الكشك الذي في ولايتي
بقلم/ خميس بن محسن بن سالم البادي
في ولاية ضنك حيث تقع تلك الولاية في الجانب الغربي من عُماننا الغالية، و التي تشتهر بأنواع شتى من الحرف و المهن التقليدية كقريناتها من الولايات الأخرى، التي في مقدمتها الزراعة لما تتميز به من المقوّمات الزراعية كالمياه العذبة و التربة الخصبة و المناخ الملائم للمواسم المختلفة، و لعمتنا ذات الأكمام النصيب الأوفر هنا من بين مجمل المزروعات في الولاية، من حيث اهتمام الإنسان العماني بزراعتها و العناية بها لما تمثله له هذه الشجرة المباركة الباسقة بطلعها النضيد، من الأهمية و الضرورة في الغذاء السحري متعدد الفوائد للجسم البشري وكذلك الماشية، و منتجاتها الأخرى ذات الاستخدامات المختلفة للحياة البشرية، حيث عرف الإنسان العربي عموماً و العماني بشكل خاص النخلة منذ القدم، فمن هذه الولاية يتم إنتاج أنواع من التمور ذات التصنيف عالي الجودة،، و مناسبة هذا الحديث هو ما بدا أن ثمة كشك اتُّخِذَ له حيز من جزء في الولاية تعلو واجهته لوحة لشركة تُمور، و إلى هنا ليس من غرابة في الأمر بل هو أمر حسن، لكن اللافت لذلك هو أن المسمى يتشابه مع مسمى آخر مسجل بدولة أخرى ما يجعل الرائي يتساءل عن ماهية ذلك، أهو فرع لتلك الشركة بتلك الدولة الأخرى أم أن الموضوع لا يعدو كونه تشابه في المسمى التجاري فحسب، ولكن بسؤال الزميل المرافق لرحلتي أثناء مرورنا بالولاية كونه أحد سكانها، عن هذه الشركة و إنتاجها من التمور المغلّفة و مدى تعاونها و دعمها للمزارعين للوصول إلى الجودة التسويقية في الحصاد الموسمي للثمار و وفرة الانتاج السنوي من هذه السلعة الغذائية الغنية بالعناصر المغذية و ذات المردود التجاري الجيد، نظراً للطلب المتزايد عليه من قبل المستهلك محلياً و إقليمياً و دولياً.
فقد أخبرني بما لم يكن متوقع و لكن كذلك بما لم يكن مستغرب في وقت صارت فيه خير ات هذه البلاد تستغل بشكل غير منظم من كل جانب و كلاً في مجاله و اختصاصه، دون أن يحرك ذلك شيئاً من قبل المعنيين الذين لا ريب أن لبعضهم الدور الجليْ في تفعيل و سريان مثل هذه التجاوزات بحكم مناصبهم الوظيفية، فقد أخبرني أنه قبل ما يقارب العامين افتتح هذا الكشك الذي هو فرع لتلك الشركة بتلك الدولة، بغرض جمع حصاد الموسم من التمور ذات الجودة الممتازة من المزارعين، و نقله إلى الفرع الرئيسي للشركة خارج السلطنة لتنقيته و تغليفه و إعادة تصديره من هناك للخارج، لتكون السلطنة إحدى الدول المعاد إليها منتجها، و لكن بالعلامة التجارية للدولة صاحبة التغليف و على اعتبار أنه منتجها و ليس منتج سلطنة عمان، مؤكداً لي بأن هذا كل ما في الأمر و من غير دعم للمزارع أو غيره.
و رغم ما بدا على حديث الرجل من الجدية و المصداقية إلا إني آثرت التوجه لبعض المعارف و الأصدقاء علّي أجد في جعبتهم ما يضاد قول الزميل لي عن ذلك الكشك، و لكن للأسف لم أجد عدا ما يعزز صدق ذات القول الصادر عنه، فعدت أبحث في المواقع الإلكترونية للغرض إياه فحصلت على تغريدة يتيمة مقتضبة لا أقارب لها، و حال لسان مُغرّدها يقول( سَنَعِدَهُم بِالوَهْم حتى نصل لأهدافنا)، و ذلك على منبر تويتر مؤرخة في سبتمبر2018م، مفادها توقيع اتفاقية بإنشاء فرع في السلطنة بولاية ضنك يكون منفصلاً عن الشركة الأم الكائنة بالدولة الأخرى بذات المسمى التجاري، مختص بشراء التمور و تنقيتها و تغليفها و بيعها في الداخل العماني و الخارج مع توفير فرص عمل للمواطنين، إذاً (و طبقاً لما تم التوصل إليه و الذي أرجوه أن يكون منافياً لما قيل و ثبت)، فإن ذلك هو التناقض بعينه بين ما هو ثابت في الموقع على ألسن أصحاب الموضوع، و ما هو يُمارَس على الواقع من خلال الكشك محور الحديث و الذي لا أصفه إلا استحواذ الغير لخير هذا البلد أمام الأعين و برضا البعض ممن لهم منافع شخصية خاصة بهم من هذا الإجراء ذو الثمن البخس.
