قهوة باردة على شاطئ البحر
سميرة أمبوسعيدية
في صباح يوم مشمس ، الأمواج تتلاطم برفق على الرمال الذهبية في ذلك اليوم، قررت أن آخذ استراحة لنفسي من صخب الحياة اليومية وأذهب إلى الشاطئ لأحظى بلحظات من الهدوء والسكينة.
حملت معي كوبًا من القهوة الباردة التي أعددتها في المنزل، حيث إنني أحب أن تكون قهوتي باردة ، خاصة في الأيام الحارة والتي تمنحني شعورًا بالانتعاش، جلست على الرمال، ووضعت الكوب جانبًا، واستنشقت نفحات من هواء البحر المنعش، كانت الأمواج تتراقص أمام عينيَّ، الطيور تحلق في سماء صافية بلونها الأزرق البديع.
بينما كنت أحتسي قهوتي، بدأت أتأمل في حياتي وأحلامها، كنت أفكر في المستقبل، فيما أريده من الحياة، وفي التحديات التي تواجهني، وفي تلك اللحظة، شعرت بالسلام والسكينة، كانت قهوتي الباردة تنسال في فمي وكأنها تأخذ معها كل همومي بجرعة تلو الأخرى، فمُرها يشبه مرارة أحزاني وكآبتي.
فجأة، تقترب مني طفلة صغيرة في العمر تلعب بالرمال في محاولة منها لبناء قلعة صغيرة لها وعندما أحست بصعوبة كبيرة في بنائها ، جاءت إليَّ وسألتني بلهفة: “هل يمكنك مساعدتي في بناء القلعة؟” ابتسمت لها وقلت لها: نعم.
تركت كوب القهوة فورًا وبدأت أساعد الطفلة الصغيرة في بناء القلعة، كانت تضحك وتستمتع باللحظة، ونسيت كل ما كان يشغل بالها.
بعد فترة وجيزة ، انتهينا من بناء القلعة، كانت تبدو رائعة. نظرت الطفلة إليَّ وقالت : “لقد كانت أفضل قلعة على الإطلاق!” شعرت وقتها بالسعادة، وعدت إلى كوب القهوة الباردة الذي تركته. أدركت حينها أن القهوة لم تعد بنفس البرودة والطعم ، لكن ذلك لا يهم ، لأن اللحظة التي قضتيها مع الطفلة أكثر أهمية من أي شيء آخر.
عدت إلى مكاني، واحتسيت القهوة التي كانت بلا طعم، ولكن هذه المرة كان طعمها ممزوجًا بالذكريات الجميلة والضحكات، أدركت حينها أن الحياة ليست فقط أهداف وطموحات وخطط مستقبيلة ، بل اللحظات الصغيرة التي تجعلنا نشعر بالسعادة، فرغم همومي وفداحة مشاعري إلا أن تلك الطفلة الصغيرة كانت علاجًا طبيعيًا لأحزاني وملأت يومي سعادة وفرحًا.