سلطنة عُمان وقطر شراكة راسخة ورؤية مشتركة للمستقبل

مصطفى بن مبارك القاسمي
تُعد العلاقات بين سلطنة عُمان ودولة قطر نموذجًا للعلاقات الأخوية العميقة والمتجذرة، حيث تقوم على أسس الاحترام المتبادل، والمصالح الاستراتيجية المشتركة، والتاريخ العريق الممتد الذي يربط بين الشعبين لعقود طويلة.
لقد شهدت هذه العلاقات تطورًا مستمرًا في مختلف المجالات، حيث امتدت جسور التعاون إلى الاقتصاد والتجارة والاستثمار، فضلاً عن التبادل الثقافي والتنسيق السياسي، مما يعكس مستوى التفاهم العميق بين البلدين ووحدة الرؤى تجاه القضايا الإقليمية والدولية.
تأتي الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، كحدث يعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وحرصهما المشترك على تعزيز أواصر التعاون.
هذه الزيارة تحمل دلالات مهمة، فهي تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات اقتصادية وسياسية تستدعي المزيد من التنسيق بين الدول ذات الرؤى المتقاربة.
كما تعكس التوجه الثابت للبلدين نحو ترسيخ الاستقرار الإقليمي، وبناء شراكات اقتصادية قائمة على المصالح المتبادلة، وتعزيز الاستثمارات التي تعود بالنفع على شعبي البلدين.
العلاقات بين مسقط والدوحة ليست وليدة اللحظة، بل تمتد إلى جذور تاريخية موغلة في القدم، حيث شكلت الروابط التجارية والثقافية أساسًا متينًا لهذا التقارب.
فمنذ قرون كانت الموانئ العُمانية القطرية ملتقى للتجارة الإقليمية، ما أسهم في تعزيز التواصل والتبادل التجاري بين الشعبين، هذا الترابط لم يكن محصورًا في الجانب الاقتصادي فحسب، بل امتد ليشمل التفاهم السياسي والدبلوماسي، حيث انتهجت الدولتان سياسات قائمة على الحوار والتعاون وتعزيز الأمن والاستقرار، مما جعلهما شريكين طبيعيين في العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
إن التعاون الاقتصادي بين البلدين شهد نموًا متسارعًا في السنوات الأخيرة، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري إلى مستويات متقدمة، ما يعكس عمق الشراكة الاقتصادية وحرص الجانبين على تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية.
وقد عززت الاستثمارات القطرية في سلطنة عُمان هذا التعاون، حيث امتدت إلى قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، والطاقة، والسياحة، والخدمات اللوجستية، مما ساهم في تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للشركات العُمانية القطرية للتوسع في الأسواق الإقليمية والدولية.
كما لعبت شبكات الربط البحري والخدمات اللوجستية بين موانئ البلدين دورًا محوريًا في تسهيل حركة التجارة، ما يعزز من قدرة البلدين على تحقيق التكامل الاقتصادي والاستثماري.
هذه الزيارة تؤكد الرغبة المشتركة بين القيادتين في تعميق أواصر التعاون بما يخدم المصالح المشتركة، مما يعزز من مكانة البلدين في الخارطة الاقتصادية الإقليمية والدولية،
وفي ظل رؤية عُمان 2040 التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستثمارات الأجنبية، والتوجه القطري نحو توسيع نطاق شراكاته الاقتصادية، تبدو الفرص واعدة لمزيد من التعاون في مجالات التكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي، والطاقة المتجددة، مما يفتح الباب أمام مشاريع مشتركة قادرة على تحقيق قيمة مضافة للبلدين.
هذا التقارب الاستراتيجي بين سلطنة عُمان ودولة قطر ليس مجرد تعاون عابر، بل هو شراكة مستدامة مبنية على أسس راسخة من الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة، ما يجعلها نموذجًا يُحتذى به في العلاقات الخليجية والعربية.