الغالية بنت علي البوسعيدية
أيها الخـالد فينا…أنت الـذي سيسطـر عنك التـاريخ لا محـاله..سيتعلم أحـداثك الأجيال بلا أدنى شك…ستحكي عنك جميع الصحف وكتب التاريخ في الأعـوام المقبلة…أنت صاحب المصاب الجلل والوقع العظيم والحـدث الموروع.
نعم ،،،نحـن لا زلنـا عالقيـن في الـرابعة فجـراً تمـاماً…في كانون الثاني في تلك الليلة الظلمـاء…و يا وجع الرابعة فجـراً…اختنـق الصـوت وتحشـرج الفـؤاد عنـدما نـطق البيـان…في ذاك الفجـر الذي جاء فيه النبـأ الفاجع…نبأ رحيـل رجـل السـلام…نبـأ رحيـل المعـظم…ليست ثمـة لغـةً تكفـي للتعبِير عـن الفقـد العظيم…فقـدته الأرض والسمـاء…عندما أمـطرت فامتزجت بدموع العـزاء…إنه الألم الـذي نزفنا فيه كـالجُـندي المكسـور في سـاحة المعركة…إنه الألم الـذي أصبحنـا به يتـامى فسالت دموعنا بلا توقف.
ما لبثنـا أن نـطوي ذاك الحـداد وهو بلا أدنى شك لم يكـن ٤٠ يـوماً بل وأكثـر…إلا أتـى مارس حاملاً معـه فيـروس قضى على البشـرية جمعـاء إن أجـزت التعبير…
إنه كـورونا ي عالم الـذي أصبح ينهش في كل بقعة…هو الفيـروس الذي وحـد البشرية لأول مـرة ف التـاريخ…هو الفيـروس الذي أتى ليكـشف هشاشة هذا العالم..إنه ذاك المخفي عن العـين ولكنه أفتك بنا تمام الفتـك …كيف لا ؟!
وهـو الـذي جعل المحـرايب تبكي…وتنـاشد خمس مـرات في اليـوم أين المصـلين؟!!!
كيف لا؟!!
وهـو الذي أغلـق صـروح العلم…وجعلها خـاوية من طلبة العلم؟!
حنـين تلك المـؤسسات لطلبتها كحنيننا للعيـد…طال البعـد …فلا شيء أثمـن من علـم يرتقي به المـرء في حياته.
ماذا عن الحيـاة الطبيعية…الذي جاء حاجزاً بيننا؟!…الذي حال بيننا؟!إنه المجـرم بلا أدنى شك….
أصبحت حياتنا جامـدة بحق الكلـمة…تحدق يمينا و يساراً …كل شيء مغـلق؟!!!
أرجوكك يا كورونا..
فـ لترحـل بعيداً عنـا؟!
كفاك فتكاً بالبـشر!!!
كفاك عبثاً بحياتنا!!!
كفانا جمـودا!!!
كفانا أياماً عجافا!!!
إنه عـام ٢٠٢٠ م … إنه العـام الاستثنائيّ عن كُل الأعوام…إنه العام الذي سيعشش في ضلوعنا…إنه العام الذي سيخـلد في الأذهان على مدى الأزمان.
أتسـاءل…عـن ذاك الصبـاح الذي يأتي وقـد كُشفت الغمـة ورفِـع الحظـر!!!
أهناك حُـروف ستأتي حينها؟!
أهناك كلمات ستتكون حينها؟!!
أهناك جملٌ ستبنى حينها؟!!
أهناك لغةً ستكفي حينها؟!
فقـدنا أشياء كثيـرة كُنا منعمين فيها ولكننا أدركناها مؤخـراً…
ولكن سنعود بإذن الله بُحلة أبهى…بروح أنقى…سيتجدد إحساسنا بجمال الأشياء وكأننا لأول مرة نعيشها…على يقين أنه سيأتي نهار سيبدل كل خرائط هذه العتمة .
