الصوم والمساندة الاجتماعية
د. سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي
تعدّ المساندة الاجتماعية من المفاهيم المعبّرة عن التماسك الاجتماعي في إطار نفسيّ واجتماعيّ، وهي مصدر من مصادر الشعور بالأمن النفسي عند الحاجة، على كل المستويات المادّية والمعنوية وغيرها. والمساندة الاجتماعية مفهوم يشتمل على معنيين: الأول منها المساندة: وتعني الدعم والمؤازرة، والآخر: الاجتماعية، وتعني توظيف الدعم في الجانب الاجتماعي مع الآخرين، والجميع يلمس ما يدعو الفرد المسلم الصائم من دافع قوي إلى الترابط والتماسك خلال شهر الصوم؛ حيث يولد الصوم فوائد اجتماعية ونفسية منها الإلزام الإجباري للمساواة الاجتماعية في الصوم، فلا فرق بين غنيّ وفقير، بل إن الغنيَ يستشعر بجانب وجداني مدى ما يعانيه الفقير من جوع وعطش وضيق في الحال، فتتحرك الهمّة إلى مساندته والوقوف بجواره ومؤازرته جنبا إلى جنب.
ومن هنا تتم المساندة بالإنفاق كلٌ بحسب سِعته، إما بالكلمة الطيبة، وبما استطاع من مساعدات مادية في صور مختلفة كالمطعم والمشرب والمال والمواد الغذائية، وبهذا يكون قد حقق الصوم في النفوس جانبين مهمين هما: الجانب الوجداني (المساندة بأشكالها المختلفة)، والجانب الاجتماعي (التكافل والتماسك والتضامن المجتمعي)، وقد حدد الشرع الحنيف أن خروج زكاه الفطر للمسلم الصائم من أول يوم في رمضان وحتى قُبيل صلاه العيد، ففي الحديث الشريف قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرض زكاه الفطر على المسلمين صاعا من تمر أو صاعا من شعير، وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد.
وقد اختلفت الروايات في صور إخراج الزكاه حتى أنه قد افتى البعض بخروجها مالا والبعض أفتى بخروجها في صورة حبوب غذائية وغيرها، تيسيرا على المسلمين حسب احتياجاتهم وأحوالهم؛ ولذا فان الصوم يعد من العوامل الرئيسة في تحقيق جوانب السعادة والصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية، وتحقيق التضامن والتآخي بين المسلمين ويعزز من روح الإيثار والتضحية، وذلك لجميع الأطراف؛ فيشعر الجميع بالرضا والأُخوة والمحبة والرضا، وتسود روح الانتماء والولاء والإخاء والمساندة.