2024
Adsense
مقالات صحفية

التراث و القانون

ظافر بن عبدالله بن أحمد الحارثي

التراث هو خلاصة ما خلفته وورثته الأجيال السالفة للأجيال الحالية، لكي تكون لهم عبرةً من الماضي  ونهجاً يستقون منها ويَعبُروا بها من الحاضر إلى المستقبل؛ وينقسم التراث الثقافي إلى تراث مادي يُدرَك بالحواس وتحت هذا النوع من التراث، تندرجُ تحتها مُفردات مثل: الحصون، والقلاع، والمقابر التراثية، والمزارات، والمساجد التاريخية، والآبار، والأفلاج؛ وينقسم إلى تراث غير مادي، وهو “الممارسات والتصوُّرات وأشكال التعبير والمعارف
والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية التي تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثها الثقافي”.

التراث بالنسبة لأي دولة ومجتمع يمثل تاريخها الذي يُعرف الناس بها، ويشكل نهجها وسياستها، ويحدد مبادئها الاجتماعية والاقتصادية التي قامت عليها شعوب تلك الدول، مما يجعل من أمر حمايتها ضرورة حتمية بقوة القانون الدولي والمحلية؛ أكثر من ذلك نرى منظمات دولية واتفاقيات ثنائية تقوم رؤيتها على محافظة وصون هذا القطاع مما يستنتج مدى أهمية إدراج هذا القطاع في قالب قانوني متين.

إن اهتمام السلطنة بالإرث الثقافي بدأ مبكرا وذلك مع إنشاء وزارة التراث القومي والثقافي آنذاك لتكون من أوائل الوزارات المستقلة في الوطن العربي التي تعنى بحماية وصون التراث والآثار، وبعد مرورها بعدة مراحل، صدر مرسوم سلطاني رقم 10/2002، ينص بتعديل مسمى الوزارة إلى “وزارة التراث والثقافة” تقوم رؤيتها على “التطوير والنماء في المجالين التراثي والثقافي، وتعزيز تنوعهما وثرائهما، من أجل الحفاظ على الموروث الحضاري بمختلفها محليا وإقليميا ودوليا، والمساهمة في الحفاظ على الثروة الوطنية وتنميتها، وتعزيز الشعور بالفخر والانتماء والاعتزاز، وجعل السلطنة واجهة ثقافية متميزة متواصلة مع ثقافات العالم الأخرى”.

وحرصا على تنظيم هذا القطاع واستكمال مهامه ورسالته تناول القانون العماني التراث بشقيه المادي وغير المادي؛ وجددت القوانين المتعلقة بالتراث مع تجدد المعطيات ليتوج بالمرسوم السلطاني رقم ٣٥/٢٠١٩ بإصدار قانون التراث الثقافي متمثلة في ٧ فصول و ٨٢ مادة بخلاف القانون السابق الذي اشتمل على ٥٠ مادة فقط؛ وبنسبة للعقوبات، ففي القانون السابق تراوحت الغرامة  بين ٢٠ ريالا إلى ٢٠٠ ريالا والسجن الذي لا يتجاوز السنة أما القانون الحالي جاء مفصلًا  بحيث يمثل حماية وردع أكثر حيث تصل الغرامة إلى ٥٠ ألف ريال والسجن إلى ٣ سنوات كما غلظت العقوبات التي تتعلق بسرقة أو تشويه أو تخريب أو هدم  التراث إلى أقصى عقوبة وهي ٥٠ ألف ريال؛ كما تميزت النصوص الجديد بإعطائها صفة الضبطية القضائية للوزارة،وأخذها بنظام التصالح بحيث أعطى الوزير أو من يفوضه سلطة التصالح مع المخالف، واشتمالها على مجموعة من الجزاءات الإدارية متى ما اخل المرخص له بأي التزام من التزاماته.

إن من أهم خصائص القوانين الإتصاف بالتجدد، والذي يأتي غالبًا لمواكبة التطورات الذي يشهدها عالمنا حتى يتماشى مع حاجات الناس، ومتغيرات العصر وأيضاً لتناسب التشريعات؛ لذلك نلاحظ تحديث منظومة التشريعات متى ما تطلب الامر، وعلى الدولة مواصلة فحص التشريعات والنظر في مدى ملائمتها من حيث الأثر والتطبيق، حتى يؤدي القانون دوره على أكمل وجه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights