سمائل تحتضن ملتقى المدربين القدامى في جيش الإمارات
كتب / طالب المقبالي
احتضنت ولاية سمائل بمحافظة الداخلية ملتقى المدربين القدامى في جيش دولة الإمارات العربية الشقيقة ، في لقاء يتمتع بالخصوصية، ويحمل في مضمونه طابعاً ثقافياً واجتماعياً وإنسانياً .
الحدث كان يوم الجمعة الثاني من يونيو 2023م في ولاية سمائل الفيحاء ، تلك الأرض التي يرقد على ترابها الصحابي الجليل مازن بن غضوبة رضي الله عنه وأرضاه ، حيث كان أول من أسلم من أهل عمان.
والحضور ما يربو على السبعين شخصاً أو يزيد.
فاللقاء ضم لفيفاً من القادة العسكريين والمدربين الذين عملوا في جيش دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ، وكان لهم الفضل الأكبر في تدريب وتخريج دفعات من هذا الجيش.
وكانوا يمثلون جميع محافظات سلطنة عمان ، وقد قطعوا مئات الأميال لحضور هذا اللقاء الحميمي.
وقد كنت من بين ضيوف الشرف الذين حضروا تلك الفعالية، حيث تلقيت دعوة كريمة من الشيخ والأديب والشاعر ناصر بن سعيد الرواحي مؤسس كلية سمائل للعلوم والصناعة في الديار الإفريقية ، وتحديداً في (بيمبا) والتي تعرف بالجزيرة الخضراء، وهي الجزيرة الثانية من أرخبيل زنجبار الواقع قبالة الساحل الشرقي لإفريقيا المطل على المحيط الهندي.
كما كان من بين المدعوين كضيوف شرف الشيخ والشاعر والأستاذ الأكاديمي الدكتور علي بن هلال العبري، وكذلك الشاعر الكبير سالم بن علي الكلباني.
يعتبر هذا اللقاء حميمياً بامتياز لما يتمتع به من ترابط إنساني جمع هؤلاء النخبة الذين عاشوا أعتى الأوقات وقسوتها في الظروف العسكرية في الصحاري والقفار ، وتكبدوا المشاق والمخاطر التي يتعرض لها العسكريون في العمل ، واللقاء بالإضافة إلى أنه حميمي وتذكاري ، إلا أنه يحمل طابعاً ثقافياً واجتماعياً وإنسانياً.
فالبرنامج بدأ في الساعات الأولى من الصباح ، وكان الاجتماع في المجلس العام بقرية الشراة ، حيث تناول الجميع وجبة الإفطار ثم القهوة العمانية ، ثم زيارة ضريح الصحابي الجليل مازن بن غضوبة ، ثم زيارة مسجد الصحابي الجليل مازن بن غضوبة والصلاة به ركعتين تحية للمسجد.
ثم بعد ذلك التوجه إلى جامع الشراة لأداء صلاة الجمعة ، ثم تناول وجبة الغداء في رحاب المجلس .
ثم بعد ذلك بدأت الفعالية الثقافية التي ألقى في بدايتها الشيخ ناصر بن سعيد الرواحي عراب هذا التجمع المبارك كلمة رحب فيها بضيوف اليوم وزملاء الأمس ، ثم أعطى بعد ذلك الكلمة للشيخ والشاعر والأستاذ الأكاديمي الدكتور علي بن هلال العبري، الذي ألقى كلمة أثنى فيها على هذا التجمع المبارك ، ثم ألقى مجموعة من القصائد المعبرة ، كما ألقى الشاعر الكبير سالم بن علي الكلباني قصيدة جميلة نالت استحسان الجميع .
كذلك ألقى الشيخ سعيد الذهلي من ولاية لوى قصائد منوعة.
عقب ذلك تناول الشيخ ناصر بن سعيد الرواحي مكبر الصوت وصدح بقصائده المعبرة والتي تتغنى إحداها بولاية سمائل وبالجزيرة الخضراء ، أما القصيدة الثانية والتي أرفق نصها في هذا المقال فإنها تحمل ذكريات الرحلة القديمة ، رحلة العمل العسكري ، ورحلة المعاناة ، كما تحمل بين أبياتها فناً من فنون المعرفة ، حيث تحمل أسئلة وألغازاً في تلك الحقبة من الزمن ، وفي زملاء الأمس وما تميزوا بها من قصص ، وكانت موجهة للحضور بحيث يحصل كل فائز على هدية تذكارية .
لقد كان يوماً مميزاً يوماً حافلاً بالمشاعر الإنسانية الجميلة ، فكم تمنيت لو كنا نجد بعد تقاعدنا مثل هذه الصحبة.
لقد تركنا العمل ونسينا أصحاب الأمس .