حيث أن واقع الحال ما هو إلا كشكاً يعمل به من اثنين إلى ثلاثة من المواطنين و يستعان مؤقتاً بمثلهم عدداً وقت ذروة العمل، بحيث يتم شراء المنتج من المزارع وفق المعايير و المواصفات و الضوابط و الشروط التي جاءت بها و حددتها الشركة من موطنها للإستيلاء(و لو ابتياعاً) على ناتج المحصول من التمر المنتقى بعناية من قبل القائمين على إدارة الشركة، و من ثم نسب هذا المنتج العماني الخالص بعد التعبئة إلى بلد الشركة يحمل هويتها زوراً بكل أسف.
إن أي مواطن عماني غيور على بلده يأسف فعلاً لمثل هذه التصرفات التي تعتبر في غير صالح الوطن و المواطن، و إننا لا نعتب هنا على المزارع بقدر ما هو العتب و اللوم يقع على الجهات المسؤولة التي أجبرت المزارع على تصريف منتجاته للغير نتيجة التصريح لهكذا مشاريع في بلدنا و لشركات أجنبية، حيث كان يمكن بقليل من الدعم و التوجيه و التكاتف إنشاء مثل هذه المشاريع من قبل أبناء الوطن أنفسهم، سواء أكان ذلك بشكل فردي أو أهلي أو حتى توجيه هذا المزارع بتصريف محصوله لدى المصانع المقامة على استحياء بجهودهم الشخصية من قبل أفراد في بعض الولايات، ليكون دعماً لأصحاب هذه المصانع الصغيرة، و كذلك تحفيزاً للمزارع و لتكون بذلك الاستفادة لكليهما و بداخل البلد.
فيا أيها المؤتمنون على إدارة ثروات بلد الخيرات عُمان الغالية، كفاكم عبثاً و اجعلوا منتجنا يُصرّف من قبلنا دون الإتيان بمن يسعون وراء الربح و الاستيلاء على ثرواتنا، و محاولتهم طمس هوية ما ننتجه من هذه الأرض الطيبة المباركة، و أعيدوا نظركم في أمر هذا الدكان، و ثقوا جيداً أن العماني كما كان أسلافه قادراً لا شك أن يؤدي دوره متى ما أعطي الثقة و منح الدعم و أتيحت له الفرصة و وضع تحت المتابعة و الرقابة والتوجيه، و انظروا يا من كلفتم بحمل أمانة خدمة هذا الوطن المعطاء و أبنائه الأوفياء من خلال مواقع أعمالكم المختلفة ذات الصلة بما نحن بصدده عبر هذا الطرح، انظروا للولايات العمانية الحدودية التي يعود إليها خير أرضها و بحرها من خارجها، (حيث حتى الأسماك العمانية تعاد إلى ولايات السلطنة الحدودية من الخارج لبيعها في الداخل العماني).
و إن لم يكن ثمة إجراء فوري فإن أملنا يكمن في جاهزية مصنع التمور الذي يتم إنشائه راهناً في ولاية بركاء، حيث يحدونا الأمل لدى جهات الاختصاص و إدارة المصنع عند تدشينه و دخوله الخدمة الوقوف على الموضوع بغية استلام المحصول السنوي من المزارع العماني، مع الأمل أيضاً بإنهاء عقد تلك الشركة و إلغاء كشكها هذا بصفة نهائية في السلطنة، بل هي سانحة طيبة بعد ذلك ليكون ذلك الكشك منفذ تجميع بالولاية ممثلاً للمصنع المنتظر سالف الذكر.