سلطنة عمان تستضيف الاجتماع رفيع المستوى حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد 30 عامًا
مسقط – النبأ
استضافت سلطنة عُمان ممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية يوم أمس الاثنين (الموافق 9/12/2024م) أعمال ” الاجتماع رفيع المستوى حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد 30 عامًا” بالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ” الإسكوا”، وجامعة الدول العربية، وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
وشهد الاجتماع الذي عقد في مقر فندق سانت ريجيس إلقاء عدد من الكلمات ككلمة سلطنة عمان ممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية، حيث قال سعادة الشيخ راشد بن أحمد الشامسي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية: تُعد الإرادة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – المنهج الواقعي لدعائم المسيرة التنموية في سلطنة عُمان مع السعي المتواصل في دعم قضايا حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق المرأة بشكل خاص انطلاقاً من مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية التي أوجبت حفظ حقوقها واحترام كرامتها، وقد انعكس ذلك في الأطر النظامية والمؤسسية التي تكفل حماية حقوق المرأة، وفي مقدمتها النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 6/2021 الذي أفرد للمرأة قدرًا كبيرًا من العناية، وأكد في مادته ال15على كفالة الدولة بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل في شتى المجالات.
مكاسب رئيسة
وأفاد سعادة الشيخ وكيل وزارة التنمية الاجتماعية بأن قانون الحماية الاجتماعية الذي صدر بالمرسوم السلطاني رقم 52 / 2023 يعد أحد المكاسب الرئيسية للمرأة العُمانية، حيث اشتمل على العديد من الميزات الأساسية التي تستفيد منها مختلف فئات المجتمع، وتمت تغطية حقوق المرأة العُمانية بشكل خاص في معظم منافع الحماية الاجتماعية حيث بلغت نسبة 25.5% من المستفيدات من مجال واحد على الأقل من مجالات الحماية الاجتماعية، كما بلغت نسبة 32% من العُمانيات للفئة العمرية 60 عام فأكثر اللاتي تلقين معاشات تقاعدية، وبلغت نسبة 38% من العُمانيات اللاتي تلقين استحقاقات الأمومة حتى نهاية عام 2023 م ، ومؤكدًا حرص سلطنة عمان على كفالة حقوق النساء والفتيات ذوات الإعاقة وفق المادة ال 15 من المبادئ الاجتماعية بالنظام الأساسي للدولة، وإدماجهن في المجتمع من خلال المبادرات الوطنية التي تنشأ فرص التدريب والتشغيل المناسبة لمستوى ونوع الإعاقة، وشملت بذلك النساء كبيرات السـن مـن حيث تنظيم خدمات الرعاية والمساندة للأسر بإصدار اللائحة التنظيمية لمراكز الرعاية النهارية لكبار السن بالتوافق مع المواثيق الدولية التي أكدت على حقوق كبار السن.
تعزيز دورها
وأضاف وكيل وزارة التنمية الاجتماعية قائلًا: تعزيزًا لدور المرأة العُمانية في السلطة القضائية، فقد بلغت نسبة العُمانيات في السلطة القضائية 39% بعام 2023م مقارنة بنسبة 29% بعام 2022م، كما ارتفعت نسبة حضورها وتقّلدها المناصب الإدارية العليا بما يعادل 21% من العُمانيات بعام 2023م مقارنة بنسبة 16% بعام 2020م، وتُعد الالتزامات الدولية إحدى الأولويات التي تحرص سلطنة عُمان على الايفاء بها انتهاجًا لسبل التواصل والارتقاء بالعلاقات المشتركة بين البلدان وانعكاسًا للجهود الوطنية المُمكنة للمرأة العمانية، حيث يأتي إعلان ومنهاج بيجين كإطار عالمي للمساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، وقد قدمت سلطنة عمان التقرير الوطني للمراجعة الشاملة لإعلان ومنهاج عمل بيجين، والذي يبرز التقدّم المحرز في المجالات ال12 المتعلقة بالمرأة بعد ثلاثين عاماً وبالتوافق مع أهداف التنمية المستدامة 2030.
