2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

سِيرة الإمام أحمد بن سعيد البوسعيد

أحمد بن علي المقبالي

الإمام أحمد هو من أكثر الشخصيات المُهمّة في التاريخ العماني، فكان له دَورٌ مفصليّ ومحوريّ في الأحداث التي كادتْ أنْ تؤدّي إلى دخول عمان تحت السيادة والسيطرة الفارسية، ولكنْ ولِما تمتّع به هذا الرجل من ذكاء وحِنكة وشجاعة وبصيرة وبُعد نَظر مكّنته مِن تخليص البلاد العمانية مِن هذا البلاء العظيم، ورغم التضحيات الكبيرة التي قُدمتْ في سبيل ردّ العدوان الفارسي ورغم ما أبداه الفُرس مِن إصرارٍ شديدٍ إلّا أنهم اصطدموا بصخرة صمّاء لا تنكسر ولا تَلين، فأخذت المَوجات الفارسية تتحطم على هذه الصخرة العنيدة. وسوف نستعرض في هذا الجزء ما يلي من سيرة هذا الرجُل العظيم.

👈 نسَبه:-

هو أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبدالله بن محمد بن خلف بن مبارك بن أبي سعيد ويمتدّ حتى يصل إلى الصحابي البطل المهلب بن أبي صفرة.

– ينتمي إلى القبائل الهناوية بزعامة خلَف القصير في مطلع القرن الثامن عشر.

والهناوية هي مِن القبائل الأزدية التي هاجرت من اليمن بعد انهيار سدّ مأرب.

👈 مولده:-

وَلد الإمام في عام ١٧٠٤م في قرية أدم.

👈 عائلته:-

تتألف عائلته مِن سبعة ذكور وثلاث إناث لم تذكر المصادر العمانية أسماء الإناث تأدباً وتكرماً، ولكنْ رغم ذلك تمّ ذِكر اسم واحدة، وهي موزة بنت الإمام أحمد.

👈 أما الذكور فهُم كما يلي:-

١- هلال، وهو أكبر أبناء الإمام وكان ضريراً، وذهب إلى الهند لعلاج بصره، وتوفّي هناك وأمّه هندية، وهو الأخ الشقيق لطالب.

٢- سعيد، وهو الابن الثاني، وتولّى الإمامة بعد وفاة والده، وكانت أمّه عربية سعيدية.

٣- قَيس، وهو الابن الثالث، تولّى الرستاق العاصمة العمانية، كما تولّى صحار، وتوفي عام ١٨٠٨م.

٤- سيف، وهو الابن الرابع، تعاوَن مع أخيه سلطان ضدّ أخيهما الأكبر سعيد، ثمّ هاجر إلى شرق أفريقيا، وتوفّي في لاموه.

٥- سلطان، وهو الابن الخامس، استولى على الحُكم في عمان بعد وفاة ابن أخيه حمد ابن سعيد، وكان أوّل حاكم مِن البوسعيد يبدي اهتماماً بالمناطق التابعة له في شرق أفريقيا، اغتيل في عام ١٨٠٤م في منطقة الخليج العربي.

٦- طالِب، وهو الابن السادس، تولّى الرستاق في عهد سلطان بن أحمد بن سعيد، ولم يخلّف ذريّة، وكانت أمّه هندية، وهو الأخ الشقيق لهلال.

٧- محمد، وهو أصغر أبناء الإمام أحمد، وبناءً على تكليف أخيه الإمام سعيد بن أحمد ذهب إلى أفريقيا عام ١٧٨٤م، وعمل بجهدٍ كبيرٍ نحو استعادة الأملاك العمانية هناك، وإخضاع وُلاة اليعاربة للمزاريع للدولة الجديدة التي قامت على أنقاض الدولة اليعربية، واستطاع أنْ يُجبر المزاريع على توقيع تعهّد بأنهم وأتباعهم خاضعون للدولة الجديده بقيادة البوسعيد وتوفّي رحمه الله في لاموه، وما يزال قبره قائماً هناك حتى اليوم، وأمّه أميرة عربية من أسرة اليعاربة.

👈 زوجات الإمام:-

لمْ تَذكر المصادر العمانية كذلك أسماء زوجات الإمام لنفس السبب الذي لم تُذكر بسببه أسماء بناته، ولكن نستطيع أنْ نحدّد جنسيتهنّ وعددهنّ:-

الأولى:-
هندية.
الثانية:-
عربية البوسعيدية.
الثالثة:-
عربية يعربية، ويعتقد بأنها ابنة الإمام سيف بن سلطان الثاني اليعربي.

👈 حياة الإمام في الصِّبا.

بدأ حياته يرعى الإبل، ولمّا أصبح شاباً اشتغل بالتجارة بشكلٍ متواضعٍ، حيث تاجَر بالأخشاب التي تُنقل على ظهور الجِمال.

