رحلة في قفصك الصدريّ ..
شريفة بنت راشد القطيطية
المباني مسائية هذه الليلة، ومغرقة بالثمول.. لا يبدو عليها الأرق ككل ليلة، ولم تُراهن على بقائها متماسكة كالعادة، مزدحمة الفراغات وهشة ومرائية بعض الشيء، تقتات من أصابع الليل لسد نوافذ خجولة مطلة على الأفق يُرهقها الشوق وتزداد شحوبا ومراقصها تتخذ لحظة صمت على ضريح راحل.
لا شيء بيننا غير عينيك، وحرف من اسمك.. أتعتقد قد ينهال علي ولها ندمك!، لن تحتوي مشاعرك نقطة واحدة من اسمي، قد تدخلك مساءاتي الحالمة، فالمعذبون يُعلقون أحزانهم على جدران رثة، ويتركون ملامحهم على قارعة الطريق يتسولون بها ويتهامسون، ليتخذ الليل آخر خَيار له بأن يكونوا قتلى المعارك الخاسرة، والتالي من الوقت لم يكن ليعجبك، ستعود خرافيا لبقعة سراب لم تصل إليها بعد.
كنت على دراية بسيرتك الذاتية، وكنت على اتصال بالغدر .. لقد أخبرني عنك، في حين آثرت قربك، والغدر نزعت لثامه وأجبرته ألا يخبرك أنني أعلم جيدا أنك لن تكون لي .. ولكنها الحياة تحرمك من الإطالة في الحب!، لم يكن لأضع حاجزا بيني وبين العالم، كنت أريد أن أرى النور من ثقوب متوازية تفسر لي ما يحدث، أدرك تماما أننا أكتاف تلجؤون إليها وقت الغرق، وتتمادون أكثر في لمس الروح.
عندما يصرخ الليل تاركا أشلاءك على وسادة باكية، لن يغفر لك الوجع، ولن تسترجع ضمة قلب راحل، فكن فطنا ولا تزعج الليل.. أعِدَ له العشاء أو قرب له مستويات هدوئك وتواصل مع العودة للوراء قد تضمن ثبات رئتيك في قفصك الصدريّ .. لعلك أنهيت ترجمة ما لخفقات قلبك وسردت عليها قصصك الوهمية وأعددت لها رائحة خوفك، ولعلك علقت أمانيك على عتبة الباب وسجنت رجولتك الخاسرة خمسين يوما وتعلن وفاة أحلامك.
الرحلة عابسة ومتردية، تخومها لا يعلوها شمس وأرضها لا تترك فرصة للتنفس، النسخة الأخرى لمفتاح قلبك لا تُعرها لأحد غيرك.. قد يرتب لك غدر مع لصوص مثله،! وقد ينهال عليك وهما ليترك بصمات غدره معلقة داخل الوريد، استل سيف اليقظة وغادر قبل التوغل في قفصه الصدريّ، وجدد عضويتك للعذوبة على أنهار مزاجك الذي لن يُحتل تحت مسمى الحب .. ولن يُغسل بيدٍ باردة معطلة من النبض.