الثلاثاء: 11 فبراير 2025م - العدد رقم 2411
Adsense
مقالات صحفية

حينما تصبح الكراسي عائقاً؛ كيف يُعطل التمسك بالقيادة تطور العمل الخيري؟

حمدان بن هاشل العدوي
عضو الجمعية العمانية للكتاب والأدباء

في زاوية من الزمن، حيث تتقاطع الأحلام مع الحاجة، تقف الجمعيات والفرق الخيرية كمنارات أمل تضيء حياة الأسر المعسرة؛ ولكن، ما الذي يحدث عندما تتحول هذه المنارات إلى مصابيح خافتة، لا تُجدد طاقتها ولا تُبدل زيتها؟
الجواب يكمن في الكراسي؛ نعم، الكراسي التي يفترض أن تكون وسيلة لخدمة الناس، أصبحت في بعض الأحيان عائقاً أمام التطور؛ للأسف بعض رؤساء مجالس إدارة الجمعيات والفرق الخيرية متمسكون بمقاعدهم وكأنها عروش لا تهتز، وأعضاء مجلس إدارة لا يتركون مكانهم إلا بعد عقود، بينما العالم من حولهم يتغير بسرعة مذهلة.

الماء الراكد لا يروي العطش:

تخيلوا عندما تظل الجمعية أو الفريق الخيري منذ التأسيس بنفس الوجوه، بنفس الأفكار، بنفس الأساليب التقليدية؛ الاحتياجات تتبدل، التحديات تتعاظم، لكن الإدارة ثابتة كالصخر؛ النتيجة: “عمل خيري يشبه الماء الراكد، لا يتجدد ولا يتدفق؛ بل يبدأ بالتعفن!”.

لماذا نخاف من التغيير؟

الشباب اليوم يحملون في جعبتهم أفكاراً ثورية، طاقات لا تُستهلك، ورؤية تتماشى مع العصر؛ التكنولوجيا، وسائل التواصل الاجتماعي، والاستراتيجيات الحديثة في جمع التبرعات كلها أدوات بيد الشباب، لكن كيف يمكن أن تُستخدم إذا كانت الكراسي محجوزة لأشخاص يرون في التجديد تهديداً؟

القوانين ضرورة وليست رفاهية:

هنا يأتي دور الجهات المختصة، ألا يجدر بنا أن نضع حداً للتمسك الطويل بالمناصب؟ ماذا لو أُقر قانون يحدد فترتين كحد أقصى لأي رئيس مجلس إدارة أو عضو رئيسي، بحيث لا تتجاوز كل فترة ثلاث سنوات ولا يجوز لهم الترشح للفترة الثالثة؟ هذا ليس تقييداً للحرية، بل هو ضمان لتدفق الدماء الجديدة، ولإبقاء العمل الخيري في حالة تطور دائم.

كيف سيكون المستقبل؟

تخيلوا لو أتيحت الفرصة للشباب والشابات لقيادة هذه الجمعيات والفرق الخيرية؛ تخيلوا الإبداع الذي سيجلبونه: حملات تبرع عبر الإنترنت تصل للعالم بأسره، برامج دعم مبتكرة تلبي احتياجات الأفراد بطرق غير تقليدية، وشراكات مع شركات التكنولوجيا لتطوير حلول ذكية تخدم المحتاجين.

الجمعيات والفرق الخيرية التي تتبنى مبدأ التدوير القيادي ستصبح أقوى وأكثر تأثيراً؛ ستتحول إلى نموذج يحتذى به، وستبقى قادرة على مواجهة تحديات المستقبل بثقة ومرونة.

العمل الخيري ليس ملكية خاصة:

علينا أن نتذكر أن هذه الجمعيات ليست ملكاً لأفراد، بل هي مسؤولية جماعية تجاه المجتمع؛ ومثلما يحتاج الجسد إلى تجدد الدماء، تحتاج هذه الجمعيات إلى تجدد القيادات والأفكار.

الختام؛ رسالة إلى أصحاب القرار:

إذا كنا نريد أن نرى العمل الخيري في أبهى صوره، علينا أن نكسر قيود الكراسي الثابتة، لنمنح الشباب فرصة، ولنفتح الأبواب للتغيير، فالمستقبل لا يُبنى بالأمس، بل برؤية جديدة تُنير الطريق للأجيال القادمة… دعونا نجعل العمل الخيري نموذجاً للتطور والإبداع، لا متحفاً للأفكار القديمة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights