2024
Adsense
حوارات وتحقيقات صحفية

المهندس الشيخ محمد بن سالم الهنائي شخصية عصامية وقصة حياة طموحة

أدم – محمود الخصيبي

تعتبر الشخصية العصامية من الصفات الجوهرية التي تميز الشخصية العمانية، حيث تعد هذه الصفة أحد أهم أسرار نجاح المهندس الشيخ محمد بن سالم الهنائي المقلب بصن شاين إنها صفة تجعل الشخص يتحمل المسؤولية ويسعى لتحقيق الأهداف بإصرار وتصميم.

و تمنحه القوة العقلية والروحية للتغلب على الصعاب والتحديات التي تواجهها في مسيرتها الحياتية. إنها صفة تجعل الشخص يواجه التحديات بثقة وإيمان بقدرته على التغلب عليها وتحقيق النجاح.

في هذا المقال سنستعرض قصة حياة شخصية عمانية عصامية بارزة المهندس الشيخ محمد بن سالم الهنائي شخصية عصامية وقصة حياة طموحةونتعرف على رحلتها الطموحة وأهم الإنجازات التي حققتها، بالإضافة إلى تأثيرها على المجتمع والوطن ودورها في إلهام الآخرين.

اتسم الهنائي بقوة الشخصية وانغماسه في العمل وحب التخطيط وتقسيم العمل والرغبة في الإنجاز مع ثقته بنفسه وقدراته لتحقيق أحلامه وإذا اضيف له خصلة أخرى فهي الطموح الداخلي الذي ينمو داخل الفرد ليكتسب القدرة على بذل مجهود أكبر لكي يحقق ما يريد وهي قوة عظمى لا يستهان بها.

تجلس معه ليروي لكل مشوار حياته فيبهرك بإرادته وطموحه وصبره منذ تحمله مسؤولية عائلته وهو لا يتجاوز 14 سنة من العمر الى رغبته في الجمع بين العمل والتعلم والطموح لبلوغ اعلى الوظائف والترقي في السلم الوظيفي في أرقى الشركات العالمية في مجال النفط اشتهر بلقب ربما غلب على اسمه الحقيقي إذا ذكر.

مولده واحداث زنجبار:
ولد الشيخ محمد بن سالم في سلطنة عمان عام 1951 في ولاية بهلى، عمل والده في مجال الزراعة والتجارة ثم ارتحل كما هو حال الكثير من العمانيين آنذاك لطلب الرزق والسعي الى شرق افريقيا ليعمل في مجال زراعة القرنفل وبعد عامين رجع الى عمان ليصطحب اسرته الى زنجبار وذلك في 23 من صفر عام 1370 للهجرة وكان عمر إبنه محمد لا يتجاوز السنة.

عاش محمد مع والده واسرته في زنجبار ينعم بخيرها ويرسم في مخيلته مستقبله الذي يرغب أن يسلكه وبدأ والده يعلمه العربية ويجبره أن يتحدث بها مع دخوله عتبة المنزل مع والديه واخوانه ولا يتحدث بلغة غيرها حتى يتقن العربية ويتلو القرآن الكريم، كما علمه الخصال العربية والاسلامية، مرت الأيام بحلوها مع أيام الطفولة ويبلغ محمد الرابعة عشر من عمره وتحدث أحداث زنجبار 1964 التي استهدف فيها العرب والعمانيين خاصة، وهنا قررت العائلة النزوح من مكانهم الى مكان آمن آخر وأعلن في المذياع أن عليهم اللجوء الى أماكن إيواء وفي طريقهم قام بعض الجنود بإيقاف النازحين وتفتيشهم والطلب منهم رفع الأيادي والأسلحة موجهة اليهم طالبين منهم عدم الحركة، ونظرا أن الوالد قام بحركة عفوية ظن الجنود الافارقة انه يريد أن يقاوم برفع السلاح فما كان منهم إلا أن يردوه قتيلا أمام أولاده وعائلته، فقررت العائلة الفرار مع الجموع الأخرى وتحت توجيه الصليب الأحمر نحو مدرسة راحة ليوه والتي قضوا فيها سبعة أيام وقررت الأسرة التسجيل للعودة الى أرض الوطن في أقرب سفينة تعود الى عمان وذلك في الأول من ذي الحجة عام 1384 للهجرة.

