2024
Adsense
مقالات صحفية

فلا نامت أعين الجبناء!

خلفان بن ناصر الرواحي

“حضرتُ كذا وكذا زحفًا في الجاهلية والإسلام، وما في جسدي موضع إلا وفيه طعنة برمح أو ضربة بسيف، وها أنا ذا أموتُ على فراشي، فلا نامت أعين الجبناء”. إنها عبارة مشهورة لسيف الله المسلول، والقائد الذي هز عرش الروم ونصر الله به الإسلام، وناصر في حياته رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ألا وهو خالد بن الوليد -رضي الله عنه وأرضاه-.

فعند قراءتنا لواقعنا اليوم، ومقارنة حال الأمة الإسلامية بحال تلك الصناديد التي جاهدت وضحت، وتحملت ما أصابها من أجل إعلاء الدين الإسلامي الحنيف، وبين حالنا الحالي والوضع القائم في “غزة العزة”؛ فبلا شك نجد تلك العبارة ما زالت مستمرة على ثلة قليلة مرابطة في سبيل الله، وتحملت كل طعنات الغدر من بني جلدتها قبل أن تلطخ دماء الشهداء ببارود الكيان الصهيوني الغاشم عبر أكثر من ٧٥ عامًا، وما زالت تلك الطعنات تتوالى وتتكالب عليهم، وهم صامدون!

نعم، إنهم رجال المقاومة الباسلة بمختلف ألويتها وأحزابها، فهم ما زالوا صامدين في وجه الطعنات السياسية التي تحاك ضدهم من أجل تحقيق غايات سياسية ملوثة بدماء الشهداء الأبرياء التي تعيش في أرض القدس الشريف وكل أرض فلسطين المحتلة، فلا نامت أعين الجبناء بعد ما ذاقت أجسادهم وأرواحهم الطعنات المتوالية التي تساس باسم السياسات المتغطرسة، وبمباركة من بعض قيادات الدول العربية والإسلامية التي تتلون بوجه المكر التي لم يتجرأ في تقمصها حتى قيادات السلطات المحتلة أو من وقف معهم أكثر منهم!
فيا للعار لأمة نامت على الجبن والوهن وضياع الحقوق! ويا للعار على من تربع أمانة السلطة وقيادة الأمة باسم العروبة المشروخة وتناسى مبدأ الدين والأخلاق والقيم الإنسانية!

إن ما يحصل الآن في قطاع غزة من تدمير وتهجير ممنهج؛ لهو وصمة عار في جبين قيادات الأمة الإسلامية التي رضخت وتخاذلت لما يملى عليها من قيادات الغرب الذين يقفون جنبًا إلى جنب وعلى العلن مع بني صهيون، ولا أظن أن ذلك حبًا لهم بقدر ما هو الشعور بالخوف منهم من الهجرة لدولهم! بالإضافة لما يشعرون به من خيبة أملهم في صمود المقاومة الشعبية الباسلة التي تقف لهم بالمرصاد، وتشل أركانهم من حيث لم يحتسبوا، فيقذف الله الرعب في قلوبهم، وترتعد أرواحهم خوفًا من استنهاض الشعوب الإسلامية والعربية التي تعيش وضعها الحالي من القهر والظلم والدمار الممنهج بمباركة الحكومات العربية والإسلامية-إلا من رحم الله- ويتكتم إما خوفًا على نفسه، أو خوفًا من تكالب المارقين عليه الذين يكيلون بمكيالين- الغدر والبراءة الكاذبة-.

إن كلمات سيدنا خالد بن الوليد التي ارتفع بها صوته قبيل رحيله وهو على فراش الموت؛ لهي خير برهان على عظمة التضحيات، وتترجم لنا وتنقل مدى عظمة أمثال هؤلاء العظماء، وإني لأرى تلك التجليات واضحة في رجال المقاومة الباسلة اليوم، وأن المسافات بيننا وبينهم شاسعة؛ فماذا نفعل وقد اتسع الخرق على الراتق؟!. قال تعالى في سورة الأحزاب:{مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)}.

فلا نامت أعين الجبناء، وليكن النصر والتمكين للمرابطين ودينه الإسلامي القويم بحول الله تعالى وعزته.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights