“يدٌ تبني و أخرى تهدم”
بقلم/ خميس بن محسن بن سالم البادي
من المعلومٌ أن وباء كوفيد(19) غزا دول العالم و تسبب فيما تسبب به من تعطل شبه تام لمختلف مصالح الدول و الشعوب، و ما سلطنة عُمان عن هذا ببعيد بل هي كغيرها من الدول تجابه هذه العلة على أعلى مستوى من خلال جهود الحكومة بقيادة و توجيهات جلالة السلطان حفظه الله و رعاه، حفاظاً على سلامة النفس البشرية و للخروج من هذه الأزمة بأسرع ما يمكن، و ذلك من واقع محاولة السيطرة على عدم انتشار الفايروس وكبح تمدده بين السكان و تجاوز هذه المحنة بأقل الخسائر و الأضرار.
و بينما نجد يدٌ تبني في ميدان المجابهة و المواجهة لهذا المرض الخفيّ القاتل من خلال إخوةً و أبناءً لنا كلاً في مجال عمله و اختصاصه، و قد تنحوا عن الأنانية و النرجسية و حب الذات تاركين و راءهم أحبةً و أقارب لهم، لنجدهم على فوّهة البركان مواصلين نهارهم بليلهم في جو صيفي ساخن كل ذلك من أجل خدمة الوطن و المواطن، مع ما يستنزف ذلك من الوقت و الجهد للطاقة البشرية لهؤلاء الذين أنيط إليهم مهام التعامل مع هذه الجائحة الوبائية القاتلة، و ما يتطلبه الأمر من تغطيات مالية يومية لهذه المواجهة تتحمّلها خزانة الدولة لا شك.
لنجد في مقابل هذه الجهود الجبارة و المضنية يدٌ تهدم من غير أدنى شعور أو مسؤولية تجاه ما يبذل من أجل سلامة الجميع نحو كبح جماح الوباء و يا حسرةً على ما يصنع هؤلاء مع تزامن هذا الظرف الطارئ، أعمال محظور ممارستها لكنها نشطة(خياطة الملابس/ تصفيف الشعر و التزيّن،،،، إلخ)مورست بطلب منا كمواطنين، تجمعات و لقاءات مجتمعية، حفلات و أفراح تواعدنا لأجل إقامتها، تنقل ليس ذا أهمية بين الولايات و المناطق، حيث راهنت الدولة على وعي المواطن في تخطي هذا الظرف العصيب، فضاعت للأسف من البعض الرقابة الذاتية و انعدم الإحساس بالمسؤولية في الوقت الذي تدير فيه الحكومة هذه الأزمة بطريقة ناعمة رغم علمها بمدى خطورتها، لا لشيء إلا لأن الرأفة أخذتها بالمواطن و المقيم دون تطبيق الإجراءات المقررة لذلك، ثقةً منها بأن المواطن هو عين الوطن الأخرى، و هو الرقيب الذاتي على نفسه و أهله و على من حوله ليحميهم من هذا الخطر الخفيّ الداهم، ويقيناً أن جهات الاختصاص قادرة في التو و اللحظة على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية و الاحترازية الأخرى المؤجلة، و لكن القائد المفدى رعاه الله و بنظرته الأبوية الحانية يأمل تفعيل الضبط التلقائي من جانبنا من حيث اتخاذنا إجراءات عدم المساهمة في انتشار الوباء، و ذلك طبقاً للتوجيهات التي تدعو إلى البقاء في المنازل و عدم الخروج إلا للضرورة القصوى، إذاً لتنظر و بتمعن دقيق يا من خالفت كل القرارات وسرت تابعاً هوى نزق النفس لديك، لتنظر إلى كافة الجهود التي تبذل في سبيل الوقاية من هذه الجائحة، و انظر لأولئك الملتزمين بكافة قرارات اللجنة العليا الموقرة و هم ينتظرون انفراجة سريعة للأزمة، مقابل طيشك و استهتارك مع زمرة من أمثالك هنا و هناك دون مبالاة منكم بخطورة الموقف من حولكم.
فيا أيها الذين تخالفون الإجراءات الاحترازية الموجهة إليكم و تضربون بالقرارات المتخذة جوانب الجدران و الأسوار، اعلموا أنكم لستم بأنفسكم الذين تعيشون على هذه الأرض في هذا البلد الطيّب المبارك، فإلى أين أنتم راغبون الذهاب به، و قد أنعم الله علينا بأن مكننا من إيجاد المسكن الملائم لنا، يقينا ويحمينا و يسترنا من أهوال و أحوال ما بالخارج و هو موضعاً للراحة و الهدوء و الطمأنينة، و الله سبحانه و تعالى يقول{و َاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}جزء من الآية(80)من سورة النحل.
فالزموا بيوتكم التي جعلها الله تعالى سكناً لكم آجركم الله و أحسن إليكم، و اتقوا الله في أنفسكم تجاه وطنكم و أهلكم و عودوا لرشدكم، و كونوا عوناً لإخوانكم المنهكين المنهمكين في التصدي للجائحة من أجلنا جميعاً، و حاذروا أن تجبروا بتصرفاتكم الرعناء جهات الاختصاص إلى اتخاذ كل ما يلزم للردع طبقاً للقانون كما وعد معالي الدكتور وزير الصحة بأنه قد يطبق العقاب في حال عدم الالتزام، و ثقوا أن ما تعتبروه اليوم كبتاً للحرية – إن كان هو كذلك- فإن غداً سيكون بإذن الله تعالى منطلقاً نحو الكون الواسع بكل أمن و سلام، ولنرفع معاً أكف الضراعة إلى المولى عزّ وجلّ بأن يرفع هذا الداء عنا و أن يديم سبحانه و تعالى علينا نعمة الأمن و الأمان وأن يمتعنا جلت قدرته بالصحة و العافية و السلام.