2024
Adsense
مقالات صحفية

الكفايات الإدارية والعصر الرقمي

د. سعيد بن راشد الراشدي

ونحن نعيش في هذا العصر المتسارع في الخطى بشكل هائل في مختلف المجالات، عصر الثورة الصناعية الرابعة التي تجلت في تنوع وتعدد التقنية الحديثة بمختلف أنواعها ومجالاتها، مما زاد في التركيز على أهمية امتلاك الأفراد الكفايات والخبرات والمهارات لديهم في شتى بقاع العالم، وبمختلف تخصصاتهم العلمية والعملية، لذا كان لزاماً على كل فرد منا أن يواكب تلك التطورات السريعة والهائلة وأن يبادر لتنمية مهاراته وأن يمتلك الكفايات المختلفة في مجال عمله والتي تعينه على مجارات تلك التطورات الهائلة في شتى الميادين.
وبالتالي فإن من متطلبات هذا العصر- العصر الرقمي – بصفة عامة ضرورة امتلاك الأفراد مجموعة من الكفايات ومجموعة من المهارات والقدرات المتخصصة التي تعينهم على تأدية أعمالهم بجودة عالية تضمن التكيف مع هذا العصر المتسارع الخطى في شتى مجالات الحياة وتحقق مستوى أفضل في الأداء المؤسسي.
إن التوسع الكبير في المعرفة والتقنية الحديثة تمخض عنه حاجة ماسة لدى الشعوب للمنافسة في مختلف المجالات الحياتية، اقتصادية كانت أو سياسية أو تربوية أو غيرها بغاية مواكبة مختلف التطورات الحاصلة في هذا العصر، وبالتالي نجد من الضرورة القصوى الاهتمام بالموارد البشرية من خلال تدريبها وتطويرها للاستفادة منها في تحقيق مستويات أفضل من الأداء في مختلف مؤسسات المجتمع.
لذا نجد أن الدول تسعى جاهدة إلى تحقيق نهضة شاملة في مختلف المجالات مما يتطلب منها الاهتمام بوجود طاقات بشرية مؤهلة علمياً وعملياً وتطويرها، وتمتلك كفايات متعددة يتم من خلالها تحقيق الأهداف والوصول لمستويات ذات جودة في الأداء المؤسسي يتواكب مع متطلبات هذا العصر.
وهنا يتبادر إلى أذهاننا سؤال يتمثل في:
ما مفهوم الكفاية؟
لم يلتقِ الباحثون والمختصّون على تعريف موحّد لمفهوم الكفاية الذي يعدّ من المفاهيم الحديثة نسبياً. وقد زخرت أدبيات الإدارة بالعديد من التعاريف والتوجيهات لهذا المفهوم وطبيعته، لتظهر فلسفة هذا المفهوم لدى الأفراد بمختلف مواقعهم الوظيفية، وكذلك من خلال المخرجات والنّتائج التي يسعى إليها الجميع في مختلف المؤسسات التي يعملون بها. وهنا سوف نقدم بعض من التعاريف التي ذكرت هذا المفهوم، حيث عرًفها معجم “وبستر” كما جاء في (webester , 1977, p 230) على أنها: حالة امتلاك المعلومات والاتجاهات والمهارات أو المقدرة على أداء واجب أو عمل معين.
وقد عرفا ﺩريك وميلر(Drake&Miller,1982) الكفاية على أنها المقدرة على أداء مهارات معينة لعمل ما بالشكل المطلوب.
وجاء في (الرازي،1986، ص240) فالكفاية في اللغة تشتق من كفى؛ وكفاه الشيء كفاية استغنى به عن غيره، فهو كاف، فلفظ الكفاية يقصد به تحقيق قدر معين من الشيء أو عدًة أشياء تكفي صاحبها لغرض معين.
كذلك عرف هويت (Hewitt,1987) الكفاية على أنها مجموعة ﺍﻟﻤﻬـﺎﺭﺍﺕ، والمعارف، والأساليب، ﻭ أنماط ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺘﻲ يمارسها ﺍﻹﺩﺍﺭيوﻥ بصوﺭﺓ ثابتة ومستمرة ﻓﻲ أثناء تأدية أعمالهم المختلفة.
أما سميثر ((Smither, 1994 فعرفها على أنها مقدرة الفرد على تأدية نشاط معين وفق معايير محددة.
وقد عرّفها (العجمي،2000) على أنها المحتوى من المهارات والوظائف والمهام الواجب على المدير امتلاكها، أو تلك التي ينبغي أن تتوافر لديه لتأدية عمله وإنجازه بفاعلية، فهناك ارتباط بين الكفاية وإتمام العمل، إذ أن إتمام العمل يتوقف على المقدرة المهارية، والمعرفية والمعلوماتية.
أما (عابدين، 2001)، فقد بين مفهوم الكفاية بالمقدرة على أداء العمل المرتبط بمختلف جوانب العمل بالمؤسسة. حيث بيّن أن الكفاية لا تحدد بالمعرفة فحسب، بل بجملة من العناصر المتكاملة في ما بينها والتي تتمثل في: المعرفة، والمهارات، والاتجاهات. وكل ذلك يعكس أثر مستوى جودة الأداء بالمؤسسة.
وقد عرّفها (ﺍﻟﻔﺘﻼﻭﻱ،2003) على أنها القدرات التي يعبر عنها بعبارات سلوكية تشمل المهمات المعرفية، والمهارية، والوجدانية ليكون الأداء النهائي والمتوقع إنجازه بمستوى معين ومقبول.
أما (ﺩﺍﻓﻴﺯ ﻭﺍﻟﻴﺴﻭﻥ، 2004) فأوضحا الكفاية على إنها السمات والخصائص التي يُمكن بها مساعدة الأفراد على تأديتهم مهمة معينة وبصورة جيدة وفي أكثر من موقف.
أما (الدريج، 2005) فلقد عرّف الكفايات على أنها قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك والعمل في سياق معين، وتتكون من المعارف والمهارات والاتجاهات التي تتكامل فيما بينها، ويقوم الفرد بالاستفادة منها لمواجهة العقبات والمشكلات التي تعترضه ووضع الحلول والبرامج لمعالجتها.
وقد أوضح (الحربي،2008) كذلك بأن الكفاية تكمن في مقدرة الفرد على ممارسة الأداء، ﻭ يمكن اعتبار الكفاية مهارةً حركية، أو نمطا سلوكيا معينا، أو معارف تكون نتيجتها في سلوك الأفراد.
ومن هنا وبعد هذا الطرح في مفهوم الكفاية نجد من الضرورة القصوى الاهتمام بامتلاك الافراد بمختلف تخصصاتهم لمجموعة من الكفايات المهنية، وخاصة ونحن نعيش عصر التقنية الحديثة والانفتاح المعرفي الهائل في كل المجالات. وهناك على سبيل المثال الكثير من الكفايات التي يجب أن يحرص الأفراد على امتلاكها في عصر يتميز بالثورة المعرفية الهائلة، منها التمكن من الكفايات التقنية حيث يتطلب من القائمين على العمل في أي مؤسسة التمكن من التعامل مع التقنية الحديثة والحرص على تدريب وتأهيل القائمين على العمل في تنمية كفاياتهم ومهاراتهم العملية، ليكونوا مواكبين للتطور الهائل؛ ولما لذلك من مردود إيجابي على مختلف جوانب العمل، والوصول للجودة في الأداء المؤسسي بما يضمن المنافسة العالمية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights