خمس نتائج وعشر توصيات تخرج بها ندوة (واقع تشغيل المرأة على ضوء تعديلات تشريعات العمل)
مسقط-النبأ
نظّمت لجنة المرأة العاملة بالاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان ندوة (واقع تشغيل المرأة على ضوء تعديلات تشريعات العمل)؛ وذلك تحت رعاية المكرمة الدكتورة عهود بنت سعيد البلوشية، عضو مجلس الدولة، ومشاركة عدد من الجهات الدولية والمحلية، شملت منظمة العمل الدولية، ووزارة العمل، ووزارة التنمية الاجتماعية، وصندوق الحماية الاجتماعية، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، وعدد من مؤسسات المجتمع المدني، فضلا عن مشاركة عدد من النقابيات والإعلاميات والمهتمات بقضايا المرأة العاملة.
وهدفت الندوة إلى تسليط الضوء على المزايا التشريعية الخاصة بالمرأة، التي جاء بهما قانونا الحماية الاجتماعية والعمل، ومناقشة أبرز التحديات التي تواجه المرأة العاملة في بيئة العمل، واستعراض دور الجهات المعنية وجهودها في دعم المرأة العاملة، وتطوير السياسات التي تساهم في تمكينها في سوق العمل، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر والخبرات بين المشاركين.
وقد اشتملت الندوة على ست أوراق عمل، قدمتها الجهات المشاركة، تناولت ورقة العمل الأولى، التي قدمتها آيا ماتسورا، متخصصة رئيسية في مجال المساواة بين الجنسين وعدم التمييز بمنظمة العمل الدولية (تعزيز المساواة وعدم التمييز في عالم العمل في سلطنة عُمان)، وناقشت ورقة العمل الثانية، التي قدمتها سمراء الجهضمية، عضو لجنة المرأة العاملة بالاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان (فرص عمل المرأة وتحدياته في القطاع الخاص في ضوء تشريعات العمل الجديدة)، كما تطرقت الورقة الثالثة التي قدمتها أماني الغافرية، باحثة قانونية بوزارة العمل إلى (الدور الرقابي الذي تقوم به وزارة العمل في ضمان عدم وجود ممارسات تمييزية ضد المرأة العاملة، والأدوات التشريعية لتعزيز تشغيل المرأة)،
فضلا عن ذلك، تناولت ورقة صندوق الحماية الاجتماعية التي قدمتها مروى الخروصية، أخصائية تشريعات قانونية وقرارات بالصندوق (منظومة الحماية الاجتماعية – إجازة الأمومة نموذجا)، وناقشت ورقة وزارة التنمية الاجتماعية (ممكنات المرأة العاملة في خطط التنمية الاجتماعية وبرامجها) التي قدمتها وضحة العلوية، مديرة دائرة شؤون المرأة بالوزارة، وأوضحت الورقة الأخيرة (دور غرفة تجارة وصناعة عُمان في إقرار الأدوات الإجرائية لتعزيز تشغيل المرأة، ومبادرات الغرفة في هذا الجانب)، التي قدمتها مها البلوشية، عضو لجنة صاحبات الأعمال بالغرفة.
وقد أفادت المكرمة الدكتورة عهود البلوشية، راعية الندوة بقولها: “هذه الندوة لها أهمية كبيرة؛ لكونها تلقي الضوء على التعديلات التشريعية في قانوني الحماية الاجتماعية والعمل التي تخص المرأة العاملة، وانعكاساتها عليها، كما أن أوراق عمل الندوة تتناول مواضيع مهمة جدا تلامس واقع عمل المرأة، وخاصة إجازة الأمومة”.
وقد اختتمت البلوشية تصريحها بقولها: “أرجو أن يكون للتوصيات التي تخرج بها الندوة تأثير فاعل في معالجة تحديات واقع المرأة العاملة”.
وقالت سعاد بنت علي السليمية، رئيسة لجنة المرأة العاملة بالاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان: “تأتي هذه الندوة ضمن جهود لجنة المرأة العاملة بالاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان لرعاية مصالح المرأة العاملة والدفاع عن حقوقها، لا سيما في هذه الفترة التي يشهد فيها سوق العمل تطورات عديدة، نتيجة تغيرات اجتماعية واقتصادية على المستويين المحلي والعالمي، تضع المرأة أمام تحديات تتطلب معالجات سريعة ومرنة، تؤطرها التشريعات الوطنية، وتشرف على تطبيقها أدوات رقابية فاعلة”.
كما أضافت السليمية: ” لقد تجاوزت سلطنة عُمان مستوى التمكين التشريعي للمرأة، وعلى الرغم من الإنجازات التي حققتها المرأة العمانية، لا تزال تواجه بعض التحديات التي تتطلب حلولا عملية لتجاوزها، وتأسيس حوار اجتماعي فاعل، يحقق لها مستوىً عاليا وشاملا من الحماية الاجتماعية وبيئة عمل لائقة”.
واختتمت السليمية بقولها: ” نشكر كل من ساهم في نجاح ندوتنا هذه، ونخص بالشكر كل من شركة أدفاريو تيرمينالز، والمجموعة العالمية المتكاملة للطاقة (أوكيو)، الشركة العمانية الهندية للسماد (أوميفكو) على رعايتهم لهذه الندوة”.
وقد خرجت الندوة بخمس نتائج، وهي كالتالي:
حظيت المرأة في سلطنة عمان، وما زالت بالعناية السامية من لدن القيادة الحكيمة، من خلال توجيه الاهتمام الكامل بمشاركة المرأة العمانية، وتوفير فرص التعليم والتدريب والتوظيف لها، والتأكيد على دورها في المجتمع، وأهمية مساهمتها في شتى مجالات التنمية، والحرص على أن تتمتع المرأة بحقوقها التي كفلها القانون، وأن تعمل بجانب الرجل في مختلف المجالات خدمةً لوطنها ومجتمعها، وقد انعكست هذه العناية على جملة من المكتسبات التي تحققت على مدار النهضة المتجددة؛ فأكد النظام الأساسي للدولة على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، وصدرت التشريعات التي تنظم هذه الحقوق وتفصلها وتحميها، ثم جاءت رؤية عمان 2040 لتشتمل -ضمن الأولوية الوطنية )الرفاه والحماية الاجتماعية(- على برنامج خاص يُعنى بالمرأة والمتمثل في “سياسات وتشريعات تمكن المرأة اجتماعيًّا واقتصاديًّا تتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان”.
مثّل صدور قانون العمل بالمرسوم السلطاني رقم 53/2023 نقلةً نوعيةً في دعم عمل المرأة؛ إذ أقرَّ عددًا من الحقوق التي تتصل بالمرأة العاملة، كمنحها (98) يومًا إجازة أمومة لتغطية فترة ما قبل الولادة وبعدها، بدون تحديد عدد مرات الولادة، ومنحها ساعة رضاعة يومية بأجر شامل لمدة عام، ومنحها -بناء على طلبها إجازة بدون أجر- لرعاية طفلها لمدة لا تتجاوز عاما، كما عدّ القانون إنهاء صاحب العمل لعقد العمل فصلا تعسفيا للعامل، إذا كان بسبب الجنس أو الحمل أو الولادة أو الرضاعة، كذلك منح القانون الرجل العامل إجازة أبوة مدتها (7) أيام ليضطلع بواجبه الاجتماعي إلى جانب المرأة في هذه المرحلة، وإلى جانب ما أقره قانون الحماية الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 52/2023 للإجازات المذكورة، فقد أقر أيضًا إجازة لرعاية الطفل بدون بدل مدتها (98) يومًا من تاريخ انتهاء إجازة الأمومة، وجواز توزيع هذه الإجازة بين الأبوين المؤمن عليهما.
أظهرت الممارسة وجود بعض التحديات التي واجهت المرأة في منشآت القطاع الخاص بعد صدور قانون العمل وقانون الحماية الاجتماعية، كالتمييز السلبي في فرص التوظيف والترقي، إلى جانب وجود تحديات تتعلق بالتمتع بالحقوق المنصوص عليها في القانونين، وقد تلقّت دائرة تسوية المنازعات العمالية (4398) شكوى مقدمة من النساء العاملات خلال الفترة ١ أكتوبر 2023-18 أكتوبر ٢٠٢4، وتنوعت تلك الشكاوى بين خلاف حول الحقوق العامة للعامل، مثل الأجر والعمل الإضافي والإجازات، وبين الحقوق الخاصة بالمرأة، مثل إجازة الأمومة وساعة الرضاعة،كما أظهرت المناقشات وجود تحديات تتعلق بالتوعية بحقوق المرأة من ذوي الإعاقة، والإحاطة بإجراءات التظلم والشكوى عند المساس بتلك الحقوق، والحاجة إلى مزيد من الدعم لهذه الفئة من النساء.