ظروف العودة للوطن:
وصلت العائلة الى عمان في نهاية ذي الحجة وحطت الرحال في مسقط في مسافر خانة وهي ضيافة للزوار حتى يتم استقبالهم من أهلهم، وبعد يومين من المكوث في الاستراحة جاء الأهل لاستقبال العائلة واتجهوا الى بسياء حيث اخوال محمد هناك، وانتظار أعمامه من الغافات ليكمل محمد المشوار راعيا للأسرة وعمره آنذاك لا يتجاوز الرابعة عشرة ومعه عائلتة المكونة من 9 اشخاص أصغرهم اخيه سعيد الذي كان عمره آنذاك ٤ شهور.

كان همَ محمد الأول ان يوفر لأسرته لقمة العيش باحثا عن العمل ع الرغم من صغر سنه، فعمل صباحا في الزراعة وكان ينقل التراب والسماد على ظهر حماره الذي اشتراه بست وثلاثين بيسة، وفي المساء يعمل على تجهيز الحبال اللازمة للاحمال على ظهور الدواب.

معترك الحياة في عمان قبل ١٩٧٠:
استقر الحال بمحمد واسرته مع أعمامه في بلدة الغافات.
ولقد شجعه اخواله واعمامه للالتحاق بالدراسة في مسجد الخور بعد ان اخذوا موافقة السيد أحمد بن إبراهيم البوسعيدي الذي قرر ان يصرف له مبلغ 40 روبية شهريا، وهناك التحق محمد مع زملائه بمدرسة مسجد الخور لينهل العلم على يد الشيخ أحمد بن حمد الخليلي والشيخ المر المزروعي واستمر به الحال في المدرسة سنتين ونصف متنقلا بين مطرح ومسقط مشيا ذهابا وإيابا مرتين في اليوم أي ما يقارب 20 كم لعدم وجود مواصلات انذاك.

الأسرة وتامين العيش الكريم:
قرر محمد بعد ذلك البحث عن العمل ليؤمن لاسرته العيش الكريم وفكر أن يذهب الى عبري ومنها الى فهود وقابل الشيخ احمد بن سعيد الحضرمي ليطلب له عملا في فهود، وهناك قابل مدير الشركة ماكلوكلي ووعده بأنه حال توفر الوظيفة سوف سيلغونه في بسياء.

المسيرة العلمية والعملية:
وفي 14 فبراير عام 1968 بدأ العمل في وظيفة مقدم طعام الى موظفي جهاز الحفر في الشركة براتب شهري 116 روبية، وكانت مدة العمل 42 يوما مقابل إجازة 6 أيام، وهناك كان محمد يلتقي بعدد من الأجانب ويحرص على ان يتعلم منهم. وممن التقى بهم المهندس برانس هولندي الجنسية الذي كان دائما يصادفه مبتسما بملابسه البيضاء فما كان منه الا ان يلقبه ب Sun shine الشمس المشرقة الذي لازمه هذا اللقب طوال فترة عمله في الشركة، واستمر به الحال في هذه الوظيفة عامين انتقل بعدها الى العمل لدى شركة تنمية نفط عمان في وظيفة افضل وبراتب اعلى.

التحق محمد بوظيفة فاحص التربة Mud tester وهنا بدأ محمد في توسيع مداركه ويهتم بتنمية ذاته من خلال تعلم اللغة الإنجليزية ويسجل الكلمات يوميا ويحفظها واطلق على هذه التجربة * 10 مخابيط* أي 10 كلمات في اليوم يحفظها ثم يطلقها في ممارساته مع الأجانب ويصححوا له نطقا وسياقا.

