لِمَ الخوف من التقاعد
يعقوب بن حميد بن علي المقبالي
وادي بني هني ولاية الرستاق
خدمة الوطن واجبٌ مقدس على أي مواطن فالوطن يحتضنك على أرضهِ فأنت خُلقتَ وتررعتَ. فكبِرتَ ودرستَ ثم التحقتَ في ميدان العمل وتعايشتَ وقضيتَ جل عُمرك في العمل وتعلمت الكثير وتعرفت على أصدقاء وزملاء منْ خلالِ عملك وتقاسمتَ حب الوطن وعملتَ لأجل هذا الوطن ولنفسك وهنا جميع النفوس تعلوها البهجة والسرور والإرادة على البذلِ والعطاء والنشاط والصدقِ والأمانة لأجلِ هذا الوطن.
فقد أصبحتَ ملمٌ بجوانب العمل وأصبحت لك الكلمة بين أصدقائك وأصبحت سنين عمرك متقدمة بعشرات السنوات بعد ما كنت شابٌ يافع بنشاط لا محدود وبعد كل هذا العناء يحتاجُ لك شيءٌ من الراحة والطمأنينة بعيدا عن الأعمال الرونينية التي تؤديها في مجالِ عملك وأنت منذ فجر ذلك اليوم تدور في ذهنك أفكار عن فترة بدء الدوام ثم يأتي دورك سواء كان بالمكتب أو عملك الميداني تفكر وتخطط على أن تنجز عملك وتريح ضميرك وتفكر كيف أنجز واجباتي الملقاء على عاتقي بالإضافة إلى المكالمات الهاتفية التي تتلقاها في مجال عملك ومن خلالها لابد أن توصل تلك المعلومات لرئيسك أو أن تنجز مضمونها بنفسك ، تتشتت الأفكار ويأتي آخر يوم من عملك وأنت تحتاج إلى الراحة والاسترخاء من كل هذا العمل فما بالك وأنت قضيت في عملك فوق العشرين عام.
نعم بعد السنوات الطويلة التي تتأجج بنفس الوتيرة التي قضيتها في عملك في هذه الحالة لا تفكر بأفكار إنك فشلت في أداء عملك وتم احالتك إلى التقاعد، لا والله أنت ضربت المثل الأعلى لزملائك أولا ولابنائك ثانيا وأصحابك، لقد عملت وثابرت وأديت واجبك الوطني طول سنوات خدمتك بدون تقصيرٍ يذكر.
وبعد تلك السنوات الطويلة التي قضيتها في عملك فلا بد للحكومة النظر في أمر تقاعدك لتكون لك مكافأة بعد السنوات التي أديت واجبك تجاه إدارتك ووطنك، هنا لابد أن تنظر الحكومة بتظرتها الثاقبة بأن هناك أعدادًا كثيرة تنتظر خارج ميدان العمل لينضموا هم الآخرون ليكونوا (خير خلف لخير سلف) وينظموا في سلك ميدان العمل، وأنت في هذه الحالة تقاعدك خلق فرصة أخرى ( لأخيك / وأختك / وابنك/ وابنتك) المواطن ليقوم هو الثاني بمواصلة المسيرة على هذا الوطن لتاديت واجبه الوطني الذي ينتظره بفارغ الصبر منذ وهلة خروجه من فصول الدراسة بنجاح من( الصف الثاني عشر – أو تخرجه من- الكليات أو الجامعات – أو أنه لم يستطيع مواصلة دراستة لظرف من ظروف الحياة) .
لا تفكر أن المسؤولين أو إدارتك المباشرة تريد التخلص منك وأنت واثق من نفسك أنك عملت بجد واجتهاد ومثابرة وأديت واجبك وأمانتك تجاه وطنك العزيز فثق بالله أولاً انك تكون الأقرب إلى الله بتفرغك من ميدان العمل، بمعنى هنا أنت تستطيع أن تودي أعمالك التي كانت تحجزك وأنت في ميدان العمل- كصلة الرحم – مثلا – وأداء الصلوات في أوقاتها- أو وجودك في بيتك بين أبنائك وأهلك.
فشكرا لمولانا جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه- على التوجيهات السامية التي أسداها لحكومته الرشيدة التي هي الأخرى تترجم تلك الأوامر السامية التي تنصب فيَ تقاعد جميع العاملين لمن تشرفوا بشرف العمل في القطاعات (الحكومية والعسكرية والأمنية ) في بلادهم المعطاء لمن أكملوا خدمة ثلاثين عاما فأكثر.
راجين بإذن الله تعالى التوفيق والنجاح والسداد لمن تشرفوا بشرف التقاعد وكذلك لأبنائنا وبناتنا الذين سيستلمون زمام الأعمال في ميادين العمل في هذا الوطن العزيز – حفظ الله عمان وسلطانها المفدى وشعبها العظيم.