أزمة مياه في الرستاق
بقلم : طالب المقبال
“وجعلنا من الماء كل شيء حي”.. بهذه الآية الكريمة أستفتِح مَقالاتي المتعلقة بالمياه؛ لما يحظى به الماء من أهمية في حياة جميع الكائنات الحية بما فيها الإنسان.
إنَّ الاهتمامَ بتوفير مياه الشرب النقيِّ لهو عَمل جليل، لا يوازيه أي عمل وأي جهد؛ فالماء أولاً ومِن ثمَّ تنطلق الحياة في تفرعاتها المختلفة. وفي مقالات سابقة، نوَّهت بالجهود الجبارة التي تبذلها الهيئة العامة للكهرباء والمياه منذ تأسيها في العام 2007م، في الإشراف على خدمات المياه والكهرباء في السلطنة؛ حيث تقدم خدمات المياه بشكل مباشر، وهي مسؤولة عن توفير مياه الشرب النظيفة لكافة المنازل والمؤسسات في كثير من محافظات السلطنة.
إلا أنَّ أوضاع مياه الشرب في كثيرٍ من قرى ولاية الرستاق منذ شهر رمضان المبارك تعاني من شحِّ المياه؛ وذلك مُنذ العطل الذي تعرَّض له الأنبوب المغذي لولايتيْ الرستاق والعوابي حسب إفادة الأهالي.
لقد أصبح المواطن في القرى يعتمد في حياته اليومية على مياه الشبكة العامة بعد جفاف الآبار والأفلاج؛ للحصول على مياه الشرب والاستخدامات المنزلية، بعدما كان يعتمد على الأفلاج والآبار. فبعد الانقطاعات المتكررة التي تشهدها الشبكة، أصبح الطلب على المياه أمراً ملحًّا، فارتفعتْ أسعار صهاريج نقل المياه التي تجاوزت العشرين ريالاً للشحنة الواحدة؛ مما أثقل كاهل المواطن، وأصبحت عبئاً إضافيًّا تضاف إلى قائمة الأعباء المالية التي أنهكت جيوب المواطنين، خاصة من ذوي الدخول المتدنية والدخل المحدود.
فقُرَى الرستاق تستغيث، وتطالب بالتعجيل في حل مشكلة المياه.
وهناك معاناة حقيقية في قرى وادي بني هني بأكملها، خاصة السلم وعقد النزوح والنزوح والمدينة. كذلك قرية سني بوادي بني غافر والقرى المجاورة لها تعاني من شح مياه الشرب بسبب الانقطاعات المتكررة. وليست قرى وادي بني غافر وقرى وادي بن هني وحدها من تعاني من شح المياه، بل هناك بعض قرى وادي السحتن، كقرية فسح والنيد وما جاورهما من قرى؛ فقد قضى أهالي قرية النيد أيام العيد الثلاثة بدون ماء؛ حيث تنقل المياه لهذه القرى بواسطة صهاريج نقل المياه.
وتزامناً مع كتابة المقال، هُنَاك اجتماع يعقده سعادة الشيخ محافظ جنوب الباطنة مع عدد من المعنيين بالهيئة العامة للكهرباء والمياه؛ لمناقشة إشكالية انقطاع المياه لعدد من قرى وادي بني هني بولاية الرستاق، وعدد من قرى الولاية؛ حيث طالب سعادته بضرورة الإسراع في إيجاد حلول لانقطاع المياه، كما تطرق الاجتماع إلى عدد من المقترحات التي سوف تُسهم في تقليل انقطاع المياه ووصولها إلى منازل الأهالي.
وفي المقابل، هناك توسُّع في شبكات المياه التي من المفترض أن تصل إلى المستهلك في المدينة والقرية، سواءً بمد أنابيب المياه وتوصيلها إلى المنازل مباشرة، أو تجميع المياه في نقاط توزيع، ومن ثم توزيعها على المنازل عبر صهاريج نقل المياه.
وما نلمسه دوماً بأن الهيئة العامة للكهرباء والمياه تسعى لإيصال مياه الشرب للجميع، إلا أن الأعطال المستمرة في أنابيب المياه هي السبب في حدوث هذه الأزمة، ونأمل أن تُحل في القريب العاجل. ولعل اللافت للنظر لدى الجميع أنه كلما وصلت شبكة المياه العامة لقرية من القرى، أغلقت فيها الشبكة المحلية للمستثمر المحلي التي كانت تفي بالغرض، وتغطي احتياجات القرية.
ويعزو الأهالي تفاقُم هذه المشكلة إلى إغلاق الشبكات المحلية غلقاً نهائيًّا دون تركها كاحتياط لوقت الأزمات في حال عطل الشبكات العامة.
وقد صَدَر، مؤخراً، إعلان في قرية الوشيل تحثُّ المواطنين على توصيل المياه من الشبكة العامة، وقد حدد شهر أغسطس المقبل موعداً لغلق الشبكة المحلية. ولكوني من سكان الوشيل، فإنني منذ العام 1995 لم أذكر أن انقطعت المياه عن منزلي إلا مرة واحدة حين تعطلت المضخة الرئيسية للبئر، ولم يستمر العطل سوى يومين، وهنا يتساءل الجميع: “هل قرار غلق شبكات المياه المحلية صائب؟”
قطعاً لا؛ فغالبية المواطنين يرون أن تبقى المحطات القديمة قائمة وجاهزة لأي طارئ؛ تفادياً لانقطاع المياه التي لا غنى عنها في حياة الناس اليومية، وهذا ما لمسته من المواطنين الذين تواصلوا معي للكتابة عن هذه المشكلة.
وبالتعريج إلى السياسة التي تنتهجها الهيئة في توفير مياه الشرب، فإنَّ محطات التحلية هي الخيار الإستراتيجي لتوفير المياه الصالحة للشرب ذات الجودة والكفاءة العالية؛ حيث يتمُّ حاليا إنتاج المياه من المحطات القائمة مع استمرار إنشاء المحطات خلال المراحل المقبلة. وحسب البيانات الرسمية للهيئة، فإن المحطات التي تعتمدُ عليها الهيئة حالياً ستخرج من الخدمة خلال العام الحالي، وستحل محلها محطات جديدة من المؤمل أن تغطي الطلب المستقبلي للمياه، إضافة إلى إحلالها محل المحطات التي ستخرج من الخدمة.
وسوف أتطرق إلى المحطات الجديدة في مقال آخر بإذن الله، على أمل أن يتم حل مشكلة المياه الحالية في الرستاق وفي غيرها من الولايات؛ نظراً لأهمية مياه الشرب في استمرار الحياة.