ومن بين القصائد التي ألقيت قصيدة الشاعر سالم بن علي الكلباني الذي قال فيها :
لقاء بطعم الذكريات مطعـــم
وبالشوق والود المعتق مفعم
لقاء ومـا أحلى وأروع هكـذا
لقاء بـــه أرواحـــنا تتنـــــعم
لقاء أراد الله للمكرمـــات أن
يتوجها منه النـــدى والتكرم
وألقى عليه لطفـه وســخاءه
فأبدع فيه كيف شاء المنظم
رفاق على درب الجهاد ترافقـــوا
إلى غاية أسمى وساروا وصمموا
وشطت بهم عن بعضهم سنواتهم
قضـــوها وكل بالصــحاب متيــم
تباعــدت الأجساد منهم بمقتضى
حيــاة بني الإنسان أيان ترســــم
ولم تبعد الأرواح عن حب بعضها
فرابط أهل الفضل بالروح يحـكم
وقد نالت الفيحاء فضل اجتماعهم
وطبــع بني الفيحاء بالجود مغــرم
فأهـــلا وســهلا في ضيافـــة ناصر
يباشــــركم منـــه النــــدى والتبسم
ومن تلك القصائد قصيدة اللقاء التي ألقاها الشيخ ناصر والتي تحمل بين أبياتها خليطا بين الحنين والذكريات والألغاز ، تقول القصيدة :
أقـــول للجـــمع أهـــلا حينا نزلوا
ومــــرحبا لكــــم فــي قلبنا نــزل
جئتم إلينا كأن الصــبح يمنــــحنا
غصناً من الورد أو عقداً به جــمل
يسابق الفجـر عصـفور الهــنا طَرِباً
من مبسم الثغر ترحيباً بمن وصلوا
تزهو بكــم في مــراقي العـز ألفتنا
وفي ســـمائل مـــزن الشـعر ينهمل
ســـمائل في عيـون الدهر جوهرة
أو أنها غــادة تـــزهـــو بهـــا الحلل
يا دار مـــازن والآثــــار تمنحـــــنا
عـــز المفاخـــر حيث النور والأمل
ودي إليك وودي فـــيك تجمعــــه
ذكــرى الأبـــوة (أطواداً لنا المثل)
عــهدي إليك وعــهدي فيك مقلمة
لأحــرف النـور تجري دونها السبل
يا عين طسين والبستان يمنــحها
لوناً أنيقاً بفعـــــل الودق تنتــــهل
رحلت عـــنك إلــــى دار بها أمــل
دار القـــرنفل تأكــــيداً لمن رحلوا
حتى وضعت شعاري منك أحسبه
ضرباً من العشق بالأشجان يشتمل
وقطب عشقي فيك الدهر أمـــهره
زنـــد وقلب وما فــي قــولنا خطل
تناقـــل الناس إرهاقي ومخمصتي
هــل يلزم الصب أيمان لمن جـذلوا
أكـــرم بمــن كان معـــواناً لجمـعتنا
يا عين سحـــرة ما الجــمار والطلل
ســقت جـــوانح أشـجاني مودتكم
والناس فـي الود أعـوان لمن بذلوا
لله أنتـــم وهـــذا الشأن يجمــــعنا
مـن عهد ديبـوت تلقيناً لمن جهلـوا
هــذا يـــدرب هـــذا فـــي مظلــته
ويجعـــل البنــدق المحشو يشتعل
وآخــــر يتمشــــى مشـــية أســـدا
كابن مســـعود تأهــيلا لمن وصلوا
ويضـــرب الأرض أطناناً بأخمصـه
ويرســم السـير من خطواته المثل
يقـــول عشـــر هنا من بعد أربعــة
خــطاً حــثاثا لـها في سعيها زجل
وابن الغــريب لمفهـوم القتال أتى
فناً عجيبا بحـــفظ الدرس يكتمل
تلك المـــهارات للميـــدان ينسبـها
وجـــوهر العلــم للإنسان مقتـــبل
وفي الجناحين ميدان إذ ازدحمت
عــند البطي وعندي سالـــم البطل
وفــي السويحان أسراب لخنفسها
رفيقنا الضـــب والثعـــبان والرول
تزجـــي تحـــية أقــــراني مجددة
إشــراقة الشمس والمريخ أو زحل
يبقيكــم الله فـي رحمى وعــافية
كل الدهـــور وأنتـــم سادة كُــــمُل
فكاتب العــــد مخـــتوم على يـده
من بعــد عشر وعشر بعدها نصــل
عشـــرون عامـاً فعاماً أُختها ولدت
هـــــذا التجــــمع تأكـــــيداً لنا أزل
هـــنا فيالق أشعـــاري لكــم وقفت
تاهـــية العـــرض والسياف يختتل
بقي أن نعطي لمحة عن كلية سمائل للعلوم والصناعة التي أنشأها الشيخ ناصر بن سعيد الرواحي في الجزيرة الخضراء والتي تحمل اسم الوطن الذي ولد ونشأ وترعرع فيه حتى يبقى اسم سمائل حاضراً في كل زمان ومكان .
والكلية افتتحت عام 2018م، وبها طاقم من المعلمين والإداريين بلغ 35 فرداً ، بينما بلغ عدد الطلاب 300 طالب ، وتضم الكلية تخصصات في التجارة والإدارة، وعلوم الحاسوب، وكذلك المرحلة التأهيلية، إضافة إلى القسم الصناعي والمختص في تعليم طلاب الفن الصناعي في أمور اللحام وغيره، وتحوير الحديد إلى منتج، منها صناعة العربات، وأنابيب التفريغ الهوائي للمصانع الكبرى، وغيرها من الصناعات.