قرية حاضنة الجبال بجمالها
خليفة الحسني
إنها قرية المزاحيط موطن ومسقط الرأس وبها جماليات وطبيعة خلابة تمتاز بها هذه القرية الهادئة وهى إحدى قرى ولاية الرستاق القابعة بين الجبال والأودية والسهول وهذا الموقع الذي يميزها عن باقي قرى الولاية حيث وهبها الله عزوجل بالكثير من مقومات الطبيعة وامتازت بمفردات وموروثات شعبية و تاريخية فهو تناغم فريد بين جنبات هذه القرية وطبيعتها وهذا الامتداد والعمق التاريخي والأثري المتمثل فى حصنها وأبراجها وبيوتها الأثرية القديمة وخاصة بيوت الحارات حارة الحصن و شرجة الخيل وطوي القاضي وغيرها. نعم إنها المزاحيط حاضنة الجبال بموقعها المتميز الذي من خلاله تعلو عن سطح الأرض بعشرات الأمتار وكذلك تحيط بها الجبال والاودية والسهول التى تكسوها رقعة خضراء بجمالها وجمال أرضيها ومزارعها خاصة عند مواسم الزراعة والخصوبة وتوافر المياه وسهولها وجبالها موطن لكثير من الحيوانات البرية كالغزلان والوعل العربي والثعالب والسنمار والقنفذ البري والذئاب والضباع وغيرها من الحيوانات وأنواع الطيور البرية والزواحف، وفيها الأماكن الأثرية التي هي مقصد الكثير من السياح والمهتمين بالتراث والسياحة ومن هذه الآثار منطقة القطارة الأثرية ذات الأوصاف والدلائل والقصص وهي منبع المياه العذبة ذات المذاق الطيب الذى يخرج من صفايح جبالها كالحليب الصافي بطريقة عجيبة وغريبة وقد تجلت قدرة الله عزوجل بطبيعة هذا المكان ذو التفسيرات والاهتمامات الكثيرة وإضافة لذلك توجد عيون كبريتية يتسخدم ماؤها للعلاج لكثير من الأمراض الجلدية كالطفح الجلدي وحب الشباب وردة العين ومن هذه العيون عين الحب التي تقع شرقي القرية بين الجبال.
وهذه القرية تحيط بها جبال راسية خاصة من جهة الشرق ومنها جبال القطارة والمعيدن ومعول وغيرها وكل هذه المقومات السياحية واعدة اذا استغلت كما ينبغى لها .
وتنقسم قرية المزاحيط إلى قسمين غربي وشرقي (حاجرين) وتتكون مناطقها من الحارة الفوقية حارة الحصن والشريعة وطوي القاضي والظاهر والمفضاء والسليل وشرجة الخيل وحارة الرملة والمصطاح وغاف الشيخ والخزينة “وكذلك بها مناطق مجاورة تابعة لها مثل منطقة القطارة و وادي الرويس وحيل راعي الوادي ومفعل والرسيسة والكثير من المناطق التابعة لها.
ويوجد بها حصنها الكبير و الفن المعماري وموقعه العالي الذي يوصف قديما أنه أعلى قمة بمناطق ولاية الرستاق حيث يذكر عنه بأن الواقف على سطحه يستطيع استكشاف ما يحدث في الملدة بولاية المصنعة والمناطق المجاورة لعلوه وارتفاعه وموقعه المتميز.
