2024
Adsense
مقالات صحفية

لتعليم ،،، بين الواقع والافتراض

علي بن مبارك اليعربي

أوجدت جائحة كورونا أزمة حقيقية لقطاع التعليم بمختلف مراحله مما دفع بالحكومات والمؤسسات المعنية به إلى البحث عن بدائل للتعليم المستمر على مقاعدهم الدراسية ، حيث تسابق مصممو البرامج التعليمية على تغيير أنماط التعليم ليتسنى لها مواكبة الوضع الراهن فأطلقت المنصات التعليمية ،والتي يكون فيها التعليم عن بعد. ليحل بديلا عن التعليم على مقاعد الدراسة إذ دفعت المدارس َ، والجامعات، والمؤسسات التعليمية لإغلاق أبوابها تقليلا من فرص استشرائه.
مما أثار قلقا كبيرا لدى المنتسبين لهذا القطاع من عدم الحصول على جودة في التعليم ، أو حدوث ضعف في مستوى التحصيل الدراسي إذا ما كان التعليم عن بعد ، وقد تكون تلك الهواجس والمشاعر صادقة لعدة اعتبارات و هي بكل تأكيد لن تكون خافية على صناع القرار في تلك المؤسسات التعليمية فضعف الإمكانات المادية لدى الكثير من أولياء الأمور بتوفير الاحتياجات اللازمة للتعلم عن بعد من حواسيب وشبكة اتصال منزلية سريعة ، وكما يستوجب توفير حاسوب لكل متعلم في المنزل قد يصل عددهم عشرة أفراد ونيف في مختلف المراحل التعليمية بالإضافة إلى آلية ضبط التزام المتعلمين بمواعيد التعلم عن بعد ، ناهيك عن فقد عنصر مهم في العملية التعليمية ألا وهو الاتصال والتواصل الفعال وهذا لن يتأتى إلا بتواجد المعلم و المتعلم في بيئة مشتركة ليتم التواصل والتعلم النشط، بالإضافة إلى عدم امتلاك بعض الطلاب مهارات التعامل مع التقنيات الحديثة مما يعوق تقدمهم ويضعف من تحصيلهم الدراسي.
و رغم إيماني بأهمية و ضرورة العمل على تمكين أبنائنا من التعليم التقني والذي أصبح من ضروريات الحياة في وقتنا الحاضر لكن لا يعني ذلك أن نعتمد عليه اعتمادا كليا بينما كانت هذه البرامج و المنصات التعليمية ليست إلا وسيلة من وسائل التعليم المستمر.
وها نحن ننتظر قدوم عام دراسي جديد و أعلم تمام العلم أن هناك جهودا تبذل وجنودا مجهولين يعملون من وراء الكواليس يبحثون ويتباحثون ويضعون البرامج والخطط ولديهم من البدائل ما يكفي لحل أي مشكلة قد تواجه تنفيذ برامجنا التعليمية لو استمر هذا الوباء والعياذ بالله.
و حتى مع اختفائه أو تلاشيه يبقى الحذر واجب من ظهوره ،أو من ضياع جهود الحكومة في مكافحته طوال نصف عام تقريبا .
وقد خلف وراءه بكل تأكيد أثارا اقتصادية واجتماعية ونفسية تجعلنا جميعا غير مطمئنين لعودة أبنائنا الطلبة للجلوس على مقاعد الدراسة مطمئنين إلا بعد التأكد من انجلاء الوباء تماما ، والخوف من العودة إلى نقطة البداية.
وكما يعلم الجميع أننا قمنا بتجربة التعلم عن بعد وحاول المختصون إنشاء منصات تعليمية إلكترونية متعددة و بذل الطلاب وأولياء أمورهم ومن خلفهم المعلمون جهدهم لتفعيل بيئة مدرسية افتراضية لكن دون جدوى ، للأسباب التي ذكرت آنفا مما اضطر المعنيون بالأمر إلى إنهاء العام الدراسي الفائت على نحو تم الإعلان عنه من قبل وزارة التربية والتعليم.
وأصبحت مسألة التعايش مع كورونا واقع يفرضه واقع الحال حتى نتمكن من إيجاد التوازن بين صحة البشر و مقومات معيشتهم.
ويبقى وعي الأفراد على المحك لتعزيز نجاح التعايش من خلال التزامهم و تقيدهم بالتعليمات وما يواكب ذلك من إجراء مؤسسي يضمن الحفاظ على الصحة العامة والحد من انتشار هذا الوباء والقضاء عليه.
وحتى نتمكن من ذلك يجب علينا جميعا أفرادا ومؤسسات أن نأخذ بالأسباب ونتبع طرقا وأساليب تساعدنا على تحقيق ذلك.
وكما يعلم الجميع أن الشريحة الأكبر في المجتمع هم فئة المقيدون في المؤسسات التعليمية لذا يجب تجنيبهم مخاطر الإصابة بهذا الوباء ووضع آلية تعيد التوازن للنظام التعليمي بإعادته إلى ما كان عليه قبل الجائحة الوبائية وذلك بتطبيق معادلة التعايش بمبدأ التباعد في الفصول الدراسية ولن يتأتى ذلك إلا إذا قلص أعدد الطلبة إلى النصف والعمل بنظام المناوبة على الدوام المدرسي بحيث يحضر نصف العدد في اليوم الأول والنصف الآخر في اليوم التالي وهكذا. بالإضافة إلى تفعيل المنصات التعليمية للطلاب الموجودين بالمنزل للأنشطة الصفية واللاصفية لضمان استمرار التباعد وكذا التقليل من الأعباء المادية المترتبة على أولياء الأمور وذلك بوضع جدولة للأنشطة علىَ مدار اليوم مع ضرورة التنسيق التام بين المدارس في البيئة الواحدة وذلك لتمكين الأبناء من استخدام حاسوب واحد فقط لإنجاز مهامهم الدراسية و بذلك نكون قد وفقنا بين الضرورة والمصلحة و معادلة التعايش.
و يبقى نجاح وفشل الإجراءات الاحترازية ،وقرار الانفتاح الجزئي والتعايش مع الوباء مرهون بمدى وعي وثقافة أفراد المجتمع في التعامل مع الإجراءات الاحترازية الوقائية.
خلاصة القول: إن أبناءنا هم عماد التنمية ونهضة المجتمع ورقيه ونظام التعليم في أي بلد يصنع الفرد ويصقله ، و ينمي الاقتصاد الوطني وينعشه، والسعي لتجويد التعليم مطلب لا يمكن تغافله لهذا يجب على اللجنة العليا المكلفة ببحث مستجدات كوفيد ١٩ وعلى الفريق الفني المشكل من قبل وزارة التربية والتعليم لدراسة الوضع الدراسي القادم في ضوء تأثيرات كورونا بالتعامل مع الوضع وإصدار ما يلزم. للحفاظ على جودة التعليم واستمرار تطوره بحرفنة متناهية و بإدارة واعية تقي الفرد والمجتمع من التأثيرات السلبية الناتجة عن جائحة كورونا.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights