عندما تتبعثر الحروف…!

خلفان بن ناصر الرواحي
عندما تتبعثر الحروف نجد أنفسنا في تيهٍ يكاد يفقدنا القدرة على التعبير عما نشعر به في قلوبنا، أو ما قد تختزنه الذاكرة!
نعم، نحن في حاجة ماسة إلى تفريغ المشاعر والكلمات، ولكن وجدنا أنفسنا أمام حالة جعلت حروفنا أكثر بعثرة من قبل، وهذا ما جعلنا نشعر بأننا لم نستطع الوصول إلى شق طريق الكتابة، ولم تتناسق الكلمات مع بعضها بعضاً للسردية التي ينبغي علينا التركيز عليها حتى نصل لمرحلة التعبير الإبداعي الذي يترقبه القارئ المتعطش لمنهجية القراءة وماتعة الغوص في أعماق النص الأدبي الذي يجد فيه تناغماً عميقاً بين نفسه وبين النص الأدبي الذي يلامس وجدانه.
لعلها فترة نقاهة تحتاج إلى مزيد من التأمل والتفكير الإبداعي، أو لعصف ذهني لتجاوز ذلك الشعور والواقع المزعج بالنسبة لقلمي الذي كاد يجف حبره!
إنه ليس مجرد شعور؛ بل الواقع الذي نعيشه في هذه المرحلة، يتلاطم مع الواقع الذي تدفعه أمواج الأفكار نحو الشاطئ الآخر، نحو طريق مجهول وغامض، تدفع حروفنا المبعثرة إلى عالم آخر لا يمكن تجاوزه أو تغييره في لحظةٍ عابرة أو نهاية أخرى تزيح عنا غشاوة ذلك المشهد…!
هذه الحروف المبعثرة قيّدت حركة الأنامل عن كتابة النص في مختلف الجوانب الأدبية والفكرية، وسجنت مشاعرنا الوجدانية عن البوح بما هو مقبول ومأمول للتقبل من القارئ…
مما لا ريب فيه، نحن أقزام أمام الفن الأدبي والمعرفة، وبلا شك تتعدد أشكال الحروف المبعثرة أمام ضآلة حصيلة معرفتنا وثقافتنا الأدبية وعقولنا المكتظة بزحام مشاغل الحياة اليومية، فلم نعد نمتلك أي شيء سوى مراقبة الأفق الإبداعي لما قد يحدث في الأيام القادمة بتوفيق الله.
وبلا شك نؤمن بأن الحياة الأدبية تحتاج لباع طويل من الخبرات ونفس طويل لتحمل الكثير من التحديات لبناء الأفكار الإبداعية؛ ففي تصوري نتاج معطيات الكاتب هي مختلفة كاختلاف معطيات الأشجار في اللون والشكل والحجم والطعم؛ فالمتلقي الواعي هو الذي يستطيع فهم واقع الكاتب، والقارئ هو من يستطيع فهم المغزى الحقيقي الذي يمكن استنباطه من النص المقروء..
فهكذا يجب أن نكون نحن الكُّتاب حاضرين بأقلامنا الخاصة؛ لتتنوع قدراتنا في الكتابة حسب تراكم المعرفة وخبرات الآخرين، والشعور بالانتماء للمكان والزمان دون قيود، ودون تكلف أو حشو النصوص دون النظر في الهدف الذي يجب أن يكون حاضراً في النص الأدبي، فإذا تتحق ذلك الشعور بالرضا الذاتي قبل رضا الآخرين؛ فحينها تكون حروفنا أكثر قوة وأكثر انسجاماً دون تبعثر…