وأوضحت معالي الدكتورة رولا دشتي الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ” الإسكوا” في كلمة الإسكوا أن هذا الاجتماع يوضح المسارات التي قطعت منذ اعتماد إعلان ومنهاج عمل بيجين قبل 30 عامًا، وفي المسارات التي ينبغي أن سلكها لتحقيق شعار المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في المنطقة العربية، وللتفكير معًا في سبل إحداث تغيير إيجابي، والتأكيد على الالتزام بهذا التغيير، فوراء كل سياسة وكل مبادرة قصة حياة تغيرت وعقبة ذُللت ومجتمعات ارتقت، ففي العامين الماضيين صدر أكثر من مائة قانون وتعديل تشريعي في الدول العربية لتحسين وصول المرأة إلى العدالة وحماية حقوقها في مكان العمل، وضمان سلامتها في الأماكن العامة، وهذه الإصلاحات مهّدت لزيادة مشاركة المرأة في الاقتصاد وصنع القرار.
تحدي واقعهن
وأضافت في كلمتها بأنه على الرغم من الحواجز الجسيمة تحدّت نساء عربيات واقعهن واستطعن تغييره، ومستعرضة نماذج من القصص الواقعية في عدد من البلدان العربية التي تدلل على ذلك، كما أشارت بأنه في العام 2023م المنصرم عانى أكثر من 15 مليون امرأة وفتاة في منطقتنا بشكل مباشر من النزاعات المسلحة مما دفع الملايين منهن إلى النزوح قسرًا، حيث حُرم معظمهن من التعليم والخدمات الأساسية، كذلك لا يزال الفارق في الأجور بين الرجال والنساء كبيرًا، حيث تكسب النساء أقل بنسبة تتراوح بين 20 و30%، وفي المناطق الريفية والمهمشة تواجه النساء صعوبات أكبر إذ يفتقرن إلى التعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية، ورغم المبادرات الرامية لتعزيز ريادة الأعمال والمشاركة الاقتصادية للنساء يعاني نحو 34% من سكان المنطقة من الفقر، ولا يستفيد إلا 30% منهم من أنظمة الحماية الاجتماعية مما يجعل الكثير من النساء وخصوصًا في القطاعات غير النظامية عرضة للمخاطر الاقتصادية.
تحولات عميقة
وبيّنت الأمينة التنفيذية للجنة الإسكوا في كلمتها بأن العالم شهد تحولات عميقة على مدى العقود الثلاثة الماضية، فقد فاقمت تداعيات الأزمات العالمية كجائحة كوفيد 19، والتوترات الجيوسياسية، والاضطرابات الاقتصادية، والحروب والصراعات، والمخاطر المحدقة من النزاع بالنساء والفتيات ولا سيما في مناطق النزاع وفي المجتمعات المهمشة هذه الظروف القاهرة التي تتطلب تجديد الالتزام بمبادئ بيجين، وتكييف الأساليب، واعتماد نهج مبتكر لضمان عدم إهمال أحد، ومؤكدة بأن هذا الاجتماع الرفيع مستوى فرصة لتجديد الالتزام، وتعزيز الموقف الجماعي، والعمل لأجل مستقبل تكون فيه النساء في قلب مسارات صنع القرار، والتعافي الاقتصادي والتنمية المستدامة، فتمكين المرأة ليس مجرد حق وواجب أخلاقي بل ضرورة استراتيجية من أجل السلام والتقدّم، وقالت في ختام كلمتها: نحن مدينون لملايين النساء والفتيات لترجمة تطلعاتنا إلى خطوات فعلية بوتيرة أسرع من خلال تعزيز الأطر المؤسسية، وسد الفجوات في البيانات والتكنولوجيا الرقمية، وتوطيد الشراكات والبناء على الإصلاحات التشريعية.
18 دولة
وفي كلمة جامعة الدول العربية قالت معالي الدكتورة هيفاء أبو غزالة الأمينة العامة المساعدة ورئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة: إنه لمن دواعي السرور أن نشهد الانتهاء من المراجعة الإقليمية السادسة وإطلاق ” التقرير العربي الشامل حول التقدم المحرز حول إعلان تنفيذ إعلان ومنهاج بيجين بعد 30 عامًا”، وقد قدمت 18 دولة عربية تقاريرها الوطنية لهذه المراجعة الإقليمية رغم الواقع المؤلم الذي تعاني منه عدد من الدول العربية، ويعيق العمل التنموي والحقوقي بشكل عام، وهو أمر لا بد من وضعه نصب أعيننا ونحن نقيّم الأداء الإقليمي لتنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد 30 عامًا، وفي ذات السياق أُعرب عن تقديري للدول العربية على جهودها في مجال تمكين المرأة مما يعكس الإرادة السياسية، والسعي نحو الوفاء بالتزاماتها الدولية واهتمامها بتحقيق المساواة بين الجنسين في المنطقة العربية.
