2014
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

السلع المغشوشة والمقلّدة في أسواقنا.. إلى أين؟؟.

خميس بن محسن البادي

نعم معاليكم، هي كذلك ولكن ليس على حساب صحة المواطن وتكلفة الوطن وخسارته مادياً ومعنوياً إرضاءً لأطراف معيّنة ولجشع حفنة من المصنعين والتجار المسوّلة لهم أنفسهم، سوءاً الذين لا يراعون إلاًّ ولا ذمة في صحة وسلامة المستهلك المسكين وفي الوطن وأبنائه؛ لأن المراهنة على البلد ومواطنيه مرفوضة منا جميعاً في هذا البلد العزيز.
ذات مساء يمم (م) شطره نحو خان بيع إطارات السيارات ومستلزماتها وهو يمنّي النفس بأن يحظى بمبتغاه من ذلك الخان، فوصل لوجهته وأوقف سيارته المتهالكة وما أن ترجل منها إلا والكل ينادي عليه للتبضع من دكانه، تمعن (م) ودقق وتفحص وعاين ومحّص غرضه الذي أتى من أجله والكل هنا يمتدح سلعته من حيث تنوّعها وجودتها،(م) مواطن مستهلك يكد ويشقى لأجل قوته وأسرته وحاله مستورة ولله الحمد والمنة، ولكن يروق له في الوقت نفسه أن يوفّر ريالاً في جيبه قدر ما يستطيع انتزاعه برضا البائع عند ابتياعه غرضاً ما من أحدهم من منطلق مشروعية المجادلة في البيع والشراء، وهو المفتقر للخبرة في تفنيد الكثير مما يُصنّع ويعرض في السوق للإستهلاك والإستخدام، وليس(م) وحده فقط على هذه الشاكلة فأنا شخصياً من فئة الذين تنعدم لديهم الخبرة في كشف أصالة وجودة هكذا سلع وبضائع.
وابتاع (م) أربع إطارات جديدة بعد بحث استمر ما لا يقل عن الساعة وغادر الخان مزهوّاً فرِحاً بذلك وهو يشعر بتغير محسوس في قيادته لسيارته بعد استبداله لأرجلها العرجاء بأخرى قشيبة، لكن وفي ظرف أقل من أربعة وعشرين ساعة من شرائه لتلكم الإطارات تبدد ذلكم الزهو والفرح للرجل وذهب سُدىً بانفجار أحدها عليه وهو يسير بالسرعة المحددة في الطريق العام دون سبب بيّن لانفجاره، ولكن بتوفيق من الله له استطاع أن يسيطر على كبح جماح السيارة وهي تترنح به يمنةً ويسرة فأوقفها بفضل الله وعونه دون أية عواقب غير محمودة والحمد لله، وعرف (م) بعد تدخل خبرات مختصة في الموضوع أن الإطار المنفجر مقلّد وصادر عن مدينة صناعية في دولة خليجية، كما رُجّح له أيضاً احتمالية إعادة تدويره وقد طُبِع بطبعة شبيهة ببقية الإطارات وغُلّف بالغلاف ذاته ليعطيه ذلك الصفة الأصلية لمصداقية وقوّة استخدامه من قبل أمثال أنا و (م) ومن هم في فلكنا من غير المفنّدين للمغشوش والمقلّد من السلع.
ولكن هناك العديد غير (م) قد لا يوفقون في السيطرة على سياراتهم في مثل هكذا مواقف، التي نعلم أنها أقدار مُساقة من الله تعالى إليهم ولكنها في الوقت ذاته هي أسباباً كانوا مصدراً مباشراً في اختلاقها لأنفسهم رغم أنه قد يكون ذلك عن غير قصد ودراية منهم كما هي حال (م)، وقد نهى الله تعالى عباده عن إلقاء النفس إلى التهلكة حيث قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز،{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} صدق الله العظيم- سورة البقرة الآية(195). فاستناداً إلى ما سار إليه المفسرون من أنه إلى جانب أهمية الوقوف على الأموال ورعايتها وتنميتها وحسن الإنفاق منها دون الإخلال بالتقصير نحو رفع راية الإسلام ونصرته وعزّة شأنه، فإنه كذلك عدم التسبب بقتل النفس والنهي عن ذلك بعدم إلقائها في المهالك ما لم تكن في غير ذي صفة شرعية أو وطنية، كجهاد حق في سبيل الله تعالى أو دفاع عن أرض أو شرف وعرض.
