2024
Adsense
مقالات صحفية

للسُلطان نسيج يُثري

 

مهنابن صالح اللمكي

في شتاء هذا العام جادت السماء بخيراتها، غيث لم نراه منذ أعوام وأعشبت الأرض، مكونة مشاهد نستعيد بها حقبة تفتح أعيننا البريئة قبل أربعة عقود ونيف من السنوات، حين أبصرناك ياسيدي السلطان وأنت تغرس أنسجة العشق للوطن وتبني الإنسان قبل العمران، ونحن في بداياتنا الطفولية لا نملك سوى إنتزاع تلك الصورة المهيبة في مطلع كتبنا الدراسية لنلصقها في ألواح خشبية، نعبر بها عن حبنا لك وفي أسطح حاراتنا الطينية القديمة توسدت مصابيح الزينة بألوانها الزاهية تتحدى الظلام الدامس لترسم أطياف مشاعرنا لك، نوجه الهوائيات التلفزيونية، ونستعد لسماع صوتك الوطني كل ليلة عيد نوفمبرية، ذلك الخطاب الذي نعتبره كعمل درامي فيه من الأحداث المشوقة والمفاجئات الجميلة، ماذا سيعلن السلطان العام القادم، هل عام التراث أم الصناعة، وفي أي ولاية سيقام حفل العام القادم..
ولن أتحدث عن منجزاتك وصولاتك وجولاتك في ربوع الوطن، فهذا يعرفه الجميع حتى من هم خارج السلطنة، لكني سأعرج إلى الإنجاز الروحي ونسيجك الفكري، والذي غرسته وسرى في شريان كل عماني يقيم في هذا الوطن، دون أن نشعر به وأيقنا بأنك ذلك الأب الذي حفظ كرامتنا وتقاليدنا وعاداتنا الاجتماعية والفكرية، حيث كنا لانعي لبعض تعليماتك ذات النظرة البعيدة الثاقبة، وكانت نظرتنا للمدى اللحظي فقط، وتعلمنا منك إن الإنسان قادر على فعل كل شي مستحيل بقوة عزيمته وإرادته وإن السعادة نصنعها بأنفسنا لا بأيدي غيرنا، وكل شي قابل للتغيير للأحسن مهما كانت التحديات والعقبات سواء كان مادي أو معنوي،
ولا زال نسيج فكرك المتوقد يثري جيل هذا اليوم والأجيال المتعاقبة لان مادته التي صنعت منه غير قابلة للتلف، وقد اختيرت بعناية تحت إشرافكم السامي، وظلت عُمان لُغزا يحير العالم بنسيجها المترابط، الذي عجزت جميع أدوات الأعداء بأن تمزق خيوطه.
وحتى لحظة كتابة هذه الكلمات لازالت صلوات الاستغاثة والدعاء في كل أرجاء السلطنة، وخارجها دون توقف وقد إصطفت القلوب جميعها في إنتظار صدور التعليمات الإلاهية لغمائم الرحمة، لتسكب غيثها الشافي وينهمر على جسدك المنهك، ليزهر من جديد وتتنفس عمان قاطبة عبق ربيعك الذي لم يغيب عنها طوال 49 عام.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights