بريق الكون
علياء بنت سعيد العامرية
إن من نعم الله على البشرية أَن مَن عليها بأطفال كالأقمار المُضيئة يُنيرون العتمة، ويُبدِدون ظُلمة الدُنيا، ويرسمون الفرح بضحكاتهم الجميلة، وبعفويتهم النقية، وبطُهرهم الآخاذ، وببراءتهم غير المحدودة، ولكن عندما يُحوَّل الطفل إلى بِضاعة تُباعُ وتُشترى، وتُهان بغرض الشُهرة التي ما أنزل الله بِها مِن سُلطان، وإلى أُضحوكة للحصول على مبالغ مادية، أو جوائز رمزية، فإننا نحتاجُ إلى سن قوانين كتعريض كل من يصور الطفل بغرض الاستغلال من أجل الشهرة والمال للمساءلة القانونية والغرامة المالية والعقوبات لردع هذه الأفعال المُشينة، ونحتاجُ إلى توعية المجتمع بخطورة شهرة الطفل السلبية.
هل تساءلت يومًا عن آثار الشُهرة السلبية على الطفل؟
هذه الشُهرة لها العديد من الآثار السلبية على الطفل منها:
1-الغرور.
2- الكسل.
3- كشف الخصوصية.
4- القيام بأعمال خطرة.
٥- التدهور الدراسي.
مؤلم أن نجد طفلة تتزين بمساحيق التجميل من أجل الشهرة، والأشد إيلامًا هو تصفيق الفارغين لها، وقمة الألم أن نجد طفلًا يصرخ في وجه أمه في مقطع يوتيوبي والأم تضحك، والعالم يصفق، وربما يُنتقد انتقادات لاذعة تجعل الطفل في حالة نفسية سيئة.
تابعت العديد من المقاطع اليوتيوبية المؤلمة ومن بينها: قصة الطفلة التي انتشر لها مقطع يوتيوبي خطأ، وبعد انتشار المقطع عرضت إحدى المتاجر على والديها أن تقوم بعمل دعاية لهم وبعد ذلك أصبحت الطفلة مشهورة, لم تعد تلعب كالصغار, حُرِمَت من طفولتها التي كان يجب أن تعيشها كغيرها من الصغار, حُرِمَت مِن براءة الطفولة التي كان عليها أَن تعيشها بحذافيرها, من أجل ماذا?
من أجل المال?
ما فائدة المال حين انتُهِكَت براءتها بسبب التصوير والاستغلال?
ما فائدة المال حين تدهور مستواها الدراسي?
حين دخلت في حالة اكتئاب وأصبحت تتناول الأدوية والعقاقير في سِنٍ صغير?
ما فائدة المال حين حدث كُل هذا?
أسئلة متزاحمة في عقلي, أسئلة دون إجابة, وإلى جانب هذه الطفلة هناك طفلة أُخرى تُقلدها العديد من بناتنا, كُلما أُتابعها تتضارب مشاعري بين الحُب والشفقة, أُحِبُ براءتها الجميلة, وأمقت تصويرها بتلك الطريقة, تارة تقوم بأعمال غير لائقة, وتارة تُقلد الكِبار بحركاتها وتصرفاتها,.
يؤلمني أَن أسمع بعض الأُمهات حين يقلن أكره فُلانة لأنها تعلم طفلتي أشياء سيئة, وحين أقرأ التعليقات على تِلك المقاطع أقول أن هذه الطفلة لا تستحق أَن يُفعل بِها ذلك, هذه الطفلة النقية لا تستحق أن تُكره، أميرة صغيرة لا تستحق إلا أن أَن تتربع على عرش الطفولة والبراءة.
هنا نحتاجُ إلى وقفة تأملية، إلى طرحِ أسئلة:
ألهذا الغرض خُلِق أطفالنا؟
أوليس من حق هذا الطفل أَن يحيا حياة سعيدة؟
لماذا نضع أطفالنا عُرضة للاستغلال؟
لماذا نضعهم طُعمًا لعالم لا يعي معنى هذه البراءة؟
يا عزيزي الطفل لم يُخلَق عبثًا، ولم يُخلق ليكون طُعمًا للاستغلال، بل أن الطِفل صفحة بيضاء، نحن من يُشكلها ويُنميها، ونحن من نزرعها ونحصدها، فمن أراد الرُقي بهذه الأُمة وهذا الوطن فعليه أن يبني جيلًا واعدًا، ومن يُرد إعاثة الفساد في الأرض فليُربي ابنهُ على هذه التُرهات ويتحمل النتائج، ومن وجهة نظري إن كان من الضروري أن يشتهر هذا الطفل فهناك طرق إيجابية وجميلة، فعلى سبيل المثال أن يكون هذا الطفل صاحب موهبة جميلة كحفظ القرآن أو الإنشاد، وغيرها من المواهب، والأهم من ذلك أن تنمي فيه التواضع واحترام الآخرين، وعدم كشف الخصوصية، فالأطفال بريق هذا الكون، ولا يحتاجون إلى الشُهرة ليلمعوا.