إنهم يقولون ما يعرفون
عبير بنت سيف الشبلية
هنا وهناك، تتمايل بين أغصان حديقة بيتهم والأوراق، فجأةً: أرهفت أذنيها لكل حركة في الخارج، اقتربت بخجل من الباب، عيناها تترقب الجانب الآخر.
كانت تتمنى لو أنها الآن بينهم تلعب وتقفز، تحلم كثيراً أنها تمسي وتصبح؛ لتضحك وتجري خلفهم بكل براءة وعفوية. ابتسمت ثم تسللت ببطء إلى الجهة الأخرى من الشارع، حيث أبناء الجيران يلعبون ويتراقصون مثلما يتشاجرون على قطعة حلوى.
هذا المساء، وحيدة أيضاً وبهيئة مختلفة، يبدو السرور حتى في أنغام صوتها المرتفعة بالغناء والألحان العذبة، وكعادتها دائماً، استرقت النظر حيث الصغار غارقون في البهجة واللعب. فكرت بالذهاب معهم، ولا تعلم لماذا اختارت الأرجوحة التي أمام بيتهم؟
تأرجحت قليلاً، ومع الوقت أصبحت مملة، ولم تعد بذاك الإغراء الذي يدفعها للتباهي بها أمام الصغار.
اختارت أن ترسم بإصبعها الدوائر على الأرض، وأحياناً أخرى ترسم الخطوط، أخذت تلفّ حول نفسها، تدور وتدور، كم أنه شعور رائع.
وفي كل مرة ترجع إلى عادتها المثيرة المربكة، لقد كانت تحب استراق النظر إلى أبناء الجيران، حيث يلعبون ويضحكون ويصرخون بصوت عالٍ، ثم يتشاجرون، وبذات اللحظة يتهافتون بكل حماس.
يبدو واضحاً على ملامحها البريئة، كم كانت تتمنى لو أنها تشاركهم المتعة والفرح.
تقدمت منهم، ابتسمت بحنان، إنهم يتنفسون الهواء ذاته، يلعبون وتجمعهم حكايات وأحلام وصور، إنهم يقولون ويشرحون تفاصيل كل ما يعرفون ثم يتوقفون، هيا لنكمل اللعب.