غدا لنا أنفاس أخرى
شريفة بنت راشد القطيطية
لن أجد السعادة وإن كانت مزيفة، فقط سأكون على عتبة الانتظار حقيبة مهملة، أو بعض فتات خبز عافه الطير وشق على النمل حمله، لن تكون لدي أحواض أسماك أتعلم منها الصيد، ولن تأتي إلي الأيام بحقول الياسمين في صيفك المتمرد ،حتى وإن كنت أحب الصيف وأحب التمرد، وستأتي كل النساء خفية تعاقبنني على سرقة رجالهن حتى وإن لم يكن لي ذنب في ذلك، وسيأتي تموز ليدخلني المشنقة التي أعدها قبل انتهاء العدة، وسأكون أرملته التي خاضت حربا معه وقضيت عليه.
السعادة كتاريخ الميلاد مجرد إشعار على وجودك، أنت تقسم الكون أجزاء وتوقع علاقاتك بالنجوم، وتحظى بقوس الهلال وحدك دون غيرك، ولا تشملك خطوط الطول ودوائر العرض؛ لأنك غير مرئي للوهم، متعامد مع المحيط لأقرب نقطة، متعلق بالأبراج والأرواح، ولا تهتم لنفسك حين يدنو منها النقاء ويقترب إليها الأمل، السعادة أن تزرع أقحوانا في منتصف البكاء، وأن توزع الدموع على بحيرات العالم ليستقر نبضها، وأن تشتري من الليل الهدوء، وتعد للغد أنفاسا أجمل.
ستختبئ الأنفاس المعطلة خلف ظهرك، ويولد طهر آخر داخلك يجعلك القيصر الذي يُهاب وقبيلة ذئاب تسد عين الشمس، وتعمر خلايا السعادة ورودا حمراء، سترسم من الأحزان أشجار كرز تنتظر القطوف، وستطوف خطواتك واثقة من غد ليس ببعيد، يعد لك عطر الياسمين في شرفات قلبك، وستكون أكثر دقة لصداقة الأطياف المرحة التي تغمس القهر في سراديب الأزقة، وستنتصر الأنفاس مليئة بالرحابة والحبور.
ستأتي السعادة تمشي على أطراف أصابعها لتصافحك وتأخذك في نزهة ذات طابع مذهل من رقائق الوله، وعناقيد التعلق بالغد، ولن تدعك تتصل بمن حالفهم الحظ مع نساء أكثر خبثا، ولن أسأل مجددا ماذا صنعت بك الأيام؟، وما القرصنة التي حلت بك وأبعدتك عن مسار أنفاسي؟
سيكون لي توهج آخر، وأنفاس أخرى تذهب البأس وترد العافية التي ظلت طويلا تنتظرك تحت سقف الترقب، تقرأ الأذكار ليل مساء، حتى هدأ القلب وعاد مغتربا لا يذكر منكم أيا كان، كان لا بد التوصل لنفس عقيم لا يثمر ولها، ولا يترك أثرا، ولا يعبر شوقا، ولا يصمم تنهيدة!، كأنه خدج أثار البقاء، وعود الأنفاس على القتال، وانتصر حياة أخرى.