الناتج المحلي الإجمالي الاسمي يسجل نموا بنسبة 12بالمائة خلال العام الماضي
مسقط/العمانية
اكتسب اقتصاد السلطنة في عام 2018 وعلى نحو ملحوظ مزيداً من الزخم في ظل تعافٍ واسع النطاق يعكس ارتفاع أسعار النفط والتوسع الذي تشهده الأنشطة الاقتصادية غير النفطية.
جاء ذلك في التقرير السنوي الصادر عن البنك المركزي العماني اليوم وأشار الى أن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي سجل نموا بنسبة 12 بالمائة في عام 2018م أي أعلى مقارنة مع النمو المسجل في عام 2017م والبالغ 3ر7 بالمائة وضمن هذا الإجمالي، سجلت الأنشطة النفطية وغير النفطية نموا بالأسعار الأسمية بنسبة بلغت 1ر37 بالمائة و9ر2 بالمائة على التوالي في عام 2018م.
وعلى صعيد الأنشطة النفطية، ومع تشغيل المرحلة الأولى من مشروع خزّان يكون بذلك قطاع الغاز الطبيعي قد برز كمساهم مهم في الاقتصاد العُماني.
وتشهد الأنشطة غير النفطية تطورا تدريجيا لتصبح القوة الرئيسية لضمان تحقيق النمو المستدام في السلطنة وتحقق البرامج المتخصصة ضمن خطة “تنفيذ” جنباً إلى جنب مع المبادرات الأخرى الهادفة إلى تحسين البيئة الاستثمارية ومستوى مشاركة القطاع الخاص، نتائج مشجعة إضافة إلى تعزيز زخم النمو في القطاعات غير النفطية.
وقامت الحكومة باتخاذ بعض التدابير المهمة خلال عام 2018م مثل تأسيس مركز للتحكيم التجاري، وتبني قانون جديد للشركات التجارية بالإضافة إلى احداث مزيد من التبسيط في عمليات الترخيص من خلال بوابة استثمر بسهولة، وذلك من أجل تحسين مُناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار الأجنبي والنمو المدفوع بالقطاع الخاص في السلطنة.
وفيما يخص وضع الأسعار، فقد ظلت الأوضاع التضخمية عند مستوى محدود وسجل معدل التضخم الأساسي تراجعاً ليصل إلى 9ر0 بالمائة خلال عام 2018م مقارنة مع 6ر1 بالمائة في عام 2017م.
وعلى الرغم أن التضخم المستورد قد ظل هو المحدد الرئيسي للتضخم إلا أن العوامل المحلية قد لعبت أيضا دورا في التأثير على الأوضاع التضخمية في السلطنة. ومن العوامل التي أدت إلى تسجيل تضخم محدود في السلطنة، الارتفاع المحدود في الأسعار العالمية للسلع غير النفطية، وارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي بالإضافة إلى تواضع الطلب المحلي.
وعلى صعيد المالية العامة، فقد وفر الارتفاع في أسعار النفط الدعم الذي تحتاجه الإيرادات الحكومية بشدة بينما واصلت التدابير المالية التي تم اتخاذها العام الماضي دعم النمو في الإيرادات غير النفطية للحكومة.
ومن جانب آخر، فقد ارتفع الإنفاق الحكومي على نحو ملحوظ في عام 2018م نتيجة ارتفاع مصروفات انتاج النفط والغاز، والدفاع، وبنود الدعم بالإضافة إلى تصاعد مدفوعات الفائدة.
وقد أدى ارتفاع الإيرادات الحكومية إلى تراجع العجز الكلي في الميزانية العامة بنسبة 30 بالمائة ليصل إلى 649ر2 مليون ريال عُماني خلال عام 2018م.
وعند المقارنة مع الأرقام التقديرية في الميزانية وفي تطور إيجابي، يتبين أن العجز الفعلي في الميزانية قد جاء دون نظيره المقدر بحوالي 7ر11 بالمائة، وارتفع الدين الحكومي للسلطنة أيضاً ليصل إلى 492ر14 مليون ريال عُماني لترتفع نسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي إلى 5ر47 بالمائة.
وفيما يخص الأوضاع النقدية، شهدت أسعار الفائدة على الودائع والقروض ارتفاعا في السلطنة وذلك انسجاما مع الظروف النقدية السائدة في الولايات المتحدة وعلى الرغم من ذلك فقد حافظ الائتمان والودائع على معدلات نمو معقولة بلغت 4ر6 بالمائة و8ر7 بالمائة على التوالي خلال العام وهو ما ينسجم مع التوسع في الأنشطة الاقتصادية غير النفطية.
وشهد عرض النقد بمفهومه الواسع توسعا بنسبة 3ر8 بالمائة، كمحصلة لتوسع شبه النقد بنسبة 1ر12 بالمائة بالتزامن مع تراجع عرض النقد بمعناه الضيق بنسبة ضئيلة بلغت 2ر0 بالمائة.