كما توجد بداخله آبار عميقة رغم هذا الارتفاع عن سطح ولكن هذه الآبار كانت تروى العطشان من كثرة توافر المياه بها وقد حفرت هذه الآبار بداخل هذا الحصن لعدة أسباب منها استخدامات للقاطنين بداخله وربما بدافع أمور دفاعية فى تلك الحقبة من الزمن الماضي لما كان له من مكانة وشأن، وبفعل العوامل الطبيعية تهدم الحصن وآباره قد تهالكت وجفت وهو ما عليه الآن، وكذلك بهذه القرية عدة مساجد أثرية كمسجد المعمور الشهير الذى سابقا يستخدم للنذر عليه لمعتقدات سابقة لدى بعض الناس حيث كانوا يتوافدون عليه من ولايات مختلفة وبلدات مجاورة ومن خلال هذا النذر وهذه الطقوس يظنون أن يتشافى المنذور له من أوجاعه وأسقامه أوعين الحاسد وغيرها من هذه المعتقدات سابقا ومازال مبنى هذا المسجد قائماً وكذلك مسجد الخزينة الأثري وهو من المواقع الأثرية المسجلة فهذه الشواهد هى خير برهان على تاريخ وأصالة هذه القرية العريقة وبها مساجد أخرى قائمة كدور للعبادة ومنها القديمة والجديدة، ويوجد بالمزاحيط فلج يغذي القريةو مناطقها وله امتداد كبير وهو ذو سواعد منها ساعد الفرعي وساعد معول، وقد تكرمت الحكومة الرشيدة بصيانته وترميمه وتعميق مساراته المائية وهو ليس من الأفلاج الداودية لهذا فهو كثير الانقطاع والجفاف عند قلة الأمطار حيث أن له معبراً من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي للقرية عبر قناة تبلغ حوالي خمسمائة مترا حيث شقت و نحتت بطريقة عجيبة بداخل الجبل وهي عبارة عن ممر ضيق يتسع لمرور شخص واحد في أيام الصيانة ليمر هذا الفلج بكل سلاسة.
حيث عملت جدرانه بالصاروج العماني القديم
ومازال قائماً يروى قصص وسيرة الأباء والأجداد
ولهذه القرية مزارع أكثرها أشجار النخيل وهي من أجود أنواعها ومزارع البرسيم والأعلاف الأخرى ومزروعات المواسم من الخضار والمحاصيل كالبصل والثوم والبقوليات والحمضيات المختلفة وذلك لخصوبة تربتها ولهذا فقد تكرمت الحكومة الرشيدة على هذه القرية ضمن مكارمها بحفر عدد اثنين من آبار المياه لتغذية هذا المزروعات نظرا ً لأن فلجها كثير الانقطاع والجفاف والبئر الثاني للشرب وللاستخدامات الأخرى.
وكذلك توجد الكثير من الحرف التقليدية كصناعة السعفيات وغيرها كمصادر للرزق يقوم بها بعض أهالي هذه القرية ومنهم من يربي الماشية بأنواعها لتساعدهم في احتياجاتهم المعيشية كدخل يسهم لهؤلاء الكادحين ومربي هذه الماشية وذلك من خلال بيع بعض الفائض منها الذي غالبا ما يصدر إلي سوق الولاية.
ويقطن هذه البلدة عدة قبائل وجميعهم تسودهم وتجمعهم آلألفة والمحبة وحسن الجيرة والتعاون والترابط والتراحم الأسري والاجتماعي.
وقد حضيت هذه القرية بنصيبها من مكارم الحكومة الكريمة كالطرق والإنارة وشبكات الهاتف والنت والصرف الصحي والمياه وغيرها من الخدمات الجليلة
وإن كانت لهم مطالب فهو جسر للشارع في مدخل القرية حيث تقطعه عدة أودية خلال نزولها مما يتسبب في توقف الحركة عن القرية تماما بسبب عبور هذه الأودية فكم من مطالبات ونداءات إلى الجهات المعنية بعمل جسر لهذا الوادي لما له من أهمية بالغة حيث أن القرية هي ملتقى عدة أودية جارفة أحيانا مع هطول الأمطار للولاية حيث تنزل أغلبها بل أحياناً جميعها ويجتمع جريانها فى هذا الموقع وهو مدخل القرية وتتوقف الحركة عن الأهالي بالساعات بل أحيانا لمدة يوم ومن خلال هذا المقال المتواضع نناشد الجهات المعنية بتذليل الصعاب وإيجاد حل بعمل الجسر لهذا المدخل وفضل الحكومة واسع.
وهناك جانب خدمي مجتمعي يقوم به الأهالي وهو بناء مجلس كبير للرجال بالحارة الغربية لكافة المناسبات لعموم أهالى القرية وذلك بجهود ومساهمات أهلية وهو قريب من الجاهزية بإذن الله.
كما يوجد بالقرية فريق رياضي ثقافي تأسس فى عام ١٩٧٩ وهو من أقدم وأنشط الفرق الرياضية بالولاية ويمتلك ملعبا معشباً على مدخل القرية وهناك الكثير مما تمتاز به هذه القرية فضلاً أن أبناءها الشباب والشابات خاصة من جيل النهضة المباركة هم من العاملين بالقطاع الحكومي والخاص ومساهمين فى تأدية الواجب لهذا الوطن الغالي عمان الخير والسلام تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس المفدى حفظه الله وأبقاه.