كُنْ مُعلّماً لا مُدرّساً وامتهِنْ ولا تكنْ حَبيس الوظيفة
علي بن مبارك اليعربي
كلمَتَي مُدرس و مُعلم تجمعهما رمزية واحدة وهي إيصال المعلومة، ويبتعدان كُلياً عن بعضهما مِن الناحية التربوية المِهنية والوظيفية
فالعلاقة طَرديّة؛ أي كعلاقة العُموم و الخصوص، فالمعلم عامّ حيث يشمل كل جوانب الحياة التي يجب أنْ يوصلها لطلابه، أمّا المُدرس خاصّ بموضوع معيّن لهذا لا يمكن وصف المُدرس بأنه مُعلم، فليس شرطاً أنْ يكون المدرس معلماً ناجحاً.
إذن كيف ترتقي من كونك مُدرساً لتصبح مُعلماً؟
نعم عزيزي المُربي الفاضل، كَي ترقى إلى مُسمى المعلم قولاً وفعلاً، وهذا بكل تأكيد ما يُسعد طلابك ويرتقي بهم ويجعلهم في مصافّ المتعلمين حين تتجاوز وظيفتك البَحتة وتصل بها للمهنية بتطبيقٍ احترافيٍ يزداد فيه العطاء والإبداع، يتناغم وينسجم ذلك مع مبادئ التربية والتعليم؛ ليصبح المعلم في العملية التعليمية والتعلّمية هو المدرس المربّي بمكوّناته التربوية السُّلوكية والأخلاقية والاجتماعية، وحتى النفسية ( الأب والأخ والصديق) ليصل ويتخطّى الصندوق الأسود لطلابه.
فما أحوَج عالَمنا المُعاصر للمعلم في ظلّ العولمة بمفهومها الواسع، والذي إنْ لم نتداركه بمعلم فذّ يُجيد عمل التوازن و التوافق بين ما يفرضه واقع الحال مِن تطوّر تقني وإلكتروني وبين سعي المجتمعات العربيه والإسلامية بالتمسّك بالقيم والمبادئ الإسلامية والاحتفاظ بهويتهم العربية والإسلامية الأصيلة.
وهنا يأتي دَور الجِهات المَعنية بإعداد المعلم الذي يستطيع حَمل الرسالة بكل حرفنة وإتقان، ولن يتحقق ذلك إلا إذا راعتْ في اختيار عنصر أساسي للاستقرار والتطور الإنساني والاجتماعي والمتمثل في الرغبة الأكيدة لدى المعلم؛ ليكون عنصراً أساسياً وفاعلاً في العملية التعليمية التعلّمية.
خلاصة القول إنّ المعلم الناجح ذا شخصية قوية تمتلك مهارات وقدرات خاصة – وكاريزما – تُساعده في التحسين والتقويم والتطوير والتقبّل والقبول مِن الآخرين لن يستطيع أي مِنّا محاكاته، كما يمتلك قوة التحمّل والصبر والأناة وسرعة البديهة وحسن التصرّف في المواقف المختلفة التي تعترض حياتهم العملية، وهذا ما سَنلمسه جميعاً في ظلّ نظام التعليم المُدمج، والذي سيفرض علينا شراكة حقيقية مع المُعلم في فترة وجود أبنائنا خارج الفصول الدراسية أيْ بنظام التعلم الافتراضي أو ما يسمى بالتعليم عن بُعد، وسنُدرك حجم المسؤولية والالتزام المُلقى على عاتق المُعلّمين الأفاضل، عندما نشعر بأنّ ما نقوم به من أدوارٍ تجاه أبنائنا لا يتعدّى سوى جزء ضئيل من المسؤولية.