النجاح والفلاح وسر النفس البشرية
خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
قد يختلط علينا التفريق في المفاهيم وتتشابك لقلة المعرفة واسرار المعاني بين كلمة وأخرى بالرغم من تشابه التركيب في المعنى من الناحية الظاهرية في المغزى ؛ إلا إن بعضاً من تلك المفاهيم يمكن استخدامها في سياق الكلام وربما في بعض الجمل بقصد كل كاتب أو متكلم لما يريد من باب مفهومة الخاص وتأويله للمعنى الذي يراه ، ومن هذه الكلمات الفلاح والنجاح .
لقد وجدت بعد الاطلاع والقراءة لبعض المراجع بأن الفرق كبير بينهما ؛ فالفلاح يتعلق بالعمل المقرب إلى الله وطاعته ؛ وهو أساس النجاح والنجاةِ مع الله ليكون فائزاً برضا الله عز وجل والفوز بالآخرة.
أما النجاح يتعلق بأمور الدنيا وتختلط به الاعمال في تحقيقه بالخير أو الشر ؛ فليس كل نجاح يوصلنا إلى الفلاح ، فقد ينجح الانسان في تحقيق شي ما كالتجارة أو الشهادة العلمية أو المنصب ولكنه يكون سبباً من أسباب المضرة بمصالح الآخرين أو يكون مصحوباً ببعض الاعمال التي لا يرضى الله عنها وربما يكون دماراً وهلاكاً له وللآخرين ؛ وخير مثال لذلك لما نراه في واقع حياتنا المعاصرة من تقصير البعض في تحمل الأمانة ، أو التدمير الذي يسعى إليه البعض لتدمير الشعوب .
فهنا نقول ونلخص المفهوم بأن الفلاح شمولي يحمل الأنسان إلى الله بالتقرب بالعمل الصالح ، أما النجاح فهو جزئية معينة تتحق بها غاية معينة قد تكون سبباً للفلاح أو سبباً للخيبة مع الله.
فَلَو تفكرنا في تلك المعاني فنجد أنها مرتبطة بالنفس البشرية وفطرتها فالله عز وجل يقول في كتابه العزيز: { قَدْ أَفَلْحَ مَنْ زَكَّاهَا (*) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّهَا (*)- ٩- ١٠ سورة الشمس.
فكلاً منا يجازى بمقدار طبيعته البشرية ونفسه التي تقوده إما إلى نجاح لا يوصله إلى فلاح وأما إلى نجاح يقوده إلى فلاح .