وفيما يخص سلامة القطاع المصرفي، فقد ظل الوضع يتسم بالقوة والمرونة على الرغم من بروز إشارات مبكرة على بعض مكامن الخطر نتيجة تباطؤ القطاع الحقيقي ظلت البنوك تمتاز بمستوى ملائم من رأس المال حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال حوالي 9ر17 بالمائة بنهاية ديسمبر 2018م أي أعلى بشكل ملحوظ من الحد الأدنى المحدد من قِبل البنك المركزي العُماني والبالغ 875ر12 بالمائة وفيما يتعلق بنوعية القروض، فلم تشهد تراجعا كبيرا حيث بلغت نسبة إجمالي القروض المتعثرة لدى البنوك التقليدية 7ر2 بالمائة في ديسمبر 2018م (بلغ صافي القروض المتعثرة 9ر0 بالمائة) وذلك على الرغم من بعض الارتفاع في وتيرة التعثر في الفترة الأخيرة.
وظلت الأسواق المالية تعمل بسلاسة خلال العام فيما ظلت بعض الشرائح ضمن هذه الأسواق تعاني من تواضع الأداء، وقد شهد حجم سوق ما بين البنوك المحلية للأموال تحت الطلب بعض التحسن، وهو ما يعكس بشكل جزئي التخفيف من اللوائح التنظيمية المتعلقة بنسبة التسليف.
وفيما يخص الأنشطة في سوق الأسهم، فقد ظلت محدودة حيث أغلق سوق مسقط للأوراق المالية في نهاية عام 2018 على انخفاض بنسبة 15 بالمائة، وانعكاسا للتحسن في وضع السيولة بالعملة الأجنبية، فقد اتسم أداء سوق النقد الأجنبي بالسلاسة ولم يواجه أي ضغوط خلال عام 2018م.
وفيما يخص وضع القطاع الخارجي للسلطنة، فقد شهد تحسنا كبيرا خلال عام 2018م مدعوما بالتعافي الملحوظ في أسعار النفط وارتفاع الصادرات غير النفطية والتراجع في الواردات السلعية وانعكاسا لهذه التطورات المواتية، تراجع عجز الحساب الجاري إلى 671ر1 مليون ريال عُماني في عام 2018م مقارنة مع 222ر4 مليون ريال عُماني في عام 2017م.
ونظرا لأن التدفقات في الحساب المالي والرأسمالي قد فاقت عجز الحساب الجاري، فقد تحول وضع الميزان الكلي للمدفوعات إلى الفائض مما أدى إلى ارتفاع صافي الأصول الأجنبية (البنك المركزي العُماني وصندوق الاحتياطي العام للدولة مجتمعين) بمقدار 990 مليون ريال عُماني.
وارتفع مستوى تغطية صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي العُماني للواردات إلى 4ر7 شهور مقارنة مع 3ر6 شهور في عام 2017م.
ويُتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً ليصل إلى 3ر3 بالمائة لعام 2019م كاملاً، وهو ما يعكس الأداء المعتدل للاقتصادات المتقدمة واقتصادات السوق الصاعدة والبلدان النامية (صندوق النقد الدولي، تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، أبريل 2019م) .
ومن المتوقع أن تشهد الأنشطة الاقتصادية العالمية تحسنا في النصف الثاني من عام 2019م مما سيوفر الدعم اللازم لأسعار النفط نتيجة تحسن الطلب، وسيكون لتمديد اتفاق تخفيض الانتاج من قِبل الدول الأعضاء في منظمة أوبك ومنتجين مستقلين وإيجاد حل للخلافات التجارية العالمية تأثيرا بالغ الأهمية في تشكيل المسار الذي ستسلكه اسعار النفط خلال الفترة المتبقية من عام 2019م وما بعدها.
ويشير التقييم الحالي إلى أن أسعار النفط ستحوم في نطاق ضيق ولن تشهد تباينا كبيرا وقد بلغ متوسط اسعار خام النفط العُماني حوالي 61 دولار للبرميل خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 2019م مقارنة مع 9ر62 دولار للبرميل خلال نفس الفترة من العام الماضي، ومن المرجح أن يشهد أداء الأنشطة النفطية بالقيمة الأسمية اعتدالاً خلال عام 2019م.
ومن جانب آخر، تكتسب الأنشطة الاقتصادية غير النفطية زخما متواصلاً، حيث تم إصدار العديد من القوانين خلال عام 2019م والتي تشمل رأس المال الأجنبي، والتخصيص، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والإفلاس بالإضافة إلى تأسيس الهيئة العامة للتخصيص والشراكة مما سيؤدي إلى مزيد من التعزيز في بيئة الأعمال والاستثمار وتوفير الزخم الضروري للتنويع الاقتصادي والنمو المدفوع بالقطاع الخاص في السلطنة.
ومن المرجح أن تؤدي الصادرات غير النفطية التي شهدت نموا مطردا في السنوات القليلة الماضية إلى الحفاظ على زخم النمو في الاقتصاد.
وبناء على ما تقدم، تمتاز الأنشطة غير النفطية بآفاقٍ واعدة في عام 2019م، ومع الأخذ بتوقعات أداء الأنشطة النفطية وغير النفطية، تبدو الآفاق الاقتصادية الكلية لعام 2019م عند مستوى معقول لكنها تظل محفوفة بالتحديات، أما على الأمد المتوسط، فتبدو الآفاق مواتية مع تسارع زخم النمو في الأنشطة الاقتصادية غير النفطية.