مجلس الأمن المخذول…!
خلفان بن ناصر الرواحي
نعم، هو مجرد مجلس شعارات وتنديد سياسي، بغطاء السياسة الغربية المتغطرسة التي تحكمها أنظمة تدعي الديموقراطية وحقوق الإنسان والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، وهي في حقيقتها عارية من الصدق والأمانة والإنسانية، وانكشف خبثها بعد أحداث طوفان الأقصى، وأصبح أكثر وضوحا من قبل؛ وما زالت هذه الدول المهيمنة على مركز اتخاذ القرارات في مجلس الأمن المخذول تمارس حق النقض وتضرب بعرض الحائط لعدم الاعتراف والانصياع لقرارات الشرعية الدولية ومبادئ المجلس الذي يدفع له المبالغ الباهظة من ميزانيات الدول المنتسبة لعضويته دون احترام وتقدير لرأيها السياسي والإنساني!
ومما يؤسف له أن تلك الدول المغلوب على أمرها ما زالت تعيش في الوهم، بأن هذا المجلس له دور فاعل في تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، متمسكين بالشعارات البراقة التي نراها ونسمعها بين الحين والآخر في الجلسات التي تعقد دون تحقيق فائدة حقيقية على أرض الواقع!
ومما يزيدنا غرابة أن الدول الإسلامية والعربية ما زالت تخضع لسلطة الأمم تحت مظلة القانون الدولي الإنساني الذي ينص على احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها ومواطنيها، وهي مسألة حق غير قابلة للتفاوض ولا أساس لها من معنى في المطالبة بها تحت مظلة هذا المجلس الذي نعنيه، وما يزيدنا غرابة أيضا أن بعض من يُحسبون أنهم من بني جلدتنا تتستر خلف الكواليس لتحيك دسائس المكر والخداع لتضليل شعوبها، ونسمع الكلمات الرنانة التي تندد وتشجب، وتدعي أنها تطالب بحق الشعب الفلسطيني والسوداني وغيرها من الدول الإسلامية والعربية التي ما زالت تحت الاحتلال الدولي الممنهج لتحقيق أهدافهم السياسية والاقتصادية، وهي في حقيقتها كلها مكر وخذلان للحفاظ على كرسي الرئاسة والحكم على عروش السلطة دون إدراكهم لمآل الدول التي يحكمونها، وما هو مصيرها إن تحققت أهداف تلك الدول التي باتت تدعي أنها سيدة العالم أجمع دون استثناء!
فمن هنا، فإن على تلك الحكومات الإسلامية والعربية التي انكشف وجهها الحقيقي أن تتدارك نفسها قبل فوات الأوان، وتعي ذلك كله؛ فلن ينفعها إلا كفاح شعوبها ومواقفها، فالشعوب أصبحت الآن أكثر وعيا، ويكفيها ما تراه من تزايد لاجتياح البلاد العربية والإسلامية من قبل الدولة الاستعمارية بغطاء الطرف الثالث من بعض بني جلدتنا، سواء على مستوى الحكام والقيادات السياسية أو من قبل المليشيات التي تدعم بطريقة مباشرة وغير مباشرة لخلخلة النظام وتفكيك الشعوب الإسلامية والعربية، وما نراه اليوم في فلسطين المحتلة والسودان وسوريا واليمن والعراق وليبيا وغيرها من الدول الأخرى لهو خير شاهد ودليل لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال، وعلى الحكومات المطبعة التي تتبع سياسة – كما يقول المثل الشعبي: “يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي”، أن تنتبه لنفسها قبل أن يقع الفأس على الرأس، وأن تصحو من غفلتها وتلتفت لاحترام شعوبها وموقفهم الداعم لكل قضايا العدالة والمساواة وتحقيق المصير دون تدخل من دول الشر التي لا يهنأ لها سوى تفكك الشعوب والسيطرة على دولنا الإسلامية والعربية.
وكما نتمنى أن تتوحد الدول الإسلامية والعربية بموقف واحد مع الدول الأخرى التي أعلنت اعترافها بدولة فلسطين ووقفت موقف الشجاع الذي لم نره من غالب الدول الإسلامية والعربية، وأن لا تبقى على الوهم الذي تنتظره من مجلس الأمن المخذول! وتنسى كل الشعارات السياسية البراقة التي تنتهجها الدولة الماكرة تحت مظلة القانون الدولي، فلن يكون هناك كرامة حقيقية إلا إذا كانت هناك إرادة وطنية صادقة في الحفاظ على سلامة الشعب والوطن على حد سواء.