وفقا لتقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2024 فإن النساء يشكلن (31.7%) فقط من المناصب القيادية حول العالم، ويواجهن تحديات كبيرة للوصول إلى مناصب عليا، خاصة في الصناعات التقنية والمهنية، وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن النساء يشكلن نسبة (21%) من القوى العاملة المتأثرة بالفجوة الوظيفية، وهو ما يعكس التحديات المستمرة التي تواجهها النساء في الوصول إلى فرص العمل بسبب الأعباء المجتمعية والأسرية، وفي عام 2024 أظهر استطلاع أن (67%) من النساء عالميا يشعرن بأنهن يتقاضين أجورا أقل من الرجال عن العمل نفسه؛ مما يبرز الحاجة إلى سياسات تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة في جميع أنحاء العالم.
من متطلبات العمل اللائق خلو بيئة العمل من العنف والتحرش، والذي يمكن أن يحدث بصور مختلفة وبأشكال مباشرة وغير مباشرة، ولهذا السلوك آثار سلبية على الأفراد والأسر والمؤسسات والمجتمعات؛ الأمر الذي يتطلب التوعية الكافية والأنظمة والإجراءات اللازمة لتوفير بيئة عمل آمنة وخالية من العنف والتحرش.
كما خرجت الندوة بعشر توصيات، وهي كالتالي:
تعزيز برامج التعريف بحقوق المرأة في قانون العمل الجديد وقانون الحماية الاجتماعية واللوائح والقرارات الصادرة في شأن تنفيذهما والتعريف باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) من خلال تنفيذ البرامج التدريبية والتعريفية للفئة المستهدفة، إلى جانب إذكاء الوعي العام بتلك الحقوق باستخدام وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة ووسائل التواصل الاجتماعي، على أن تشمل تلك البرامج المرأة من ذوي الإعاقة، وتعزيز الدعم المقدم لها لتتمتع بحقوقها التي كفلتها القوانين كاملة.
تعزيز تولّي المرأة العاملة المناصب القيادية في المؤسسات من خلال تدريبها وتأهيلها ضمن خطط تدريب العمانيين وتعيينهم لشغل المهن القيادية، ومتابعة تنفيذ تلك الخطط من قبل أصحاب العمل والجهات المختصة.
رفع الحد الأدنى للأجور بما يعزز من التحاق المرأة للعمل في منشآت القطاع الخاص، وتعزيز المساواة في الأجور بين العاملات والعمال عن الأعمال ذات القيمة المتساوية؛ استئناسًا بأحكام اتفاقية العمل الدولية رقم (100) بشأن المساواة في الأجور.
توفير بيئة عمل آمنة ولائقة للمرأة العاملة، تراعي خصوصيتها وتكوينها من خلال تضمين لوائح العمل وأنظمته والتدابير والاشتراطات اللازمة لذلك، وإجراءات صارمة لمكافحة العنف والتحرش في بيئة العمل.
مراقبة امتثال المنشآت بتسهيل تمتع المرأة العاملة بإجازة الأمومة وساعات الرضاعة وغيرها من الحقوق، وحمايتها من الإجراءات التعسفية التي قد تتعرض لها بعد تمتعها بتلك الحقوق.
تشجيع المنشآت على تقديم التسهيلات اللازمة لعمل المرأة، مثل توفير حضانات للأطفال في مكان العمل، واعتماد نظام العمل المرن والتعامل بمرونة وإيجابية مع ظروف المرأة الاجتماعية.
تشجيع المنشآت على تشغيل النساء من خلال حزمة من المزايا والتسهيلات التي تحفّز زيادة أعداد النساء العاملات، وتحسين سياسات التشغيل لضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين في القطاع الخاص، ودعم مبادرات تمكين المرأة وبرامجه التي تشرف عليها الحكومة، والمراجعة الدورية لتشريعات العمل لمواكبة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
تعزيز دعم المرأة في ريادة الأعمال من خلال البرامج التدريبية والتمويلية الموجهة للنساء، خاصة في القطاعات التي تسعى الدولة لتنميتها، مثل التقنية والسياحة، وبناء شبكات دعم مهنية متخصصة للمرأة، تتيح الفرصة لتبادل المعرفة والمهارات.
تعزيز الشراكات الدولية من خلال إشراك المرأة العمانية في الوفود التجارية الدولية التي تفتح آفاقا جديدة للتعاون وتبادل الخبرات؛ مما يعزز من تمثيل سلطنة عُمان في الساحة العالمية، وإبراز دور المرأة العمانية في التمثيل التجاري.
تعزيز الشراكة والتعاون بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية في ما يتعلق بحماية حقوق المرأة العاملة، وتعزيز دورها وضمان مشاركتها الفاعلة في شتى ميادين العمل.