أزمات تاريخية
كما أشارت في كلمة جامعة الدول العربية بأنه خلال ال 5 أعوام الماضية وهي الفترة التي ترصدها مراجعة بيجين وتحديدًا الأعوام 2019 – 2024 شهد العالم عدد من الأزمات التاريخية لا زال الاقتصاد العالمي يتعافى من أثارها، وبالنظر إلى المنطقة العربية نجد أمام موجة عارمة غير مسبوقة من العنف استهدفت المدنيين، وتعرضت النساء والفتيات فيها لكافة أشكال العنف مع تصاعد الحرب على قطاع غزة والضفة الغربية، وتوسيع رقعة العدوان الإسرائيلي على لبنان والأراضي السورية، حيث أودت الحرب في لبنان إلى مقتل 3961 شخص وجرح 16520 منهم النساء والأطفال، ونزوح حوالي مليون ونصف شخص و53% منهم من النساء، وتدمير حوالي 46 ألف مسكن وأكثر من 20 قرية حدودية تدميرًا كاملًا وحرق أراضيها الزراعية بالقنابل الفسفورية، وأيضًا ما تعانيه النساء في السودان من عنف ممنهج وعنف جنسي، أما في فلسطين فلا يوجد وصف وافٍ للكارثة الإنسانية الناتجة عن الإبادة الجماعية وسياسات الترصد والتجويع التي تتبعها إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، والتي تتكبد على إثرها النساء والفتيات عبئًا ثقيلًا، بل أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المجحف طالت منظومة الأمم المتحدة، فاليوم نشهد إرهاب لأجهزة الأمم المتحدة الرئيسية ومنظماتها وبرامجها، وازدواجية في المعايير الدولية.
رؤية عربية
وأضافت معالي الدكتورة هيفاء أبو غزالة في كلمتها بالقول: في ضوء نتائج إعداد مراجعتين إقليميتين هامتين وهي المراجعة الإقليمية الأولى لأجندة تنمية المرأة العربية بعد 5 سنوات، ومراجعة بيجين بعد 30 عامً، وهما يغطيان مجتمعتان الفترة من 2017 وحتى 2025، واتساقًا مع مخرجات هذا الاجتماع وتزامنًا مع الذكرى ال 25 لقرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والأمن والسلام يُعد العام 2025 عامًا محوريًا نتطلع خلاله للعمل سويًا على بلورة رؤية عربية تناصر وتعزّز صوت المرأة العربية على المستوى الدولي خلال أعمال الدورة ال 69 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة والمزمع عقده في فبراير 2025م للخروج ببيان عربي موحد تلقيه دولة فلسطين رئيسة الدورة 44 للجنة المرأة العربية خلال الجلسة الافتتاحية للجنة وضع المرأة بمقر الأمم المتحدة.
تحديات قاسية
وفي كلمة هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة قالت الدكتورة سيما بحوث المديرة التنفيذية للهيئة: نجتمع اليوم في ظل واقع إنساني مؤلم تعيشه العديد من الدول العربية في فلسطين، والسودان، ولبنان، وواقع عدم الاستقرار في اليمن وليبيا والصومال، حيث تواجه النساء والفتيات تحديات قاسية وغير مسبوقة، فقد خلّفت النزاعات والحروب المستعرة آثاراً مدمرة على المجتمعات، وأثقلت كاهل النساء اللواتي تحملن أعباءً مضاعفة ، وإن هذه التحديات المؤلمة تدعونا إلى العمل معاً، وبشكل جماعي، لوقف هذه المآسي، ولضمان أن تكون النساء والفتيات محور كل استجابة إنسانية وتنموية من أجل تحقيق التعافي والسلام العادل ، ولا شك أن منهاج عمل بيجين يشكل إطاراً محورياً في هذا السعي ، ونأمل لسوريا استقراراً وسلاماً تشارك في بناءه جميع نسائها وفتياتها.