هذا على مستوى الكماليات ولكن ثمة أغذية أيضاً من جنس إطارات سيارة (م) تتواجد على أرفف متاجرنا بين العديد من الغذائيات التي نتناولها بشكل يومي، ومن غير شك أن هذه المواد الغذائية لها مضارها على المديين سواء القريب أو البعيد تبعاً لقوّة رداءتها في الجودة والتصنيع والمواد المصنّعة منها والمضافة إليها، فإذا نظرنا لحوادث المرور نتيجة الغش لإطارات وقطع غيار السيارات فهناك قد تكون وفيات وفقدان أعزاء وأحباب وسواعد وطن مخلصة أمينة أو إصابات متباينة في النوع والكيف أو إعاقات دائمة لتكون بذلك السواعد معطلة، وفي جميع الأحوال هي كلفة وخسارة وطنية تتكبدها الدولة والمجتمع معاً، وإذا ما عرّجنا إلى المواد الغذائية المقلّدة والمغشوشة التي من بينها الحلويات معشوقة الأطفال والكبار وكذلك حليب الرضّع الصغار، فهي أدهى وأمر؛ لأن تناولها هنا يكون جماعياً في البيت الواحد وبذلك تكون تلكم المأكولات سبباً مباشراً في تفشي الأمراض المختلفة التي تكلف الدولة جهداً ومالاً مضاعفاً وتعطيلاً للقدرات والكفاءات نتيجة مرض فئات مختلفة من المواطنين وأفراد المجتمع، كما لا ننسى أن نضيف إلى ذلك مواد التجميل المقلّدة والمغشوشة هي الأخرى والتي في مقدمتها الصوابين، والشامبوهات ومساحيق الأصباغ النسائية، والعطريات، والكريمات، والـمُـطرّيات الجلدية، والمنظفات الأرضية، التي تلامس البشرة بشكل مباشر بما تحمله في مكوّنات تصنيعها من سموم لها دورها المباشر في الآثار السلبية الناجمة عن استخدام المستهلك لها.
واليوم ونحن على بيّنة واضحة ومعلومة للجميع بوجود مُدناً صناعية في بلدان عدة بينها دول عربية تقوم بتصنيع هذه المغشوشات من البضائع وتسوّقها في أنحاء مختلفة من العالم، ورغم ذلك وللأسف ما تزال أبوابنا مشرّعة أمام هذه المنتجات لنستقبلها بدورنا بأحضان دافئة مرحبين بها في بلادنا وداخل بيوتنا بما تحمله في مكوّنها من خطر موقوت لتصبح وبالاً على الصحة العامة في المجتمعات، هذا رغم أن بعض المنتجات تأتينا وقد كتب على غلافها بما يعني (حظر تداولها في الدولة المنتجة) وأنها صنعت للتصدير فقط، وأستذكر هنا تعقيباً لأحد المسؤولين قبل فترة- من سنة إلى سنتين تقريباً- وهو يؤكد على الاستيراد من إحدى المدن الصناعية المشبوهة في دولة خليجية بحجة أنها مدينة صناعية والتعامل معها يتم من ذلك المنطلق، وأن سوقنا حرة مفتوحة. نعم معاليكم، هي كذلك ولكن ليس على حساب صحة المواطن وتكلفة الوطن وخسارته مادياً ومعنوياً إرضاءً لأطراف معيّنة ولجشع حفنة من المصنعين والتجار المسوّلة لهم أنفسهم سوءاً الذين لا يراعون إلاًّ ولا ذمة في صحة وسلامة المستهلك المسكين وفي الوطن وأبنائه، لأن المراهنة على البلد ومواطنيه مرفوضة منا جميعاً في هذا البلد العزيز، فلتذهب تلك المدينة المشبوهة فيما تنتج وتصنع وأمثالها من المدن التي تغش خلق الله في أرضه إلى بئس المصير، ولنبحث عن التي تصنع منتجاتها بجودة عالية وآمنة وصحية للمستهلك.
معاليكم أعود إليكم لأقول أن بعض الدول قد منعت حتى استخدام الدقيق الأبيض (طحين المخبوزات والمعجنات) من أسواقها تجنيباً للشعب مما يسببه هذا المنتج من ضرر على الصحة عموماً والذي تعود آثاره تالياً على الدولة والمجتمع، ومعاليكم راهن هنا على مجمل المنتجات المشبوهة لاستخدامها من قبل المواطن العماني..
إذاً لنقف في وجه هذا الأخطبوط السام ونقفل في وجهه أبوابنا ونحدد سلعنا وبضائعنا بانتقاء كمستهلكين، وذلك من خلال مقاطعة البضائع التي ترد إلينا من الدول التي تحتضن مدن صناعية تصنّع مواد مشبوهة في الجودة والمأمونية الاستهلاكية، وكي يتحقق ذلك بشكل عام فعلى المختصين والمعنيين في الحكومة اتخاذ موقفاً جاداً وفعالاً، يقينا جميعاً شر سمومهم المبثوثة في صناعاتهم ومنتجاتهم المغشوشة، أما وإن كان لا بد أن يكون هذا النوع من المنتجات في بلدنا فإنه لزاماً هنا أن يبيّن للمستهلك على أنها سلع مقلّدة أو ما يشير إلى رداءتها وبيان نتائج عواقب استخدامها، ولنركن بذلك المجاملات والمصالح الشخصية والأهواء الخاصة جانباً مقابل صالح البلاد والعباد على أرض عُمان الخير والمحبة والسلام والأمان.
ودمتم بحفظ الرحمن.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights