2024
Adsense
مقالات صحفية

وجه مبتسم

علياء بنت سعيد العامرية

في زيارة لإحدى قريباتي، لفتت انتباهي لوحة معلقة على إحدى زوايا الغرفة، فسألت الابن الأكبر عن هذه اللوحة، فأجاب: هذه اللوحة وضعتها أمي؛ لترسم فيها لنا وجوهًا مبتسمة كُلما فعلنا خيرا، وفي نهاية الأسبوع نحسب أكثرنا عملا للخير ونكافئه بهدية بسيطة.
فسألته: وهل تضعون وجوها حزينة لمن يفعل شرا؟
فأجاب: لا؛ فأمي لا تريدنا أن ننشغل بأخطائنا.
ما لفت انتباهي أن اسمها كان الأول، وأنها اتخذت {صلاح أبنائك من صلاحك}، شعارا لها في الحياة. ومن وجهة نظري أن أسلوب التعزيز الذي اتبعته قريبتي هو الأسلوب المثالي لتربية الطفل تربية صالحة وصحيحة.

لنربي أطفالنا بطريقة صحيحة نحتاج إلى أن نتعلم الكثير من الأمور:
1- أن نكون قدوة لهم ولا نتعامل معهم كآلة نحركها كيفما شئنا.
إن بعض الآباء والأُمهات يجبروا أطفالهم على الصلاة، وفي المقابل هم لا يؤدون الصلاة في وقتها، أو يعاقبونه بسبب عدم قراءته للقرآن وفي المقابل هم لا يعرفون للمصحف طريق، أو يجبرونه على فعل أشياء هم لا يفعلونها، المهم والأهم رغبتهم العارمة في التحكم بطفلهم.

2- تعزيزهم: للتعزيز الإيجابي لدى الطفل الكثير من الطرق منها:
مُكافأة الطفل عند الالتِزام بالتعليمات المُوَجَّهة له،
عدم توبيخ الطفل أمام أقرانه
عدم التلفظ بعبارات مسيئة للطفل، وتسميته بأسماء الحيوانات، أو نعته بصفات مهينة. الاهتمام بعبارات التشجيع والثناء عليهم. الدعاء لهم لا عليهم، ومن أكثر الأدعية التي أحب أن أُسمعها إخوتي، والأطفال من حولي: ” الله يرضى عليك”٠
إن هذه الطرق وغيرها ستجعل أطفالنا إيجابيين، ومحبين للحياة.

3- أن نتقرب منهم: إن بعض الآباء والأُمهات مهمتهم في الحياة إنجاب الكثير، الكثير من الكائنات الصغيرة، ولكنهم لم يفكروا يوما أن يكونوا أصدقاء لهم، فيتولى الإعلام والشارع تربية هؤلاء الأبرياء، فيبدأ الوالدان بلوم الأبناء على سوء أخلاقهم وتصرفاتهم.

4- توجيههم دون أمر: إن البعض يهوى إلقاء الأوامر التي يجب أن تُنفذ دون نِقاش؛ ظنا منهم أن هذه هي التربية الصحيحة، وهذا ما يؤثر سلبا على سلوك الطفل.

5- معرفة حقوق الأبناء: كثيرا ما تعلمنا في المدرسة عن بر الوالدين وعقوقهما، وكثيرا ما تعلمنا أن من يعق والديه يدخل النار، ولكن السؤال هل تعلم الوالدان حقوق أبنائهما؟
يُقال: “جاء رجل إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، يشكو إليه عقوق ابنه، وبعدما استمع الخليفة الراشدي إلى الوالد “المفجوع”، بخلق ابنه، أحضر أمير المؤمنين ذلك الولد وأنبه على عقوقه لأبيه، لكن الأمر لم ينتهِ عند ذلك، فقد كان تحت لسان الولد كلام وهموم وأوجاع، فقال ذلك المشتكى عليه لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟
أجابه عمر: بلى.
فسأل الولد خليفة المسلمين سؤال العارف: ما هي يا أمير المؤمنين؟
قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه القرآن.
هنا انتفض الولد، وقال: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئا من ذلك؛ أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي قبل أبي، وقد سماني جعلاً (أي خنفساء)، وفوق هذا وذاك، فإن أبي لم يعلمني من القرآن حرفاً واحداً!.
وبعد هذه المداخلة، تحولت دفة المحاكمة لمصلحة الولد “المفجوع”، بوالده، فما كان من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وأرضاه حينذاك إلا أن التفت إلى الرجل وقال: جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك”.

إن أطفالنا نتاج لأفعالنا، قبل أن نُربيهم نحتاج إلى أن نُربي أنفسنا كما نريد أن يتربى أبناءنا، ونتخذ قول سقراط ” لا تكرهوا أولادكم على آثاركم ، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم ” شعارا لتربيتهم، وقبل أن نُسمعهم أقوالنا نحتاج إلى أن نُريهم أفعالنا ليتعلموا، فنحن القدوة والمثال الذي يحتذى به في حياتهم.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights