أمانة الإنتخابات ..
عمر بن صالح المجيني
ونحن على أبوابِ انتخاباتِ مجلس الشورى، وهي انتخاباتٌ حيويَّةٌ، ينتظرُ النَّاسُ من أعضائها الكثيرَ، والأملُ بالله تعالى ثُمَّ بمن رشَّحوهم كبيرٌ، وفي كلِّ دورةٍ تتجدَّدُ المطالبُ والآمالُ.
فيا أيُّها النَّاخبونَ، إن من تضييعِ الأمانةِ اختيار غيرِ الكُفءِ.
فإيَّاكم أن تُصوِّتوا لمن لا يستحق أو لمن يدفع المبالغ أو لمصلحةٍ.
كم اشتكينا من نقصِ المرافقِ العامةِ! وكم طالبنا بالخدماتِ الهامَّةِ! وكم تألَّمنا لشوارعِنا المسكينةِ! فجاءَ الوقتُ لتختاروا من يُوصلَ صوتَكم، ويُبدي رأيَكم، فعليكم بالقويِّ الأمينِ، اسألوا عنه، وابحثوا عنه، لمصلحةِ الوطن والمواطن.
وأنت أيُّها المُرشَّحُ، تذكَّرْ أنّ هذه المناصبَ تكليفٌ وليسَت بتشريفٍ؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قُلتُ: يَا رسُولَ الله، أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ القِيَامَةِ خِزيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيهِ فِيهَا». رواه مسلم. ولا تنسى ما قُلتَه في حملتِك الإعلاميَّةِ، {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون}، [الآية: 3 من سورة الصف].
وإيَّاكَ إذا فزتَ أنْ تُعرِضَ بظهرِك لمن رشَّحَكَ، وأنْ تُنكرَ فضلَ من انتَخبَك، وأن تَنشغلَ بالاجتماعاتِ والمناسباتِ عن مطالبِ النَّاسِ، فإن كُنتَ اليومَ مسؤولاً، فغداً ستكون مسؤولاً أمام الله.
عبادَ الله:
إن وطناً كهذا يستحقُّ منَّا الكثير، فيه الأمنُ والأمانُ والاطمئنان، ألا يستحقُّ منَّا أن نختارَ له رجلاً قويَّاً أميناً؟
والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.[ الآية: 27 من سورة الأنفال].
والأمانة تقتضي أن يختار الناخب المرشّح الثقة، العدل، الأمين، المُراعي لحدود الله تعالى والقادر على إدارة المؤسسة وتنظيمها.
أمّا شراء الأصوات وبيع الضمائر، والتصويت لمن يدفع أكثر، فهو من باب خيانة الأمانة، وهذا يؤدي إلى إسناد الأمر إلى غير أهله،ك؛ فعن أبي هريرة قال: بينما النبي ﷺ في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى النبي ﷺ يحدث، فقال: بعض القوم: سمع ما قال، فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه، قال: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال:(إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)-رواه البخاري.
ومن غير اللائق بالناخب والمرشح أن يتعاملا مع قضية الانتخابات بهذا الأسلوب. والتصويت شهادة سيُسأل عنها المرء أمام الله تعالى، قال المولى عز وجل: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}.[الآية 19 من سورة الزخرف].
وشراء الأصوات يندرج تحت الرشوة التي لُعن فيها المعطي والآخذ والواسطة بينهما. أتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم؟
فاتقوا الله عباد الله، وأحسنوا اختيار مرشحكم لتمثيلكم في المجلس.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.