– انتقل إلى مُزاولة العمل بالتجارة والمِلاحة على الشاطئ الشرقي لعمان.

– اشتهر بالكفاءة التي أدّتْ به إلى النجاح والتي مكّنته من أنْ يُصبح من أشهر التّجار في صحار وذاع صيته في المنطقة.

– عام ١٧٢٤م دخَل سِلك الخدمة في الدولة نتيجة الشُّهرة التي عُرف بها كالكفاءة والذكاء والمُثابرة.

– عام ١٧٣٦م عُيّن مستشاراً لَدى الإمام سيف بن سلطان الثاني اليعربي

– عام ١٧٣٧م عُيّن مديراً لميناء صحار الهامّ، ثمّ والياً على المدينة نفسها.

👈 صفاته الشخصية:

تكوّنت شخصية الإمام أحمد من جانبين:-

الأول:-

📒 قُدراته ومؤهلاته:-

ومن أبرزها الذكاء الحادّ والشجاعة الفائقة والجرأة والحِنكة والحِكمة.

الثاني:-

📒صفاته الخُلُقية:-

ويتّصف رحمه الله بالأمانة والكرم والعدل والإنصاف.

فتجمّعت هذه الصفات كلّها وامتزجتْ لتكوّن شخصية لامعة موهوبة.

– بعد تولّيه الإمامة عن جدارةٍ واستحقاق، كان يقوم بجولاتٍ يتفقّد من خلالها رعيّته، فينطلق من الرستاق إلى مسقط فيُنصف المظلوم ويُكرم الفقير والمعوز ويقضي حوائج الناس.

– كان من عادته أنْ يقضي اثني عشر يوماً في مسقط وباقي أيام الشهر في الرستاق.

– كان الإمام يأمُر بتهيئة أكياسٍ من الحلوى تُحمل معه لتوزّع على الفقراء في المدن التي يزورها.

– يهرع الناس لاستقباله فيستقبلهم ببشاشة وجه، ويقضي حوائجهم، ثمّ يستمرّ في المَسير حتى يصل إلى منطقة روي ويبيت فيها.

– ينطلق صباحاً إلى مطرح فيجد الناس قد اصطفّت لاستقباله من منطقة مصرع الشهداء (سيح الحرمل) إلى بداية جبال المدينة وذلك تعبيراً عن حبّهم وتقديرهم للإمام الذي يبادلهم نفس الشعور فيسلّم عليهم كبيرهم وصغيرهم.

– عندما يصل إلى الأمّ مسقط تُطلق المدفعية نيرانها تحية للإمام وعندما يصل يفعل ما فعله في المدن التي مرّ بها مِن قضاء حوائج الناس وغيرها من الأمور.

– يتفقّد الإمام حوائج الجنود وسلاحهم وذخيرتهم ومؤنهم ويتفقد كذلك دائرة الجمارك للميناء.

👈 قصصٌ مِن عدل الإمام أحمد:

– استغلّ القائد العسكري للرستاق وهو من عائلة البوسعيد منصبه، وأخذ لحماً كثيراً من أحد قصّابي المدينة بمبلغٍ وقدره خمسمائة محمدية ولم يدفع شيئاً، وعندما طالبه القصّاب بالثمن غضب منه غضباً شديداً، ورمَى جميع لحم القصاب المعروض على الأرض، فما كان من القصاب إلا أنْ رفع شكوى إلى والي المدينة الذي بدَوره أخبر الإمام الذي وبّخ القائد العسكري بأقسى الكلمات وأمَر بسجنه، وعندما أطلق سراحهُ خلعهُ من القيادة.

– يُذكر أيضاً أنّ أحد أبناء الإمام عُيّن والياً على نزوى فأنشأ مصبغة للملابس ومنع غيره أنْ يُنشئوا مِثلها فاشتكى الأهالي إلى الإمام فأرسل في طلبه وقال له لا ترجع إلى نزوى مرّةً أُخرى فأنت لا تصلح أن تكون والياً عليهم ولا على غيرها مِن مُدن عمان، فعيّن غيره من الفُضلاء.

– كانتْ هذه الأفعال تَحظى بحُبّ وتقدير الأهالي والناس جميعاً، وكان الإمام أحمد يسُوس الناس بسواسية بين الجميع لا يفرق بين فقير وغني ولا بين الكبير والصغير وغيرهم من أصناف الناس.

وبهذا ينتهي الجزء الأول وسوف نلتقي إن شاء الله تعالى في الجزء الثاني مِن السيرة العطِرة لهذا الإمام الكبير.

المصدر :-
– عمان في عهد الإمام أحمد بن سعيد ١٧٤٤ – ١٧٨٣م .

المؤلف :-
فاضل محمد عبد الحسين جابر

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights