ومضات
أنيسة بنت رزيق الرحبية
العزلة.
العزلة لا تعني الجلوس على انفراد، ولكن:
أن تدور بداخلك أحاديث متنوعة، بعضها تأنيب ضمير، ووقفات شكر، ولكن:
ماذا لو كانت عزلتنا من الآن وصاعداً مختلفة؟!
مميزة، بل مريحة وآمنة.
العزلة هنا وإن طالت، ستنسى أنك كنت في عزلة.
دعونا نبدأ في خلطة سحرية، لتكون كل عزلة، محطة بناء جديدة.
ماذا لو كانت عزلتنا آيات طيبة لمتأملين؟
ماذا لو كانت وقفاتٌ لبعض الآيات؟
تعالوا نبدأها بأقرب الآيات إلى قلبي، وهذا لا يعني نقصاً؛ حاشاه ربي، ما خلق القرآن باطلاً، ولكن قلبي تعلّق ببعض آياته وشرب من قربها واطمأنّ.
ولا يخفى على أحد أن القرآن الكريم مليء بالطبطبة، بالجمال الذي يعلمنا أن لا نقلق ولا نحزن، وكل آيات ربي منبع هدوء واطمئنان.
وأما أقرب الآيات لقلب أنيسة ما هي إلا ارتواء بعد العطش، في عزلتها تجد آيات ربها سلسبيلاً يداوي الدواخل.
{وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} المطففين، الآية 26، الأولى، حيث تعطيني حافزاً لسباق شريف، لهمّة لا بدّ أن توقد، أيّ تنافس هنا وأيّ حماس؟ لعب؟ مباراة؟
لا وألف لا، سباقٌ وتنافسٌ على الخير، على الأمان، وعلى الإيمان.
{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يونس، الآية 10، هذه الآية دائماً ما تجعلني أوقن بالنهايات الجميلة، وإن كان طريقها شائكا ومتعبا، أرددها حين أنهي كل شيء وإن كانت طبخة لم تُضبط، أو مشروعا لم يكمل، ولكن حين أرددها أشعر بأن هذا ما عليّ والله هو من يراني.
{قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ} طه، الآية 36، يالله! كم تشعرني هذه الآية بأن لا أقلق ولا أخاف، فربي سيؤتيني مثلما آتى موسى.
{لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} الأنبياء، الآية 3، هنا أتذكر بأن الدنيا ألهتني، أبعدتني وضيّعتني، فأعود بعدها ململمة ذاتي وكلّي، لأرجع لربٍّ كريم، غفور حليم.
آيات ربي، سبحان الله، كلها قريبة لقلب المؤمن، وكلها تلامس حياته وواقعه.
فإن حصرتها، فقد حصرت ما يحضرني الآن، ويبقى القرآن وآياته لنا الوداد والآمان.
من تعلق قلبه بالقرآن يا رفاق، سيجد كل الآيات تعلقت به، وربطها بواقعه وحياته.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك.
واجعل القرآن ربيع القلوب، مداويا الجروح، شافعا وأنيسا، يا الله يا الله.