كورونا يعظ .. صدقك وهو الكذوب
كورونا يعظ .. صدقك وهو الكذوب
د. معاذ فرماوى
بعد أن افترس كورونا ملايين البشر، أخذته سِنة من الشبع، وغلبته لحظات من الرحمة .. فتوجه واعظاً لهم حتى لا يشعر بتأنيب الضمير، بعد أن رأى ضحاياه بين قتيل تبرأ منه أهله خوفاً من العار، وسقيم يصارع الموت فاستسلم له بذل وإنكسار، وصحيح حائر شارد الذهن خائف وجل ينتظر أجله وقد انهار، ومفكر خاب علمه وفكره فباع للناس الوهم بكذب واصرار، وسياسى صدمه الواقع فحار واحتار، فحظر رعيته بالليل والنهار.
فوقف كورونا منتشياً مخفياً كبرياءه وجبروته، مرتدياً ثوب التقوى والورع، ناصحاً متصنعاً للصدق قائلاً سينجوا منكم كل من مني سمع، وأطرق برأسه للأرض وقال مبدياً التواضع مع الحزن والندم، أهلكتكم معاصيكم وما أنا إلا مرسل بسببها لكم، فكونوا منها وليس منى على حذر، فأنا كائن ميت ولكنى أحي على ذنوبكم، فهى الخطر ولست أنا الخطر.
ذنبوكم هى قوتى عليكم، فلا تلومونى ولوموا أنفسكم، فأنا حزين على قتلى للصالحين منكم، ولكنكم لم تتناصحوا بينكم، فمسهم ما مسكم، وقبل ذلك هجرتم قرآنكم، وخالفتم رسولكم .. فأين المودة والرحمة بينكم، فراجعوا دينكم .
ولما رأى فى أعين مستمعيه عدم تصديقه، وكادوا أن يتركوه، غضب ورفع صوته كى يسمعوه قائلاً سميتمونى القاتل الغادر، ونسيتم أنى القاتل العادل، لا فرق عندى بين دولة وأخرى ودين وآخر، فهل علمتم أن إرهابيكم يميزون فى قتلهم بين دولة وأخرى وأن معظم ضحاياهم دول فقيرة، وجل ضحاياهم فقراء.
أما رأيتم أن إعلامكم يركز على المصابين بسبب الإرهاب فى الدول الغنية رغم قلتهم ، ويمر مرور الكرام على القتلي بالدول الفقيرة رغم كثرتهم، أما إعلامي فيساوى بين الاثنين، فمن أعدل أنا أم انتم.
حتى كوارثكم وأعاصيركم تحمون فيها الأغنياء، وتهملون فيها الفقراء، فمن أعدل أنا أم انتم.
وأعظم دولكم يموت فيه الأًسود تحت الحذاء، بينما يمرح الأبيض فى ناطحة تلامس السماء، أما أنا فأقتل الأبيض والأسود .. فهم عندى سواء، فمن أعدل أنا أم انتم.
ونيران حربكم تصل للمعتصمين فى البيوت والمساجد والكنائس، أما أنا فأجبرتكم على المكوث فى بيوتكم فقط لتتحصنوا منى، فمن أرحم أنا أم أنتم.
دولكم العظمى إستخدموا الإرهاب لنشر الحقد والتفرقة، أما أنا فاستخدمتمونى أنتم للحض على التعاون فيما بينكم ضدى، فمن أرحم أنا أم انتم.
ألا تتذكرون أنكم حاربتم الإرهاب بالإرهاب وعلى جوانتنامو يشهد رب السماء، أما أنا فحاربتمونى بالفكر والعلم والدواء، فمن أرحم أنا أم انتم.
أرأيتم كيف أن حضارتكم سقطت .. ألست أنا من كشف صغر دولكم العظمى، فلولا مكري بكم ما كنتم مصدقين أن أمريكا ستسرق أقنعة الوجه من برلين، ويزايد مشتروها بثلاثة أضعاف السعر ليحولوها بمكر وتدليس لواشنطن بدلا من باريس.
وهكذا أسقطت لكم العولمة، فلا خبر عنها ولا مجرد تمتمة، فلا علاقات عالمية ولا إتحادات ومجموعات إقتصادية، ولا مصالح سياسية، فقاداتها تحولوا لقراصنة، وسقطت عن وجوههم القبيحة الأقنعة.
فلا أيدى بيضاء ولا مزايدات، ولا إدعاءات للبطولة والقيم وقت الأزمات، فزال كل خداع وزيف، وبقى وسيطر حب الذات.
ألم أوقظ فيكم ما مات من صفات حميدة، وعدتم لفطرتكم الرشيدة، فعرفتم قدر الأطباء والعلماء، وأنهم طوق النجاة عند البلاء، بعد أن فتنكم أهل التوك شو بالرقص والغناء، وكانوا هم فيكم الدعاة والخطباء.
ألم أكشف غدركم وقلة أصلكم، فكم من أب وأم مات بى فتبرأ منهما الأولاد والأحفاد، وتواروا من فضيحتهم بين العباد، واستعانوا بغيرهم ليواروهم تحت الرماد، فلعنة الله عليكم، فهل من بعد ذلك عقوق وإفساد.
فجلس القوم ، وعلى رؤسهم الطير.
وقالوا صدقتنا وأنت الكذوب.
فقال لهم أين المصدق لكى يتوب.
فقالوا ومن يصدقك ياميكروب.