أيامنا الثقيلة ..
مريم بنت عيسى البلوشية
وتأتيك الليالي الباردة تداعب نيران الإرهاق التي أثقلت كاهلك بالتفكير لتصبح في سواقيها أسير..
وتتمنى أن تجري بعيداً عن هذا العالم اللعوب، وإن فكرت في المحاولة ستلحقك كلاب الهموم في ممراتٍ سوداء لتلعقك بألسنة الضياع؛ فتغيب عن الوعي لتجد نفسك ملقى على كفوف السهر تجثو طمعاً في لحظات من الطمأنية الدافئة، فترمي بك بين جدران الدنيا البالية التي اعتدنا على فضاعتها المتعالية..
وسرعان ما تدفنك في حفر من الحيرة والكآبة المتملقة، تمتص منك ما تبقى من الأمل والحياة؛ فتغدو كعجوز غُسلت ذاكرتها وخر طغيانها في مكب الهذيان خرفة بعد ما مرت بصواعق زمنية مدمرة أدمت سحائب الوفاء في بلدانها القلبية، فبكت علقماً على أراضي النسيان البعيدة..
رتابة الأيام تقتلنا وتكسر أغصان الأحلام اللينة التي كحّلنا بها أعيننا الناعسة، علّنا نبصر يوماً فجراً بازغاً
من بعيد وكأنه هلال العيد يشدو لحنا قرمزياً فريد..
اللهيب الحارق الذي أرعب شعب سكان فكرنا المتهالك كاد أن يلتهمنا ويرمينا عظاماً خاوية لوحوش الغياب الضارية..
وما زلنا يا صاح متعلقين على فتات الآمال المترامية على أطراف الأيام اللاهية..
متمسكين بحبال الرجاء، متضرعين لرب السماء، تلهج قلوبنا وألسنتنا بالذكر والدعاء.. علّنا نتجاوز ثقل أيامنا الفاترة ونصحو على أيام تتحقق فيها أحلامنا السامقة.. فاسقوا بذور الأمل لتتفرغ جذور الفرح وتنمو شجيرات الحب على أسقف أضلاعنا الصلبة..