هل لا يزال العرب يلدغون من الجحر ذاته؟!

عمر الفهدي
في مشهد يتكرر عبر الزمن، لا تزال بعض دول الخليج العربي ترحب بالمستعمر بثوب المستثمر، وتفتح له أبواب الخزائن تحت غطاء الشراكة والتعاون، بينما الواقع يقول إننا نسلم أموالنا طواعية لمن لا عهد له ولا وفاء.
زيارة دونالد ترامب السابقة للمنطقة كانت مثالًا صارخًا على هذا النهج، حيث استُقبل استقبال الفاتحين، وخرج من المنطقة محملًا بعقود وصفقات تجاوزت ٤٠٠ مليار دولار، جزء كبير منها ضُخ في الاقتصاد الأمريكي، وعاد بالنفع على المواطن الأمريكي في شكل وظائف وتحسينات اقتصادية، بينما بقيت المنطقة العربية تعاني من التبعية والتراجع الاقتصادي.
واليوم، تتكرر القصة ذاتها، حيث يتم الترحيب بمن لا يخفي دعمه للاحتلال الصهيوني، ومن تلطخت يده بدماء أطفال غزة الأبرياء، دون مراعاة لمشاعر الشعوب العربية، ولا لحقيقة ما يجري على الأرض من جرائم ومجازر.
إن مبلغًا بحجم “٤ مليارين دولار” (٤٠ مليارًا) يُمنح بهذه البساطة كمساهمة في استثمارات أمريكية، كان يمكن أن يكون حجر الأساس لمشروع اقتصادي عربي مشترك، يعزز الأمن الغذائي، ويطور الصناعات، ويبني منظومات تكنولوجية وتعليمية واعدة، ويحقق تكاملًا اقتصاديًا حقيقيًا بين دول الخليج.
لكن، وللأسف، ما زلنا نكرر الأخطاء ذاتها، وما زال القرار العربي مرتهنًا للرهان الخاسر على الغرب، متجاهلين تجارب الماضي ونتائجه. ألا يكفينا أن ترامب ذاته، الذي استفاد من أموالنا، انقلب علينا سياسيًا، ونكث بوعوده، وأدار ظهره لقضايانا العادلة؟!
العرب اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يستفيقوا من سباتهم، ويتحدوا لبناء قوة اقتصادية وسياسية حقيقية، أو أن يظلوا يلهثون خلف السراب، ويدفعون ثمن التبعية لعقود قادمة.