النهضة العمانية عام ١٩٧٠ واثرها على صن شاين:
وفي عام 1970 وبعد تولى صاحب الجلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراهـ قام بتشجيع العمانيين على المساهمة في نهضة عمان، فما كان من محمد الا ان يستلهم من تلك التوجيهات السامية ويعمل بأقصى جهد وطاقته ليخدم وطنه وسلطانه، وبعد اربع سنوات زار جلالة السلطان قابوس طيب الله ثراه وفي طريق عودته من ظفار جهاز الحفر رقم 4 في حقل شمال غابة ووقع الاختيار على محمد الهنائي أن يلقي خطاب الترحيب امام جلالته والحضور، وكان لذك وقعه الخاص على المسؤولين في الشركة ولفت انظارهم الى محمد الذي اثبت وجوده مما حدى بهم الى تشجيعه ليواصل دراسته.

الشغف بالجمع بين الدراسة والعمل:
في نهاية عام ١٩٧٠ قدم الى جهاز الحفر م. عبدالله اللمكي ليعمل مهندسا للبترول في موقع الحفر 4، واقترح على محمد الهنائي أن ينضم الى الدراسة عن بعد On Line في معهد ICS في بريطانيا ، بهدف دراسة اللغة الإنجليزية والرياضيات من خلال شراء سلسلة تعليمية يذاكرها شخصيا وذلك يمبلغ 43 ريال اقترضها من اللمكي، وفعلا افاد محمد من تلك الدراسة والتي اهلته لمستو اعلى حيث قام رئيسه المباشر بتزكيته للترقية والحاقه بدورة في معهد B T C بميناء الفحل، ومنها اعطي فرصة للذهاب الى بريطانيا مع جملة من رفاقه الذين شجعوه الى الذهاب ومواصلة الدراسة في الهندسة الميكانيكية بعد ان كان يفكر في الاعتذار عنها ليهتم بأمور الاسرة ولعدم وجود معين لهم.

واصل صن شاين دراسته في إنجلترا وحصل على درجة فنية عام 1979م ، وبعدا التحق بدورة حفار مدتها 3 شهور في هولندا مما اهله ان يعين مساعد حفار بعد عودته.

ظل صن شاين في وظيفته كمساعد حفار حتى سبتمبر 1983 وذهب الى هولندا ليحصل على التدريب اللازم للوظيفة مما اهله ان يكون أول حفار عماني في الشركة، وفي عام 1988 تم تأهيله ليكون مشرف حفر او مراقب حفر، وبعد عشر سنوات تم ترقيته الى مهندس أول آبار نفط.

مواصلة الكفاح والطموح:

عمل المهندس محمد الهنائي بكل طاقاته وطموحه ليصل عام 2005 منسق هندسة الآبار لكافة عمليات الشركة شمالا وجنوبا كما تولى مسؤولية الاتصال والتنسيق بزائري أجهزة الحفر من اكاديميين وطلبة وباحثين او مسؤولين حكوميين.

واصل المهندس محمد مشواره العملي في الشركة مترقيا في المناصب المختلفة للشركة، وفي عام ٢٠٠٦وحصل على الدرجة الثانية حين كان مسؤولا عن حقل مبروك ١ ، وطلب منه الموافقة لنقله في مركز وظيفي أعلى في مقر الشركة بميناء الفحل لكنه فضل البقاء في العمل الميداني والاقامة في بسياء وقد قدر المسؤولين في الشركة رغبته والافادة من خدماته في المواقع التابعة للشركة ليكون مسؤولا عن السلامة المهنية ايضا .التقاعد وما بعده:
وفي عام ٢٠١٣ تم احالته للتقاعد وفق انظمة الشركة، وعلى الرغم من ذلك عرض عليه ان يستمر بعقد جديد في الشركة ليقدم حصيلته وخبراته للاجيال القادمة وينهلوا منها واستمر حتى تاريخ ٢٢ يناير ٢٠١٧ م ومنها لبعض الظروف الصحية التي ألمت به قرر الخروج نهائيا من الشركة تاركا خلفه سيرته الخلقية والعلمية والعملية وفق الله الشيخ المهندس محمد بن سالم الهنائي في حياته الاجتماعية ومتعه بالصحة والعافية.
اعد المقال:
د.ماجد بن ناصر المحروقي

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights