تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
ثقافة وفنون

ورحل محمد ..

قصة مؤلمة من الواقع

هلال بن حميد المقبالي

كان شاباً متميزاً عن أقرانه في العمر .. خلوق محترم .. يسابق الجميع إلى رفع الأذان في معظم الصلوات .. رغم صغر سنه.. وبعد رفع  الأذان كان يجلس ينتظر في كرسيه المعتاد على زاوية المسجد وصول من يؤم المصلين بالصلاة .. ليأمره بإقامة الصلاة..

محمد الذي لم يتجاوز عمره الثانية عشرة .. خرج من قاعة اختبارات الصف الخامس .. قاطعاً للطريق كعادته كل يوم .. إلى منزل عائلته على الجانب المقابل للمدرسة ..
رغم وجود حافلة تقله..لكنه.. يرى كغيره أن المشي وقطع الشارع .. أسرع للوصول عن حافة المدرسة .. والتي تضطر للذهاب إلى التحويلة البعيدة للعودة إلى المسار المعاكس ..
لم تتركة المنية هذه المرة فكانت النهاية سيارة خطفت روحه النقية الطاهرة … وأردته على رصيف الطريق غارقاً بدمائه.. يلفظ انفاسه بصعوبه .. محمولاً بين أيدي طلاب آخرين كانوا سبقوه في العبور .. ويحملوه إلى المجمع الصحي بالولايه والذي يبعد قرابة 10كيلومترات فقط ..
وخلال نقله للمجمع الصحي. يهرول أخيه الأكبر منه سناً (الصف الثامن) إلى البيت.. لتكون أمه أول مستقبليه… وهو في حالة يرثى لها ..يرتجف وأنفاسه  تعلوه  .. تسأله الأم مالك مو فيك؟ .. و هين أخوك..؟
ليخبرها أن أخاه دهسته سيارة و نقل إلى المجمع الصحي ..
لتهرع هي الأخرى .. بلا وعي مسرعة  إلى الشارع لتوقف أول سيارة تمر عليها وتوقفها بكل جنون ليفاجأ صاحب السيارة بهذه المرأة ويتوقف .. بدون لا تشعر تركب بسرعة .. وتقول لصاحب السيارة ، إبني  مدعوم  ، وتو في المجمع الصحي ، الشيمه وصلني أريد اشوفه….!!!
كان كل همها فقط وصولها إلى المجمع الصحي ..

وقبل أن تقف السيارة كلياً أمام مدخل المجمع الصحي.. كانت قدماها أسرع إلى مدخل  المجمع .. وهي تصرخ ، هين الولد بو مدعوم ؟ أنا أمه .. ليرشدها  أحدهم إلى غرفة الطوارئ .. لتشاهد ولدها ممدداً على السرير .. متلطخاً بدمائه … لتسرع إليه.. ولكن!! تم منعها من قبل إحدى الممرضات حتى ينهي الطبيب عمله.. وما هي إلا  لحيظات .. ويلتفت الطبيب إلى الأم المسكينة .. ويقول لها  عوضك الله خيراً  وعظم أجرك. .. لتقع الأم على الأرض مغشياً عليها من هول الصدمة .. وتوضع بجوار ولدها .. وتفيق بعد لحظة.. لترتمي  على ولدها تحضنه وتقبله .. مرددة يا حبيبي ليش تركتني ؟؟. ياليتني ما وصلتك إلى الباص.!!. وخليتك نايم .. ياليتني ما وصلتك إلى الباص .. يا الله حبيبي لم أنسى كلمتك وانت تلوح بيدك من دريشة الباص مع السلامة مع السلامة .. تكررها عدة مرات .. و كأنك تودعني .. يا الله ارحمه وارحمني ،، يا الله ارحمه وصبرني على بعده .. يا الله ارحمه ودموعها تختلط بدمه ليزيد من سيلانه ..

يا الله يا له من موقف محزن .. ينفطر له القلب وتهل له الدمع ..

ويتوافد جمع غفير من أهله وأقربائه إلى المجمع ..
ليحملوه إلى مثواه الاخير ..

رحل محمد ولكن ذكراه باقيه  سيفتقده كل من عرفه .. سيفقده ناقل الصوت ( مكرفون المسجد) .. سيفقده كرسيه الذي اعتاد الحلوس عليه .. سيفقده كل من عرفه ..

رحمك الله يا محمد بن اسماعيل بن بدر المعمري .

تعقيب :
لم أتمالك نفسي وأنا أراجع القصة قبل النشر فاغرورقت عيناي بالدموع .
أسأل الله تعالى أن يجعل مسكنة الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء .
رئيس التحرير

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights