2024
Adsense
مقالات صحفية

التقاعد الإجباري.. بين القبول والرفض

خميس بن محمد الهنائي

لقد كثر الحديث في الفترة الأخيرة حول التقاعد الإجباري لكل من قضى في العمل ثلاثين سنة فأكثر حيث أخذ الموضوع لدى الأوساط المعنية صدى ، وكثر فيه الحديث . فحقيقة الأمر ليس من السهل أن يتقبله المستهدفون ويرضى به في ظل نظام تقاعد الخدمة المدنية الحالي .

أرى من باب الأمانة أن أقول : كلمة الحق وبيان الحقيقة بعيدا عن الوضع السائد الذي تعيشه الدولة فهذا موضوع بحث ونقاش فيه من المطالبة – سابقاً – في إعادة نظام صندوق تقاعد الخدمة المدنية الذي يراه الموظف ليس بمستوى الطموح .
أقول كلمتي وهي مشاركة بل قيمة مضافة حسنة ، ومحمودة يجب أن تأخذ عين الاعتبار ، وإني لأجد الصدق والمنطق إلى ما قاله الكاتب الدكتور عبدالله عبدالرزاق والكاتبان مسعود الحمداني وعبدالله الفارسي وغيرهم الذين أصلوا المسألة وأعطوها بعد أكبر في موضوع التقاعد الإجباري ، وما يترتب عليه من آثار  في ظل النظام المعمول به في صندوق تقاعد الخدمة المدنية خاصة .
قولهم صدق وطرحهم للموضوع كان واضحا وواقعيا وملموسا ، وهنا إشارة مني للتأكيد وموافقة رأيهم ، ومشاركتي هذه ما هي إلا ضم صوتي إلى الأصوات التي نادت بإعادة النظر في صندوق تقاعد الخدمة المدنية، حيث  أن الموظف في قطاع الخدمة المدنية سواء كان قضى فيها ثلاثين سنة أو أكثر سيكون ضحية التطبيق بل الأمر أكبر مما يتصوره البعض حيث الوضع المرير الذي سيكون عليه هذا الموظف وأقصد هنا أصحاب الدرجات الصغرى وهم ما زالوا تحت وطأة الديون والمطالبات المالية بأنواعها حيث حال المواطن العماني – إلا القليل منهم – لا يختلف اثنان عن أوضاعهم المالية الضعيفة وكيف يسير أموره في تحقيق مطالبة الضرورية من مسكن وملبس ونقل وغيرها من الخدمات وفي ظل ارتفاع مستوى المعيشة وهي شريحة كبيرة من المجتمع ، والتي رأت في  تكوينها هذا وبناء معيشتها أن تقدم إلى البنوك التجارية لتحقيق رغباتها التي بدورها سهلت وقدمت وساهمت في الحصول على القروض القصيرة والطويلة الأمد ، مقابل قسط شهري ثابت يصل إلى المئات الريالات شهريا لمدة قد تصل إلى خمسة وعشرون سنة وبالمقابل هناك الجمعيات الأهلية المدفوعة القيمة وإلتزامات مالية أخرى ٠ كل هذا  لأجل توفير الخدمات الضرورية – بناء منزل شراء سيارة زواج – التي لا غنى عنها في العصر الحالي . أليست هذه الحقيقة ؟

من منظور آخر  وفي حالة إحالة الموظف للتقاعد وهو في ظل وضعه الحالي – الديون المالية –  نطرح سؤال : كيف يمكن للموظف أن يسير أموره المالية بعد التقاعد وعليه مطالبات مالية؟
كما هو معلوم لدى الجميع في نظام الخدمة المدنية المبلغ بعد التقاعد سينقص منه الكثير قد يصل إلى أكثر من ستمائة ريال لبعض الدرجات والمكافأة قليلة – لا تسمن من جوع – مقارنة مع بعض صناديق التقاعد الأخرى التي تمتلك امتيازات عالية وهي الفئة المستفيدة والناجية من هذا التطبيق الإجباري.

في ظل ما تقدم وبالنظر إلى واقع الحال للموظف المتقاعد في الخدمة المدنية وقد يقع فيه عاجلا أم آجلا فأننا نستذكر قيمة شرعية يجب أن نأخذ بها ألا وهي : العدل في العمل والمساواة في التطبيق والأمانة في التنفيذ فهي قاعدة شرعية يجب النظر إليها وهنا نناشد الحكومة بأن تنظر في المشروع الوطني الذي يطالب بتوحيد صناديق التقاعد في الدولة التي في تجمعها وبامتيازاتها تتحقق العدالة والمساواة وبالتالي أعطاء كل ذي حق حقه .

