مسؤول القرية:
البعض من مسؤولي المناطق غير مُلمّ بتلك الأسماء وخصوصاً عندما يكونوا بعيدين عن تلك القرية، هُنا لا يعرفون مُسميات تلك المعالم الأثرية ولا يلجؤون إلى أهالي القرية وخصوصاً كبار السنّ حيث أنهم لا يأتون لتلك القرية إلا في أوقاتٍ تتطلب حضورهم كمشاركة الأهالي في أحزانهم وأفراحهم ويكون حضورهم لوقتٍ غير طويل لا يتعدّى الساعة، هنا السؤال الذي يطرح نفسه:
هل من المتوقّع أنّ هذا المسؤول سيسأل عن تلك المعالم في غضون ذلك الوقت الذي حضَر فيه لمشاركة أحدٍ من الأهالي؟
حيث تأتي مجموعة من أهالي القرية ليطلبوا منه رسالةً بخصوص مَعلم من تلك المعالم ويوجه لهم سؤالاً عن اسم ذلك المَعلم ويعطوه المُسمى الذي هم يرغبون فيه ويزودهم برسالةٍ ويحوّلها لمكتب والي الولاية، بدون التأكد من أنّ هذا هو الاسم الصحيح.
ثالثاً مكاتب المحافظين:
مكاتب المحافظين عندما تصلهم رسالة من أيّ مسؤول من مسؤولي المحافظة يتم اعتمادها بدون أدنى شكّ، وهذا من ضمن واجباتهم المُناطة بهم، ولكن يجب عليهم كذلك التحرّي، ويجب أن يكون بمكاتب المحافظين والولاة مُسميات جميع المعالم الأثرية وجميع الأطياف التي تسكن في تلك القرى وهذا بما نعلمه أن لوزارة الداخلية مديرية لشؤون القبائل ولديهم إحصائيات موثقة بالمناطق والقبائل.
رابعاً وزارة التراث:
يجب كذلك على وزارة التراث عندما يدوّنون أسماء المَعالم أن يأخذونها أولاً من المصدر الأول وهو من كبار السنّ الذين تربّوا في تلك القرية كذلك عليهم أن يعرفوا الأطياف التي تسكن في القرية، وعندما تصلهم تلك الرسالة التي تمّ اعتمادها من قبل مكاتب أصحاب المحافظين البحث والتحري وإن وُجدتْ بأنها غير مطابقة لمُسمياتها القديمة والتي دوّنت في سجلاتها يجب أن تُرجع تلك المعاملة مع التأكيد بأنْ يتم البحث والتحري من أهالي المنطقة ومن عدة أطياف أخرى.
ماهي الحُلول؟
هُنا أضع بعض الحلول لتجنّب المناقشة والمساءلة القانونية إذا جاء ذلك المواطن وطالَب وناقَش في مثل هذا الموضوع، وهذا ما كلّفه به قانون الدولة أن يُطالب بحقوقه من أيّ شخص كان سواء كان موظفاً أم شخصاً عادياً.
عندما يأتي الخبير التراثي من الوزارة يتمّ إشعار الأهالي خطياً ويوضح فيها بأنّ الخبير التراثي يرغب بزيارة هذه القرية وترغب الوزارة من المواطن بأن يشارك ذلك الخبير معهم ويتحدث مع أطياف القرية.
على مسؤول القرية أن لا يعطي أية رسالة لأي شخص وفيها مَعلم من معالم القرية لأن ذلك المَعلم ليس مُلكاً خاصاً حيث يجب أولاً الجلوس مع الأهالي بجميع أطيافهم وخصوصاً كبار السنّ ليُأكّدوا صحة تلك المسميات.
كذلك على جهات الاعتماد التأكّد من رسالة المسؤول مع التشديد في مثل هذا الموضوع بأن يكون واضحاً وصريحاً ومُطّلعاً عليه مِن قِبل الأهالي كافّة مع ذِكر مَن هُم الأهالي الذين وضّحوا لذلك المسؤول صحة ذلك المَعلم.
كذلك، على وزارة التراث أن تتحرّى حول تلك الرسالة وهل هذه المسميات التي تم ذكرها بهذه الرسالة هي مطابقة لسجلات الوزارة، وإنْ تبيّن غير ذلك وجب مخاطبة محافظ المحافظة حيث أنّ مكاتب المحافظين والمتمثلين بمكاتب أصحاب الولاة هم جهة الاتصال مع مسؤولي المناطق والأهالي.
ويجب أن يكون هذا الموضوع في غاية الأهمية وأن لا نترك معالمنا تصبح سُدىٍ في أيادي من لديه الرغبة في التغيير وغيرها، حتى نضمن مكانة المعالم التراثية وتبقى هي عزّ لنفوسنا وافتخارنا به، ولا يخالجني أي شكّ بأن وزارة التراث هي الجهة المسؤولة عنها وهي لا تألُ جهداً في المحافظة على موروث بلادنا في جميع المحافظات.