بين الحزن والأمل، بوح الروح
ناصر بن خميس السويدي
جاري الكتابة…
لكن عن ماذا سأكتب…؟!
عن واقع حزين..
أم عن ذكريات لن تعود؟!
أم عن مستقبل لا نعلم الذي سيأتي به؟!
أم عن ابتسامة وخلفه ألف دمعة…؟!
أم عن قلوب أثقلها الوجع وسكنت بين طياتها الأحلام المكسورة؟!
أم عن طريق طويل
تبدو نهايته مجهولة
ولكننا نمشيه رغم الخوف والتعب؟!
أم عن شمس تغرب
ولكنها تَعِد بشروق جديد يحمل معه الأمل ولو كان ضئيلاً؟!
ربما سأكتب عن كل ذلك، عن الحزن والفرح، عن الضياع واليقين، عن الأيام التي مضت والأيام التي تنتظرنا…
ففي النهاية، الكتابة هي بوابة الروح
وصدى كل ما نحمله في أعماقنا، أم عن قلوب غريبة علينا
أن نتحدث معها، لكننا لا نفهمها؟!
أم عن أشخاص مرّوا كظل عابر تركوا أثراً ولكنه لا يُمحى؟!
أم عن أحلام بنيناها
كقصور من الرمال،
لتجرفها أمواج الحياة
فتبقى فقط أطيافها في ذاكرتنا؟!
أم عن كلمات عالقة
في حلق الصمت، تنتظر الفرصة؛ لتتحرر من أسرها؟!
ربما أكتب عن ليالٍ طويلة، كان القمر فيها شاهداً على دموع لم يرها أحد، وعلى حوارات داخلية
حطمت أسوار الصمت. أم أكتب عن ابتسامة طفل
رغم قسوة الأيام؟!
أو عن شعاع خافت
من أمل ينبثق فجأة
ليعيد إلينا الحياة؟!
أم عن شوارعٍ خالية
كانت ذات يوم تعج بالضحكات، وذكرياتٍ تتناثر كالأوراق في مهب الريح، ونحاول الإمساك بها لكنها تفلت من بين أيدينا؟!
أم عن ليالٍ عشنا فيها الوحدة، وكان الصمت فيها صديقاً ثقيلاً
يسألنا أسئلة لا نملك لها إجابة؟!
ربما سأكتب عن إنسانٍ يبحث عن ذاته بين الوجوه والزحام، يضيع أحياناً، ويجد في أحيانٍ أخرى جزءاً صغيراً
يشبهه ويكمله…
سأكتب عن الحياة كما هي، بألوانها الباهتة والمشرقة، عن الحزن العميق، والفرح الذي يزورنا خجولاً، عن الحب الذي يُحيي القلوب، وعن الفقد الذي يتركنا هشّين،
نتكئ على الذكريات كي نواصل.
ربما الكتابة هي وسيلتنا الوحيدة
للنجاة من كل هذا، هي صوتنا الذي لن يصمت، ويدنا التي تمتد إلى الأفق
بحثاً عن معنى…