معايير وإجراءات
وأوضحت بأنه ثلاثون عاماً مضت منذ أتفاق العالم على مجموعة من المعايير والإجراءات الجريئة لتحقيق المساواة بين الجنسين، وهي ثلاثون عاماً من الفكر والعمل والإصلاح حققت فيها العديد من الدول العربية تقدمًا ملحوظًا في تمكين المرأة في العديد من المجالات، فقد حققت المنطقة العربية خطوات مشرفة نحو المساواة بين الجنسين: في التعليم والصحة، ففي المجال الأكاديمي تقترب الفتيات من تحقيق المساواة في التعليم، إذ نجحت المنطقة في خفض نسبة الأمية الى النصف خلال العقدين الماضيين، ووصلت نسبة التحاق الفتيات بالتعليم إلى 90%، وزاد عدد الفتيات الملتحقات بالجامعات على عدد الفتيان.
وأكدت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في معرض كلمتها بأنه بعد ثلاثين عاماً من تبني إعلان ومنهاج عمل بيجين إعطاء أولويةً قصوى لما يهدف إليه هذا الإعلان من تضييق الهوة بين قدرات المرأة المتنامية وفرصها الراكدة، من خلال زيادة المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة في المنطقة العربية، ولكي تستفيد المجتمعات العربية وتنهض بمشاركة كافة نسائها وفتياتها بمن فيهن ذوات الإعاقة والنازحات واللاجئات والمدافعات عن الحقوق وغيرهن ، وقد استخلصت هيئة الأمم المتحدة للمرأة من التقارير الوطنية التي قدمتها 150 دولة حول تنفيذ برنامج عمل بيجين، وأن هناك ست أولويات رئيسية للمضي قدماً في تمكين المرأة وتفعيل حقوقها وبما يساهم في تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة.
جلسات عمل
وشهد الاجتماع – عقب ذلك – عقد ثلاث جلسات عمل ، ففي الجلسة الأولى حول ” منهجية المراجعة لإعلان ومنهاج عمل بيجين بعد ثلاثين عامًا، والأنشطة الإقليمية والدولية المصاحبة للمراجعة، واجتماعات لجنة المرأة في نيويورك مارس 2025م ” تتضمن التطرّق للموضوعات ذات الصلة بالمراجعة الإقليمية والأولويات الإقليمية التي حددتها الدول، والروابط بين أولويات أجندة تنمية المرأة العربية ” 2023-2028″ والتقرير العربي لبيجين بعد ثلاثين عامًا، والروابط الحكومية الدولية وإعلان ومنهاج عمل بيجين، وتتضمن الجلسة الثانية رسائل أصحاب المصلحة كالأطفال، والبرلمانيون، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، والمنظمات العاملة مع النساء ذوات الإعاقة وكبار السن، إلى جانب جلسة العمل الثالثة ، والتي تشهد مناقشات نوعية حول أدوات العمل من خلال إقامة أربع جلسات عمل لمناقشة أربع جوانب أساسية وتحديد أدوات العمل اللازمة لتحقيقها للوصول إلى العام 2030م، وتتمثل هذه الجوانب الأساسية التي تناقشها هذه الجلسات في: العنف ضد المرأة، والمشاركة الاقتصادية للمرأة، والمرأة وصنع القرار، والمرأة في النزاعات المسلحة.
إطلاق التحديث السنوي لمصفوفة العدالة بين الجنسين والقانون
ضمن استضافة سلطنة عُمان لأعمال ” الاجتماع رفيع المستوى حول التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد 30 عامًا” أُطلق يوم أمس (الاثنين الموافق 9 /12 /2024م) ” التحديث السنوي لمصفوفة العدالة بين الجنسين والقانون”، وذلك للاحتفال بالإنجازات التشريعية المتحققة في الدول العربية، والتي تتناول قضايا العدالة بين الجنسين، وإتاحة الفرصة للدول العربية للاطلاع على هذه الإنجازات من خلال حوار فعال يتناول التحديثات التشريعية وأثرها على واقع المرأة الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، ومشاركة المصفوفات المحدثة لتقارير ” العدالة بين الجنسين والقانون” على نطاق واسع، والاستمرار في تحسين مصفوفة “العدالة بين الجنسين والقانون” ، وتعميق الاستفادة منها.