“الوطني للإحصاء والمعلومات” .. نموذجا
أحمد بن سالم الفلاحي
shialoom@gmail.com
ينجز المركز الوطني للإحصاء والمعلومات كما نوعيا من المعرفة المؤصلة بالبحث والتقصي، وهو بذلك يساهم مساهمة كبيرة ودقيقة في الإدلاء بالمعلومة بنصاعتها، ودقتها، وتجريديتها وشفافيتها، وهي المعلومات المدعومة بالأرقام، وهذا ما هو ظاهر من التقارير التي يبثها المركز بين فترة وأخرى لجموع المتلقين، ولجموع المشتركين معه من خلال رسائل الـ “WhatsApp”، وهذه التجربة التي يمر عليها الآن ثمان سنوات حيث أنشئ المركز في 26/5/2012م أغنت الكثيرين ممن تهمه الأرقام الدقيقة من الباحثين كأفراد، ومن الباحثين المنتمين إلى الجهات المختلفة، بعد أن كانت هذه الأرقام متوزعة مصادرها بين أكثر من جهة، ولذلك كان قبل إنشاء هذا المركز العلمي المتخصص، هناك معاناة لهؤلاء الباحثين، ولهذه الجهات على حد سواء، فكلمة شكر لا تكفي لمن حرص واجتهد على إنشاء هذا المركز المعبر عن مستوى الخدمات النوعية التي يقدمها هنا في السلطنة، أو لغيرها من المنظمات الدولية المعنية برصد الأرقام في مختلف مجالات التنمية في السلطنة.
وهذه الفكرة المركزية في إيجاد مصادر محددة للمعلومات، بدلا من توزعها في أكثر من جهة تحمل ذات الفكرة لموضوعات أخرى لا تقل أهمية، وتحتاج إلى هذا النوع من المركزية، خاصة تلك المتعلقة بحياة الإنسان، وبنشاطه اليومي، ونضرب على ذلك مثالا، مختبرات المياه، فاليوم هناك أكثر من جهة لديها مختبر للمياه، ويقينا أن هذه المختبرات مكلفة لاحتوائها على أجهزة مختبرية غاية في الحساسية، فوق ما يتطلب كل مختبر من كوادر شابة مؤهلة تأهيلا علميا نوعيا، وبالتالي متى توزعت هذه المختبرات في الجهات المختلفة، سيظل أداؤها ضعيفا قياسا بإمكانيات كل مؤسسة على حدة، فلما لا تنبني الفكرة في الفترة القادمة على إنشاء مركز وطني لمختبرات المياه، تجلب إليه كل الأجهزة والكوادر الوطنية العاملة في مختلف هذه الجهات، ويعزز الطرفان – القوى العاملة والأجهزة – تدريبا وتحديثا، بحيث يعبر هذا المركز عن جهد وطني شامل، ويكون مرجعا وطنيا متحققا، كما هو الحال اليوم في المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، ولا يكتفي فقط بفحص العينات الواردة إليه من مختلف الجهات، وإنما تؤهل كوادره للقيام بالدراسات والبحوث المائية، الجوفية منها، والسطحية، خاصة مع ما هو متوقع في المستقبل من ازدياد تلوث المياه، انعكاسا لازدياد عدد السكان، وتكاثر مصادر التلوث للمياه الجوفية بتكاثر العمران، وما ينعكس ذلك أيضا على تلوث البحار، حيث السفن العملاقة التي تتخلص من فضلاتها بطرق غير سليمة، مما يؤثر ذلك على الأحياء المائية داخل هذه المياه، خاصة وأن السلطنة يحيط بها امتداد ساحلي يقدر بـ “3165” كيلو متر، كما تشير المصادر.
وما ينطبق على هذا المثال؛ ينطبق على مثال آخر، وهو إنشاء مركز متخصص لفحص عينات الدم، وغيرها من العينات، بحيث ترسل إلى هذا المركز كل العينات المراد فحصها من مختلف مستشفيات السلطنة العامة والخاصة، ويكون إعادة ارسال النتائج عبر الـ “نت” من خلال تفعيل الحكومة الإلكترونية، ولا يمنع ذلك أن يتضمن هذا المركز جهاز أشعة الرنين المغناطيسي الـ “MRI” فهذا الجهاز، كما هو معروف باهض الثمن، وهنا في السلطنة أكثر من مستشفى حكومي لديه هذا الجهاز، وكما هو معلوم بالضرورة أن هذه الأجهزة تظل متطورة، وقابلة للتغيير بين كل فترة وأخرى، فما الضرورة أن يتحمل تكليف تغييرها بين فترة وأخرى كل مؤسسة صحية على حدة، فهي في النهاية من الموازنة العامة للدولة، فبوجود مركز وطني واحد يضم كل هذه الأجهزة مع العاملين فيها؛ سيعمل بالتأكيد على ترشيد الإنفاق من ناحية، ومن ناحية ثانية القدرة على تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية العاملة فيها، تأهيلا يعزز أداءها ونتائجها.