بثينة العيسى: كلنا في التيه.
حاورتها: علياء بنت سعيد العامرية.
الرواية هي: ذلك العالم الذي يخرجك من غياهِب عالمك المكتظ بالواقعية إلى عالمٍ مُختلف، يزينه الخيال الممتزج بالحقيقة، هي عالم يرفض كل الأشياء، ويستوعبك أنت وشخوص الرواية فقط،.
ضيفتنا نجمة لامعة في سماء الرواية، تميزت بالجرأة في الطرح، حرة ترفض القيود، توصل رسالتها بكل احترافية وبدون تكلف.
ضيفتنا هي: “بثينة وائل العيسى من مواليد الثالث من سبتمبر عام 1982؛ هي كاتبة وروائية كويتية حصلت على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال تخصص تمويل من كلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت عام 2011.”
حول البدايات والولوج إلى عالم الكتابة قالت بثينة: بدأت بكتابة المذكرات، طفلة عمرها ثمان أو تسع سنوات، وبدأت كتابة الأدب القصصي في الثانية عشر من عُمري، لكنني قدمتُ أولى أعمالي للنشر (ارتطام لم يسمع له دوي) في 2003، وصدرت عن دار المدى في 2004.
سألتها: ▪︎ صدر لكِ العديد من الإصدارات من بينها : رواية تحت أقدام الأمهات ، عروس المطر ، كل الأشياء ، وغيرها … أيها أقرب إلى قلبك؟
فأجابت: خرائط التيه وما بعدها (كل الأشياء، وحارس سطح العالم) هي الأعمال الأقرب لقلبي كونها تعبّر عني فنيًا وموضوعيًا، على نحوٍ أفصح من سابقاتها.
مُنِعَت بَعض إصدارات الروائية بثينة وبَعضها أبصرت النور بشق الأنفس ومِن بين رواياتها خرائط التيه، وحول السبب وراء هذا المنع قالت:
أعتقد بأن هذا السؤال ينبغي أن يوجه لوزارة الإعلام، فأنا لن أتبنى هذا المنطق أبدًا ولن أفسر أو أبرر سبب منع كتاب. ينبغي ألا نقع في شرك السؤال عن سبب المنع، بل أن نسأل دائمًا؛ لماذا الرقابة، ولماذا يوجد المنع أصلا.
سألتها: لمن تكتب بثينة ولمن تقرأ؟
أجابت: لا أقرأ لأشخاص بقدر ما أقرأ في مجالاتٍ بعينها. أقرأ الأدب (والرواية تحديدًا)، وأقرأ الكتب الفكرية، أحب علم النفس وعلم الاجتماع وفي قلبي مكان خاص للمثيولوجيا وعلم الأديان. أحب أدب الطفل كثيرًا أيضًا، وأظنني سأقرأ كل ما يثير فضولي إذا جاء الكتاب من ناشرٍ موثوق وبتوصيات لافتة. أما عن سؤال لمن أكتب، فأنا لم أشغل نفسي بهذا السؤال قط، ولا أظنني سأفعل.
كتبت بثينة العيسى في العديد من المجالات الأدبية كالنصوص والرواية، بالإضافة إلى أدب الطفل والمقال. فسألتها: أي منها أحب إلى قلبك؟
أجابت بابتسامة:
كلها تتكامل على نحوٍ ما. المقالة تسمح للرواية بالتنفس، لأنها تزيل عنها عبء القول. أدب الأطفال يسمح لي بالذهاب إلى مناطق بكر وغير ملوثة بعالم الكبار. و أضافت: إنني أذهب إلى أدب الطفل دائما وفي رأسي قصة حب أخرى تحتاج أن تُكتب. لا أرتاح لكتابة قصص الحب في الروايات، لكن في قصص الأطفال، يبدو الأمر بسيطًا وصحيحًا.
سألتها:
▪︎ ما الذي يميِّز كتابات بثينة عن غيرها من الكتَّاب ؟
ببساطة وتواضع أجابت: أترك الحكم للقارئ.
▪︎ حصلت بثينة على “جائزة الدولة التشجيعية عن رواية سعار” ، كما حصلت على المركز الأول في مسابقة هيئة الشباب والرياضة ، بالإضافة إلى فوزها بالمركز الثالث في مسابقة الشيخة باسمة الصباح وغيرها من المسابقات – وحول أهمية تلك المسابقات علقت بثينة العيسى: أعتقد بأنها رافعة إعلامية من نوعٍ ما، وهي وسيلة للانتشار. مع إيماني بأن أي جائزة لا تجعل النصوص المتواضعة عظيمة، ولا تجعل النصوص العظيمة أقل عظمة. بمعنى آخر، الجوائز لا تضيف للنص ولا تنتقص منه، لكنها تضيف (إن أضافت) إلى شعبية النص وانتشاره.
يقول أبو قاسم الشابي: ” أُباركُ في الناسِ أهل الطموح”
وطموح بثينة لا يقف عند حد معين، فقد أسست مكتبة تكوين، سألتها:
▪︎متى أنشأت مكتبة تكوين؟
فأجابت: في 2016. علمًا بأن تكوين كمشروع وجدت قبل ذلك بثلاث سنوات.. وتابعت: كانت المكتبة هي التتويج لمسيرة مشروع ما فتئ يطالب بمقر ثابت لكي يصبح أكثر تأثيرًا وحضورًا.
▪︎ وحول أكثر العناوين أو نوعية الكتب التي تلاقي طلباً من قبل القراء في مكتبة تكوين علقت بثينة: الرواية هي سيدة المشهد. إنها تشكل 70% من طلبات القراء ومن إيراد المكتبة تقريبًا. تليها كتب الفكر والفلسفة. ثم كتب الأطفال.
▪︎ هناك مقولة “لا نهضة للأمة بغير نهضة الفرد ، و لا نهضة للفرد من غير تنمية عقله ، و لن يكون هذا ممكناً إلا عبر القراءة”. وحول التقييم لوضع القراءة في الكويت أجابت الروائية بثينة: أعتقد بأن في الكويت قارئ حقيقي، شغوف ومتسائل وعلى اطلاع بالجديد دائمًا، مع الإبقاء على علاقة حميمة بما هو كلاسيكي أو تراثي أو قديم. قارئ نوعي أيضًا لا يخشى من الكتب الثقيلة، وهناك أيضًا ظاهرة صحية ومبهجة لتحويل تلك الكتب إلى مناقشات وأسئلة. مؤكد ليس كل المجتمع يقرأ، لكن مجتمع القراء في الكويت يجعلني أتفاءل بالقادم.
قلت لها:
▪︎ كلمة أخيرة توجهينها للقراء وللكُتاب ولنفسك ..
أجابت بكلمة قصيرة في محتواها، عميقة في معناها: كلنا في التيه..