سوريا، جرح الأمة وأمل النهضة
عمر الفهدي
تحرير سوريا، هذا الحلم الذي يراود كل عربي حرّ، وكل إنسان يرفض الظلم والاستبداد، يبدو اليوم بعيد المنال في ظل المعادلات الدولية التي تتحكم بها قوىً غربية لا ترى في سوريا إلا ساحة لتحقيق مصالحها. إن استمرار النظام السوري الحالي، الذي أحكم قبضته على البلاد لعقود، يعني بقاء قبضة الطغاة الذين ترعاهم الدول الغربية من أجل الحفاظ على نفوذها في المنطقة.
إن سقوط بشار الأسد لا يمثل فقط نهاية نظام استبدادي، بل يعني زلزالاً سياسياً. يضرب المنطقة بأكملها. فسوريا كانت وما تزال ركيزة مهمة لدعم المقاومة الفلسطينية ومدّ الفصائل بالأسلحة والإمكانات. ولكن مع سقوط هذا النظام، ستتجه الأنظار نحو لبنان، ثم العراق، وربما فلسطين نفسها، ليتحول المشهد إلى دوامة من الفوضى التي تهدف إلى إضعاف أي قوة تقف في وجه الكيان الصهيوني وأذرعه في المنطقة.
لقد أدركت القوى الكبرى منذ زمن بعيد أن بقاء الأنظمة المستبدة في العالم العربي هو الضامن الأهم لمصالحها. فهي تعلم أن زوال هذه الأنظمة سيطلق العنان لشعوب حرة، شعوب تدرك حقوقها وتقاتل من أجل مستقبلها. ولهذا السبب، لا تريد هذه القوى أن ترى سلاحاً حراً في يد أي دولة عربية، خاصة تلك القريبة من الكيان الصهيوني. فإسرائيل، المدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها، لا تسمح بأي قوة في المنطقة قد تهدد وجودها.
لكن الحقيقة التي يجب أن ندركها هي أن التحرير لا يأتي بالتمني ولا بالتدخل الأجنبي، أيًّا كان شكله أو دوافعه. لا يمكن أن تتحرر سوريا إلا بنضال شعبها الحر، شعب صادق في إرادته، يؤمن بقضيته، ويعمل بكل شجاعة من أجل استعادة بلاده من قبضة الطغيان والتدخل الأجنبي. الشعوب الحرة هي وحدها القادرة على صناعة التغيير الحقيقي، فهي التي تثبت أمام كل محاولات الإخضاع وتواجه كل المؤامرات مهما عظمت.
وفي الختام، أقول إن سوريا لن تنهض إلا بشعبها الحر، شعب يؤمن بالحرية والكرامة، ويضع نصب عينيه مستقبل أجياله القادمة. أسأل الله أن يحفظ سوريا وشعبها الحر، وأن يجعل كفاحهم مثالاً يُحتذى به لكل أمة تتوق إلى التحرر.
اللهم اجعل النصر حليف المظلومين، واحفظ بلاد المسلمين من كل مكروه.