إن في طرحنا هذا ومناشدتنا المستمرة نصل إلى تحقيق وإيجاد منظومة مالية متوازنة تضمن الحقوق المشروعة للموظف أثناء وبعد الخدمة وصناديق التقاعد ما هي إلا جزء من هذه المنظومة وعليها حفظ وضمان حق الموظف بقدر سنين الخدمة وعطاءاته العملية والعلمية.
وبالرجوع إلى ماهية صناديق التقاعد وإذا ما نظرنا إلى وضع صندوق تقاعد الخدمة المدنية بنظامه الحالي نجده لا يحقق الأهداف المرجوة للموظف ولا يقوم في إحداث تغيير إيجابي في حياته – إلا ما رحم ربي- وهم قلة .

الصندوق لا يحقيق أدنى الرغبات المتقاعد الذي أمضى ثلاثين سنة من عمره في فترات مرة به دون ترقيات او امتيازات بالمقابل هناك من الموظفين في الأجهزة الأخرى العسكرية والأمنية وغيرها يتمتعون ما لا يحلم به موظف الخدمة المدنية طوال سنوات كانت عجاف لهم  – توقف الدرجات – وعلى أثرها تهدمت أحلام وضاعت أمنيات وغابت حقوق حتى اقتربت  ساعة الأجل – ستون سنة – وترك العمل وعلى أثر هذا من الخدمة الطويلة قَد تواجدت في النفس مشاعر وأحاسيس من التميز ، وانعدام العدل بين المواطنين العاملين في الخدمة المدنية ، ومقارنتهم بالقطاعات الآخرى داخل منظومة العمل في الدولة مما دعانا الأمر بتصنيف هذه الصناديق بين السيادية والخادمة فالأولى لها شأن ومكانة وقيمة والثانية لا شأن ولا قيمة نظرا لأختلاف الامتيازات بين الصناديق أثناء الخدمة أو بعدها .

جلالة السطان الراحل طيب الله ثراه بعد  المطالبة الملحة والمناشدة المستمرة من الشعب أمر في عام ٢٠١٠م طلب توحيد صناديق التقاعد وتكون على مستوى واحد في الحقوق وتقديم الخدمات .
للأسف ما ظهر . بل تحقق لدى بعض الصناديق السيادية المزيد من الامتيازات منها على سبيل المثال صندوق تقاعد ديوان البلاط السلطاني .

حينها لم نكن نملك سواء طرح السؤال الذي لم نجد له جواب حتى الآن وهو : لماذا تم إعادة وتعزيز نظام صندوق تقاعد ديوان البلاط السلطاني وإنفراده عن منظومة الصناديق الأخرى في الدولة.؟ في وقت الذي كنا ننتظر فيه توحيد الصناديق تحت مسمى صندوق واحد .

إننا اليوم وفي ظل الأزمات التي تمر بها الدولة وانعكاساتها على الاقتصاد العام وبالتالي على مستوى حياة المواطن فأننا ندعو بأن تكون هناك رؤى واقعية للخروج بالوطن من هذه الأزمات التي تراكمت ، وظهرت في الوقت الذي تولى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم مقاليد الحكم .
نسأل الله تعالى أن يأخذ بيده العزة والرفعة والتقدم بهذا الوطن .

وهناء كلمة وفاء وولاء للسلطان نرفعها له في ظل الوضع الراهن والوطن بين الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا . أعمل ما تراه وفيه الخير ويحقق السعادة والمنفعة والمصلحة العامة على أساس العدل والمساواة والحفاظ على الحقوق والواجبات وأننا نتوسم فيك الكثير من الخير والعطاء لهذا الوطن وشعبة.

للعودة في صلب الموضوع ومن خلال بحثي أن الموضوع –  التقاعد الإجباري – مرفوع لدى الجهات العليا وفي طور البحث والنقاش ، وعن قريب ستخرج النتيجة وعليه فأني أجزم وأن واقع  التطبيق فالحكومة ستنظر  بإذن الله تعالى إلى الدعوات السابقة والحالية بتوحيد صناديق التقاعد وبما تراه ومناسب ويحقق الرغبات وطموحات المتقاعدين وبالتالي الوصول بالموظف إلى الرضى التام والعادل الذي من خلاله يحقق أهدافه وطموحاته ما بعد الخدمة الطويلة .

نسأل الله تعالى أن يرفع من مقام هذا الوطن بين الأمم ، وأن يعين السلطان المعظم على القيادة التي من شأنها تكون راية الفخر والعزة لهذا الوطن عالية ولأزمنة عديدة ، وأن ينعم الشعب لباس الصحة والرفعة والمجد .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights